واحــــــــدان

واحدان

2016
واحدان ـ للقراءة والتنزيل ــ هنا ــ imp

الفهرس

واحدان
زهرات المرمر
حمامة
الشجرة وورقاتها
وليمة النمل
سمكة البرّ
رواية أخرى للتفّاحة
السيجارة
سفرٌ
الدّيناصورات
بلا وداع
بائعُ الرّصيف
وإذا الزربيّةُ سُئلت
لعبةُ المِرآة
الفُرشاةُ
آخرُ الأغبياءِ
محطّةُ الأشجار
الأدغال
الشّرفةُ
ماري
بُونْجُور بَاريس
بالأحمر على الأبيض المتوسط
سيدي رزيق 1958
باريسيّات
ـ 1 ـ مفاتيح
ـ 2 ـ لمسات
ـ 3 ـ ديك وحمام
ـ 4 ـ صدى الجسر
ـ 5 ـ دمعة النّبع
ـ 6 ـ بُرج إيفل
ـ 7 ـ سوادٌ بياضٌ
ـ 8 ـ بلا عَجب
ـ 9 ـ أجمل من باريس
ـ 10 ـ قاب قوسين
الفاتحة
حُــروفُ اللــمس
القطار الأخير
صباحُ صيف المدينة العتيقة
من وصايا الفارس القديم
شهرزاد الثانية
المُهرة
الفنجان
شهدة
الفنجان
صورة
من العتيق
العمارة
كانون
المِشكاة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ واحدان

مَعًا…دائمًا…أبدًا
واحدانِ
العُصفُورُ وَظِلُّهُ
إذَا مَالتِ الشَّمسُ قَليلاً بعد الزّوال
خارجَ اَلْقَفَصِ
يتحوّل الظِلُّ
فَيُرفْرفُ فِي الفَضاءِ
ثُمّ يَسقُط فِي نَفْسِ المَكانِ
قَريبًا مِنَ الْقُضبانِ !

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ زهراتُ المَرْمَر

نَقْرُ المَطر عَلى زُجاج النّافذةِ
قَطراتُ لُؤلؤٍ
تَنهمِرُ على خدٍّ أسيلٍ
ووَقعُ كَعْبِهَا الصّاعدِ
على مَرمر الدَّرجاتِ
تِكْ…تَكْ…تِكْ…تَكْ
*
كالحَمامةِ رَفْرفتْ جَناحيْهَا
نَفَضتْ مَطَرَيَّتَهَا
رَكَنتْهَا عِندَ العَتبَةِ
ثُمّ هَمّتْ بالمِعطفِ
سَبَقَتْ يداه يدَيها إليهِ
*
تَلامَسَتِ الأناملُ
فَشَعَّ منَ النّافذةِ وَمْضُ البَرْقِ
أضاءَ البُستانَْ
وَردٌ وتفّاحٌ ورُمّانْ
مِنْ كلّ فاكهةٍ يَقْطفانْ
تَشابكتِ الأغصانُ بالأغصانْ
صَارتْ جِذْعًا واحدًا
ويَجْنِيَانْ…
*
ساعةٌ ساعتان…
سَكنتْ نَقراتُ المَطرِ
خطوةٌ خطوتان
فَتحتِ البابَ
فَقابلهَا فِي الأفْق قَوسُ قُزحٍ
نزلتْ تميس عَلى وَقعِِ كَعبِهَا
تِكْ…تَكْ…تِكْ…تَكْ
عندمَا اِلتفتتْ تُودّعهُ
تَفتّحتْ على دَرجاتِ المَرمرِ
زَهراتٌ
عَلى إِثْرِ خُطاهَا…

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الشّاي

الطاولة
الكرسيّ
جلس
حيث جلستْ
طلب
ما طلبتْ
الآن وهنا
كأنّه بين يديها
ظلّ يترشّف
شفتيها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ حمامة

ليتَهُ يقُولُ ـ كُنْ ـ
فيكونُ ما يشاءْ
يُحلّق مَعها في السّماءْ
وتمتدُّ أجنحتُه في المَدَى
تِلْوَ المدَى
لتظلَّ في أحضانِهِ
دائمًا
أبدَا…

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الشّجرةُ وورقاتُها

آخرُ يوم في الخَريفِ
ورقةٌ أخيرةٌ
ظلّت عالقةً في غُصنِها
قالتْ لها اللّواتي سَقطنَ من الشَجرة
أنتِ خائنة
لمْ تَنزلي معَنا
فقالتْ لها الشّجرةُ
أنتِ وفيّةٌ
بَقيتِ مَعي !

