الغَزلُ الآخرُ في ـ قصيد ـ بَوحٌ نادرٌ ـ
سُوف عبيد
ـ 1 ـ
ليس الغزل في الشّعر العربيّ واحدًا على مدى توالي العصور الأدبية بل يختلف من شاعر إلى آخر حتّى في العصر نفسه فغزل ـ قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ـ في العصر الجاهلي ليس هو الغزل في ـ فوددت تقبيل السيوف لأنها لمعت كبارق ثغرك المتبسم ـ وليس غزل ـ بانت سعاد ـ في أوّل الإسلام كالغزل الذي قاله جميل في بثينة ولا كغزل اِين أبي ربيعة في ـ ليت هندا ـ وليس ما ذكرنا من شتى تلك الأنواع من الغزل مثل غزل المتصوفة كابن عربي في ـ أَلا هَل إِلى الزُهرِ الحِسانِ سَبيلُ – ولا كمثل الغزل المعاصر في – عذبة أنت كالطفولة – أو – عيناك غابتا نخيل ساعة السحر – وليس كما هو في– إني خيرتك فاختاري …
فالغزل على مدى تاريخ الشّعر العربي متعدد متنوع وهو يصطبغ بشخصية الشاعر وبظروف حياته وأطوارها وبتمثلاته الفكرية وارتساماته الوجدانية بالإضافة إلى تأثيرات عصره فجميع تلك العوامل جعلت من المدونة الغزلية ذات ألوان وأشكال عديدة وهي لئن تتمحور حول المرأة إلا أن زوايا النظر إليها تبدو من منطلقات وتصورات عديدة فالعلاقة بين المرأة والرجل لا تخضع لمقاييس واحدة ولا لضوابط ثابتة وذلك ما جعل موضوع الغزل أو غرضِِه أو تِيمَتِهِ ذا أبعاد متنوّعة لِما في المدوّنة الغزلية العربية من ثراء وائتلاف حينا واختلاف أحيانا .
الشّاعر التونسي ـ بُوراوي بَعرُون ـ قرأت له قصيدًا جديدًا بعنوان – بَوْحٌ نَادِرٌ – ينضوي في مثل تلك السّياقات الغزلية العامة ولكنّه قصيد يندرج ضمن المسار التجديدي فهو سنفونية شَبَقِيّة عزفها الشاعر مع أنثاه على مدى ثلاث حركات متصاعدة تبدأ هادئة مُنسابة ثم تتصاعد وتعلُو حتى تبلغ الذروة ثم تنزل وتَخفِتُ رويدا رويدا حتى تهدأ وتسكُن لكنّها ما إن هدأت وسكنت حتى تبدأ في عُنفوان جديد وتلكَ هي لَعَمْرِي الحركة
الطبيعية للرّغبة الحسية المتجدّدة أبدا بين الذّكر والأنثى بما تعبر عنه من اِنجذاب سَرمديّ كلٌّ إلى الآخر توقا إلى الاِكتمال بالوصال
ـ 2 ـ متابعة قراءة يوم الشّعر →