ندوة تكريمية لسوف عبيد

الصديق الشاعر صالح الطرابلسي كتب  مشكورا على صفحته ما يلي وقد أحضر معه مجموعني الشعرية الأولى التي أهديتها له سنة صدورها 1980 :

حضرنا يوم الاربعاء 3 مارس بالمكتبة المغاربية ببن عروس أمسية ثقافية شـيّقة أعــدّتها جــمعيّة أحبّاء المكتـبة و الكتاب بإشراف الأخت فتحيّة شعبان مديرة المكتبة و رئـيسة الجـمعيّة احتـفاء بتكريم الشاعر سوف عبيد بحضور جمع من الأدباء و الشعراء أصدقاء و صديقات الشاعر المحتفى به.
و قد ترأّس الجلسة التكريميّة الكاتب و الصحفي محمّد بن رجب و تداول على تقديم الشاعر المكرّم كلّ من الشّعراء سنية عبد اللّـطيف ومنير الـوسلاتي وجـلال المخ وقد تناول كل واحد منهم بالتّحليل جانبا من جوانب التّجربة الشعرية للشاعر المحتفى به و التي تمتدّ على مدى أكثر من50 سنة و على مدى أكثر من 8 مجموعات شعرية بالإضافة إلى الدراسات .
المسيرة الشعرية للشاعر سوف عبيد تعتبر بصمة مميّزة في المدوّنة الشّعرية التونسيّة لما تتفرّد به من خصوصيّات .
فهو يمثّـل الجـيل الأوّل ما بـعد الطّليعةو الـذي حـاول عـبر “قصيدة النثر” أن يرتفع بالواقعيّة الطليعيّة إلى مستوى أعـمق شعريّة و أفسح رؤى بشيء من الجرأة الحداثيّة التي كانت بمثابة المغامرة الـتي أنشأ به”جناحا خارج السّرب” بشعريّة تذهب في اتّجاه معاكس لـ”واقعيّةباهـتة”أثـبتت عجزها عن النفاذ إلى أدقّ الحالات و المشاهد ليلتجأ حسب الناقد مصـطفى الكيلاني إلى”سرياليّة”ذاتيّة تسقط الحدود الفاصلة بين الواقع و رؤيا الواقع،فإذا “الأرض عطشى”تبشر بقصيدة النثر وبالقصيدة البرقيّةنصّا يتّخذ “الناس و الأرض لغته”. يقول في نصّ بعنوان “الورقة” من مجموعته “جناح خارج السّرب” :
تعلّمت القراءة و الكتابة/صار القلم جسدي/
الناس و الأرض لغتي” (ص 52)
لقد جعل الشاعر من النّـثـر بلاغـة تنحت شعريّة النّصّ تتداعى فيها اللغة سردا شعريّا يمثل إيقاعا ضمن إيقاع الصّـورة و الـرّؤيا الـمشهـديّة في جماليّة تستوحي من كلّ الفنون في حداثة تحتفل بالأشياء و تفاصيل الوجود المادي و تصوّر حالات الـتّوتّر والطّمأنينة داخل الذّات. فالمعنى يكتشف بقراءة الصّورة بقطع النظر عن اللفظة ، كما أنّ الـرّؤيا تـستخلص من كل التّفاصيل التي تذهب آنا إلى أبعـاد غارقة في الأنا وقد تـذهب آونة أخرى إلـى أبعاد جمعيّة تطلّ على أشجان الوطن وعلى أشجان العالم فإذا بالنص الشعري ينبض بالحياة والشعرية تستجلي الواقع بكل وقائعه
وقد امتع الفنان عباس المقدم الحاضرين بمداخلتين موسيقيتين مرددا بصوته الرخيم انغام قصائده الرائعة شعرا و لحنا…

* وكتبت الأديبة سونيا عبد اللطيف على  صفحتها  أيضا :