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وليمةُ النّمل

الثّمرةُ التي لم تُقطَفْ
لا باكورةً
ولا فِي أَوج فَصلها
فاتَ الأوانُ
فَسقطتْ
وليمةً للنّمل !

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سَمكةُ البَرّ

تواعدَا عند الشّاطئ

سَبَقتهُ

ِوغطستْ في البحر

عندما اِلتفتتْ

وجدتهُ غريقًا

في البَرّ …

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــروايةٌ أخرى للتفّاحة

ـ متَى نأكل التفَاحةَ ؟

ضَحِكتْ وقالتْ :

ـ عندما نغرسُ شجرةَ التفّاح

فقال :

ـ متي نغرسُ شجرةَ التفّاح ؟

ضحِكتْ وقالت :

ـ عندما ندخل البُستان

قال :

ـ متى ندخُل البستان ؟

ضحكت وقالت :

ـ عندما نفتحُ الباب

قال :

ـ ومتي نفتح الباب ؟

ضحكت وقالت :

ـ عندما نصلُ

قال :

ـ ومتى نصل ؟

ضحكت وقالت :

عندما ننزل

قال :

ـ من أين ؟

ضحكت وقالت :

ـ من الجنّة

قال :

ـ إذنْ دعينا هُنا…نظلّ هاهُنَا

ومَا أكلا التفّاحةَ أبدَا…

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ السّيجارةُ

بيضاءُ رقيقة
رقيقةٌ رشيقةٌ
سَلّتها أناملُ
أناملُ أنيقةٌ
تبحثُ عن ولّاعةٍ
أشعلتها
فَأوقدتْ شفتين مِنْ لهيبِ أمنياتْ
مَلأتِ المِنفضةَ
مِنْ رماد القُبلاتْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سَفَرٌ

الأرضُ
أضيقُ من خُطاها
جناحاهَا
أوسعُ من سماء
وحدهُ قلبُهُ
رَحْبٌ بها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الدّيناصورات

الدّيناصوراتُ
عُصورًا
دُهورا
صالتْ وجالتْ
أكلت الأخضرَ واليابس
طاوَلت شاهقَ الجبال
والباسقات
وطارتْ في السّماوات
ثمّ…ذات زمان هَوت
ومازالت تُرفرفُ
…تلك الفراشة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بلا وداع

لن يطرقَ بابها
التي سعى إليها
أبْدلَتِ القُفل
وحوّلت اِتجاهَ المَدخل…
وحيدًا
عاد برفقة ظلّه
عندَ مَغيب الشّمس
اِستأنسَ بِوقع خُطاه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بائعُ الرّصيف

واقفٌ بالمَطريّات
أو بالمِظلات على الرّصيفْ
شتاءً…صيفًا
وفِي الخريفْ
ليتَ العامَ يَمرُّ
بِلا ربيعْ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وإذاالزربيّةُ سُئلت

كَمْ…ولابُدّ
مِن صُوفٍ وخَروفْ
من فَلاةٍ ورُعاةْ
من غَزْل
من وَخْزٍ
ومنَ العذابِ ؟
لتسيرَ الأحذيةُ اللمّاعةُ
على الزّرابِي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـلعبةُ المِرآة

عَيناكَ تَغزلان وَشْيَ سَعادتِنا
وأنتَ تَبتسمُ لي
الأرضُ والبحرُ يَتّحدان
في جُموح عارم
وإذْ تُقبّلني
يَهزَجُ ثَغري بأغنياتِ الحُوريّات
يُنادين ـ أُوليسَ ـ ليَنضَمّ إليهنّ
في مُروجِهنّ

