الأرشيفات الشهرية: أكتوبر 2019

نادي الإصدارات الجديدة

نادي الإصدارات الجديدة بجمعية اِبن عرفة الثقافية بالسليمانية قرب جامع الزيتونة بتونس المدينة يهتم بالإصدارات الجديدة في الأدب والفكر والفنون والعلوم للتعريف بها وبأصحابها ويجتمع يوم السبت الأول من كل شهر على الساعة الثالثة بعد الزوال وستنعقد الجلسة الأولى يوم السبت 5 أكتوبر 2019 فمرحبا بأحبّاء الكلمة والثقافة .

متابعة قراءة نادي الإصدارات الجديدة

آخرُ ما قرأتُ

ما فتئت حركة النشر في تونس في نشاط حثيث رغم تحديات غلاء مواد الطباعة ومصاعب التوزيع وقد انبرت في السنوات الأخيرة دور نشر جديدة حملت على عاتقها مساعدة الأدباء والشعراء والجامعيين لإبلاغ نصوصهم وأعمالهم وإخراجها من غياهب رفوف مكاتبهم إلى واجهات المكتبات لتكون في متناول القراء .

 – 1 –

من هذه الدور الجديدة التي تشجع على الكتابة وتحترم حقوق التأليف وتضمن كرامة الكاتب دار اتحاد الكتاب التونسيين للنشر فقد أصدرت هذا الأسبوع كتابا بعنوان – الميداني بن صالح إنسانا ومبدعا – وهو مجموع المقالات التي شارك بها النقاد بمناسبة الندوة التي انتظمت لدراسة الشاعر سنة 2016 وهي :

 

– التجربة الشعرية عند الميداني بن صالح لفوزية الصفار الزاوق

– دلالات الأنثى الرمزية في شعر الميداني بن صالح لمنجية التومي

– قرط أمي- بنيةوإيقاع فرادة وإبداع لمحمد الدلال

– من كتابة السيرة إلى سيرة الكتابة لعبد المجيد البحري

وإن هذه المباحث جميعا تؤكد القيمة الإبداعية للشاعر التونسي الميداني بن صالح بما يتميز نصّه الشعري من بصمات خاصة به أعتبرها إضافة نوعية في مسار الشّعر العربي كما ورد في المقدمة التي نشرّفت بكتابتها لهذا الكتاب المُهم حول الشاعر الميداني بن صالح

 

 