بتاريخ مساء الأربعاء 03 /03 /2021 كان تكريم الشاعر المبدع سوف عبيد بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية في المكتبة المغاربية ببن عروس وبدعوة من أمينتها الأستاذة فتحية شعبان الكريمة والناشطة في الحقل الأدبي والتي تسعى دوما إلى تثمين جهود الأدباء والشعراء الكبار الذين ناضلوا في هذا الحقل وقدموا وأضافوا ومازالوا يضيفون دون انتظار مقابل من وزارة او مندوبية لأن شعارهم الحفاظ على لغتنا العربية والرقي بالأخلاق والقيم من خلال تلك الإنجازات الأدبية وتعذيب ذائقة المتلقي وتشريكه في تناول الكلمة كتابة وقراءة ونقدا وتجديدا.. وكان لي بالمناسبة مداخلة بعنوان الطفولة والإنسانية في أعمال سوف عبيد الإبداعية وقد ركزت على سيرته الذاتيه التي أعطاها عنوان بصمات وخطوات وهي محطات متخلفة من حياته (اكثر من عشرين مقالة تحدث فيها عن طفولته والبيئة التي ولد فيها وتربى لمدة ست سنوات وهي غمراسن بالجنوب التونسي.. وجانب من علاقاته مع الآخرين الاهل والأقارب والأصحاب والامكنة والازمنة..) في ديوانه الذي صدر سنة 2017 عن اتحاد الكتاب التونسيين مشكورين، المداخلة الثانية للشاعر المتألق منير وسلاتي الذي اكتشفنا أنه ناقدا جيدا فهو أتى على كل الأضواء والألوان في مجموعة الأرض عطشى وهي أول أعمال الشاعر سوف عبيد وصدرت سنة 1980 وقد ركز خاصة على قصيدة البدء… المداخلة الثالثة للاديب المبدع الهادئ جلال المخ تناول فيه مسيرة الشاعر الادبية ورحلته مع الشعر وأعماله وعلاقته مع قصيدة حورية الموج التي جاءت في مجموعة صديد الروح على ما اظن وكان تحليلها ونقدا ذكيا تدل على الخبرة والفطنة.. وبين هذا وذاك ترأس الجلسة الاعلامي البشوش الغني عن التعريف صديق كل المبدعين وقد واكبهم منذ السبعينات او حتى قبل الأستاذ محمد بن رجب وقد تفاجأنا بمداخلتين موسيقيتين للفنان عباس المقدم إذ غنى بصوته الشجي اغنيتين لحنهما من إبداعات الضيف الشاعر سوف عبيد… ثم أعطيت الكلمة للشاعر سوف عبيد فقرا قصيدتي البرنس والشهر التاسع.. وزاحم الوقت الجميع فختم الاستاذ محمد بن رجب الأمسية بدعوة الأستاذة فتحية شعبان لتتولى تكريم الضيف بهدية رمزية باقة ورود جميلة وزيتون مباركة من الفضة وشهادة تقدير وتقدير داعين له بمزيد الإبداع والصحة وطول العمر
فشكرا لكل الشعراء والكتاب والاصدقاء على حضورهم ومشاركة الضيف فرحته في هذا الجو العائلي البهيج البعيد عن البروتوكولات…. ولا اقصد بها البروتوكول الصحي فذلك متوفر وشرط من شروط اللقاء.. ومرة أخرى تحية كبيرة لتلك المرأة المجتهدة الأستاذة فتحية بن شعبان على كرمها وحسن الضيافة و الاستقبال…

** وكتب الصديق محمد بن رجب على صفخته كذلك ما يلي :

في بن عروس :
تكريم الشاعر سوف عبيد في جلسة أدبية متميزة
بمناسبة اليوم العربي للغة العربية…………
…………..
علاقتي بالشاعر سوف عبيد لها تاريخ طويل تعود إلى أكثر من خمسين سنة.كانت زاخرة بالعمل الثقافي والنشاط الأدبي والإبداعات الشعرية.. فإن كنت شخصيا قد بدأت في مطلع السبعينيات بكتابة الشعر والقصة والنقد ثم توقفت عن كتابة الشعر والقصص
إذ التحقت بالصحافة فإن سوف عبيد انخرط في عالم الشعر. كتابة وبحثا.. غرق في* بحور * الكتابات الشعرية الحديثة.. وعاش كل اطوار الشعر بحب وتفان وجرب كل أنواعه من أجل كلمة جديدة. ورؤية حديثة للشعر مع المحافظة على التدريس طبعا.. فهو استاذ اللغة العربية و عمل في عدد من المعاهد الثانوية في مناطق مختلفة من البلاد..وانتم بشكل أو بآخر في حركة الطليعة الأدبية التي عرفتها تونس في نهايات الستينيات وبداية السبعينيات.. وتعمق في النضالات الفكرية بالكتابة الشعرية الحديثة والنجريب المتواصل من أجل تطوير التجربةالحضارية الإنسانية
وفي الثناء كان يكتب المقالة ويشارك في الندوات والملتقيات والمهرجانات بل بعضها هو الذي ينظمها او يبعثها الى الوجود لاثراء الساحة الثقافية. ولم ينفك ينشر المجموعات الشعرية بعد أن يكون قد نشر قصائدها في جل الصحف والمجلات في تونس.. الي ان بلغت مجموعاته أثني عشرة مجموعة باسماء وعناوين تقطر شعرا..
وقبل بضعة سنوات نشر ديوانه جمع فيها كل أعماله الشعرية.. وطبعا لا يعني ذلك انه لن يكتب الشعر و سيسكت…. ابدا فإن من يعرف هذا الرجل يكون متأكدا من أنه سيواصل الكتابة الشعرية والنشاط الأدبي والدراسات التي نشر البعض منها في كتب.. آخرها كتاب* الضفة الثالثة *التي جمع فيها بعض ما نشر في الجرائد من مقالات ودراسات في شتى فروع الثقافة والأدب.. فقلم سوف عبيد لا يتوقف عن الصرير.. لأن قلبه معطاء وعقله مؤسسة بحالها من الإنتاج والتفكير في كل مجالات الحياة…
اذكر كل ذلك دون أن انسى ان شاعرنا رجل جمعيات.. لا يهدأ من التاسيس والانتماء الى جمعيات شريكة في الحياة العامة وخاصة في الحياة الأدبية والثقافية وهو من سنوات عديدة عضو نشيط بجمعية ابن عرفة مع الإشراف المباشر عليها.. وجعلها منارة من منارات العطاد الثقافي في تونس من خلال مقرها المشع من قلب مدبنة تونس العتيقة الي جانب جامع الزيتونة المعمور……….
ولأني أعرف الشاعر سوف عبيد بدقة منذ البدايات والي اليوم.. وكنت كتبت عن بعض أعماله واوردته في عدة كتابات.وتابعت حياته بكل تفاصيلها.. وأحببت شعره المتجدد. على مدى نصف قرن فلا غرابة اذن أن أكون رئيس جلسة تكريميّة خصصتها له المكتبةالمغاربية ببن عروس بمناسبة اليوم العربي اللغة العربية.. وفي نطاق اهتمام هذه المكتبة بتكريم كبار الادباء والعلماء في تونس فهذه المكتبة دار ثقافة مشرقة.. وقد تمكنت مديرتها السيدة فتحية شعبان أيقونة ثقافية تشد الناظرين من أهل الثقافة والفنون…
وقد ساهم في هذه الجلسة التكريمية التي كانت رائعة عدد من النقاد والمبدعين.. وهم الأستاذة سونيا عبد اللطيف وهي شاعرة وناقدة ومنشطة ثقافية.. و الأستاذ منير الوسلاتي وهوشاعر وناقدومنشط ثقافي والأستاذجلال المخ وهو باحث وكاتب واديب ومنشط
ثقافي..