– 2 –
للهدير وقع خطى – ذلك هو عنوان المجموعة  الشعرية الرابعة للشاعر بوراوي بعرون الصادرة عن دار يافا – وكان الشاعر قد بدأ النشر بعد سنوات -طويلة من المكابدة الشعرية بمجموعة شعرية أولى هي تراتيل البوح ( 2016) ثم أردفها ثانية بعنوان ضفاف المرايا (2017 )و بعدهما ظهرت له مجموعة ثالثة هي موج النّخل( 2018 ) وقد اِكتسب في قصائده الأخيرة خصائصة الإبداعية من حيث المعاني  والأساليب مستفيدا من منجزات الحركات الشعرية في تونس وفي غيرها من البلاد العربية ففي كثير من نصوصه نلاحظ صداها لكنه في نصوصه الأخرى نقف بوضوح على محاولاته الجادة للإضافة  والتميز مثلما يبدو بوضوح في قصيدته  ذاكرة ملحمة الأرصفة حيث سجل فيه يوم الثورة التونسية 14 جانفي 2011 فعاد بتاريخ تونس القديم وبمختلف رموزه إلى هذا اليوم الذي شهد أكبر تجمع جماهيري تونسي للمطالبة برحيل الرئيس وتغيير النظام وقد جعل الشاعر من نفسه شاهدا على وقائع ذلك اليوم ومساهما في تحركاته ومستبطنا الشخصيات التاريخية ومحاورا مختلف الأطروحات التي سادت بين المتظاهرين كأنه كان يحمل الكاميرا بيد والميكروفون بيد أخرى وكأنه يسترجع فصول تاريخ تونس مرة وينقل مباشرة الحركة في  الشارع الحبيب بورقيبة الذي شهد تجمّعا جماهيريا ثائرة مثل قوله عند مخاطبته ابن  خلدون ثم يعود إلى وقائع ذلك اليوم المشهود
هل تعلم أن ابن خلدون
على وزن بعل حمّون
هل تعلم أن تمثالك صار
روح الشارع
وجهه المقدس يحرسه الجند
صباح مساء
كتابك المحفوظ بين يديك
متحف للذاكرة
لوحك آية نظر وتحقيق
وترحالك ملاحم نادرة
كيف واجهت المغول هناك
كيف حاورتهم
وبماذا أقنعتهم
كل البلاد التي حللت بها
تذكرك وتتبناك
هلا تواضعت
وقبلت كأس شاي
في مقهى لونيفار
النقاش صار عنيفا
ها أنك تطلب الهاتف
أراك تدون أرقاما
ثم تنهض وتبتعد
من تراك تهاتف بين الأشجار
تتداخل إذن شخصية ابن خلدون بشخصية الشاعر  مع رموز تونسية وإنسانية أخرى كما في هذا السياق من القصيدة وفي سياقات أخرى أيضا فتزول الحواجز الزمانية والأبعاد المكانية وتنصهر الشخصيات والوقائع التاريخية لتنصهر في القصيدة التي تصبح نهرا كبيرا تصب فيه مختلف
. الروافد والجداول
قصيدة بوراوي بعرون – ذاكرة ملحمة الأرصفة – لئن استلهمها من ذلك اليوم التاريخي في تونس إلا أنها أضحت إضافة نوعية في مساره الشعري المتطور بل يمكن اعتبارها من عيون الشعر التونسي والعربي الحديث
– 3 –
 مؤنسات – هي باكورة شعرية جديدة صدرت للشاعرة منية نعيمة جلال عن دار الاتحاد للنشر ويبدو أن الشاعرة قد عقدت العزم على خوض مغامرة نشر نصوصها الشعرية بعد حضورها المتواصل في جلسات النوادي الأدبية التي تحفل بها تونس مثل  جمعية ابن عرفة الثقافية واتحاد الكتّاب التونسيين ومجالس همس الموج ومسرح السنديانة وغيرها مما أذكى في الشاعرة المهجة فدعاها العزم على إصدار هذه الباكورة في طباعة أنيقة جاعلة لها بعد صفحة الإهداء الخاصة بما فيها من ذكرى ووفاء كلمةً تصديرية لكأنها بيان شعري هو بمثابة توطئة للقراء توضّح لهم باللمح والإيحاء رؤيتها للشعر  فهو لديها في مقام الطقوس المقدسة حيث ورد في هذا البيان قولها

إذن اقرع باب القلب

فالقلب نسيج رباني حافل بالحب والجمال بالفن والسحر بالفكر والإبداع

نسيج رباني يمقت الذل والهوان وتوق إلى الحرية والانعتاق

تستأنس به الروح فتتسامى ويتناسق معه الجسد فيتعافى

ويطرب له القلب فينتشي

 فالشاعرة منية نعيمة جلال تعلن عن مفهومها للشعر الذي نتبيّن في بعض ظلاله ملامح الرومنطيقية وتسري في بعض زواياه

 المواجد الصوفية مثل قولها

مالي ولأهل الهوى

فلا نأي معي ولا نوى

وإن صار حبي عشقا

يا لرؤى

يا لوحي السماء

سأحترف سنة الأنبياء

كما السدنة الأصفياء

فطوبى لك إن فزت بهذا الرجاء

فأنا بتول العذراء

تتيمت صبابة فصرت بتول الهوى

 وفي هذه الباكورة مواجد أخرى ذاتية منها ماهو بوح ذاتي بين الشاعرة وأمها حينا وبينها وبين صبواتها الحميمية طورا آخر فتجعل من زهرة البيلسان كالمرآة الخاصة بها تكشف لها أسرارها وتعكس لها مواجعها حيث تقول

زهرة البيلسان أفنت عمرا تنتظر

تحلم أن تضيء كنجمة

أو قمر

زمن زمن

تتمنى أن تحيا زهرة البيلسان

حرة كالغجر

في لحنهم والوتر

إن هذه المجموعة الأولى من القصائد تؤكد بها  الشاعرة منية نعيمة جلال على أن فن الكلمة متجذر في وجدانها بما لديها من صدق المعاناة ومكابدة  الشعور وهي بهذه الباكورة بدأت تشق دربها بخطى ثابتة ومن سار على الدرب وصل

متابعة قراءة آخرُ ما قرأتُ