وحضر الندوة جمهور مهم من الشعراء والأدباء والأستاذة الجامعيين والباحثين هو جمهور معتبر.. أضفى على فضاء المكتبة جوا متميزا وعلى الندوة الكثير من الفرح…
وفي غمرة هذا الفرح كانت هناك لحظات من المتعة مع الفنان عباس المقدم صاحب صوت شجي وعمق شاعري إذ أدي أغنيتين من شعر الصديق سوف عبيد تولي تلحينهما بروح فنان محب للشعر الجميل الذي لم يعد في أصله للغناء …
وكانت المراوحة الأخيرة التي إختتمنا بها الجلسة الممتعة مع الفن الراقي المعتق مع الفنانة الشاعرة منى بلحاج التي تعودنا على صوتها في الندوات وفي المناسبات الجميلة حيث تشنف آذان الجمهور بصوتها الغني بعمق التراث الغنائي العربي الأصيل والغناء التونسي القديم المتجدد..
ولا بد من التأكيد أن الجلسة التعريفية والنقدية عن الشاعر سوف عبيد كانت متميزة هي أيضا..
فالاستاذة سونيا عبد اللطيف تناولت بعض اشعار سوف عبيد للتوقف عند بعض محطات من طفولته منذ ولادته في أقصى الجنوب الغربي التونسي.. مع إشارات الي لحظات من نشاته وتربيته.وتعليمه.. مسشهدة ببعض أقوال الشاعر.. وبعض مقتطفات من مواقفه المستمدة من الذاكرة.. ومن عائلته بالجنوب ونقلته الي العاصمة..وطبعا بصفتها مربية فانها بحثت طويلا في ما تلقاه سوف عبيد من مبادئ التربية في العائلة وفي المدرسة..
أما الأستاذ منير الوسلاتي فإنه قدم دراسة عن أول مجموعة شعرية أصدرها سوف عبيد بعنوان *العرض عطشى * التي جاءت في كتاب صغير الحجم صدرت عام 1980.. بعد أن تحدث من الذاكرة عن أول لقاء بسوف عبيد.. وكانت لحظات ممتعة معه إذ اكتشف ساعرا.. وتعرف على انسان جميل..
وبما أنه كتب عن أول لقاء بالشاعر.. اذن اختار أن يتحدث عن أول مجموعة له.. اي انه بحسه الشعري عرف كيف يدخل الجمهور من الأبواب الأولى لتجربة الشاعر الأدبية والشرعية والثقافية.. ورأي أن يبحث من خلال قراءته لبدايات سوف عبيد التي مكنته من الوقوف عند الأفق الجمالي لمجموعة الأرض عطشى في سياق افقها الأدبي واللغوي ولكن بعلاقة مع الافق الفكري والتجربة الحياتية للمؤلف..
في حين أن الأستاذ جلال المخ قدم نبذة من حياة سوف عبيد بتفاصيل ضافية وتدرج بنا لحظة بلحظة الي كتاب *الضفة الثالثة * الذي قدمه تقديمها ضافيا.. وتوقف عند دراسة سوف للمعارضات الشعرية العربية
الشهيرة لقصيدة الحصري* يا ليل الصب متى غده*… وفاجأنا الأستاذ جلال بأن سوف عبيد صاغ معارض لقصيدة الشهيرة الحصري لكن الحياء الذي يتميز به جعله لا يستعرضهارضمن دراسته في حين انها تستحق الذكر والإهتمام وليست من الكتابات العاربة.. وهو يفعل ذلك رغم أنه هو الآخر معروف بالشعر الحديث وبالنثر الشعري…
وفي نهاية هذه الجلسة إستمتعنا بقصيدة البرنس وقصيدة الشهر التاسع.. من إلقاء الشاعر سوف عبيد الضيف والمحتفي به… وهذه الخاتمة الفرحة ازدادت بها سعادة الحاضرين.. الذين جاؤوا خصيصا لتكريم الأديب والشاعر والناقد والمربي سوف عبيد…