* مترجمة عن الفرنسية ـ  Jeu de miroir
للشّاعرة سهام صفر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الفُرشاةُ

أمامَ مَحْمَل اللّوحةِ تَهيّأتْ
ثُمّ تَناولتِ الفُرشاةَ
ليتَها الآنَ على جناح
تُلامس أزرقَ السّماءِ
ليتها في زَورَق تسبَحُ
فِي أزْرق اليَمّ
عِندمَا رَفْرَفتِ الفُرشاةُ في الألوان
وهَمّتْ بأوّل لمسةٍ
بَدَا لهَا واقفًا في المدى
…يَنتظرُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ آخرُ الأغبياءِ

ليلةَ سَفَرهِ…كانَ في السّادسةِ
في العَشاء
نَاولتْهُ أمُّهُ شِواءً مِنْ كبِدِ جَمَل
ومنْ قلبِ ذئبٍ
كيْ يَكونَ جَلَدًا صَبُورًا
فَطنًا ذكيًّا

لمْ يبكِ عندَ الوداع في ذلكَ الفَجر
لمْ تَجرِ لهُ دَمعةٌ أبَدًا
جَرى ما جرى
رأى ما رأى
فتحمّل الجَملُ ولا يومًا اِشتكى
إنّما…لم تبدُ مخالبُ
ولا أنيابُ للذّئب

تعلّم الصّبيُّ من الألف إلى الياء
غير أنّه يا مّا
كانَ دائمًا
أوّل الأغْبياءْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ محطّةُ الأشجار

أجلسهُ في القطار بجانبِ النّافذةِ
قريبًا من البابِ
ودّعهُ
قبل أن يتركَهُ أبوهُ
أوصاهُ
عندما ترى محطّةَ الأشجار
تَهَيّأْ
كان في السّادسةِ
مَضى القطارُ بالسّنواتِ تِلْوَ السّنواتْ
عندمَا وصَل
فاتَتْهُ جميعُ المَحطاتْ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الأدغال

إلى محمد علي عماري

اليومَ…في إفريقيا… أو آسيا
قبل طلوع الشمس
نهض غزالٌ باكرا
كي يتعلم كيف يُسرعَ أكثر
فلا يلحقُ به الأسدُ
الأسدُ اِستيقظ قبله
عليه أن يتهيّأ أكثر هو أيضا
كي لا يُفلتَ منه الغزال
في أدغال الإسمنتِ والحديد
ليس المهمُّ أن تكون أسدًا أو غزالا
المُهمُّ فقط
أن تفتح عينيك
وقبل الآخرين تنطلقُ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الشّرفةُ

1
كُلّمَا دخل عبدُ المجيدِ يُوسُفُ عليهَا
وجدَ في شُرفتِها غِلالا
يقُول لها أنَّى لكِ هذا ؟
تقُول هِبةُ البَحر
الفصلُ فصلُ صَيفٍ
تَباشيرُ الخريفِ تَلوحُ
مِنْ تَخاريم الشّرفةِ
2
يومًا بعدَ يومٍ
فِي بَاكر الصَّباح أو فِي العَشايَا
يَطوفُ عبدُ المَجيدِ على شُجيْراتِ الشُّرفة والزّهَراتِ
يَسقيهنَّ بالقِسط مِنَ الإبريق
واحدةً تِلوَ واحدةٍ
لليَاسَمين نصيبٌ
لشَقائق النّعمان والخُزامَى والقَرنفُل نصيبٌ
للأقحُوانِ للإكليل
ثُمّ يَنزلُ مِنَ الشّرفة يسقِي صَفّ السَّرول
سَيطُول السَّرولُ بعدَ سنينَ
ويُظلّل الشّرفةَ
3
الشّرفةُ مَوعدُها
والبحرُ
لَثَمَاتُ المَوج على حفيفِ فُستانِها
صَافياتٌ ناعماتٌ
لمَساتُ رَمل السّاحل
كهَسْهسةِ النّسيم فِي النّخيل
حانَ قِطافُ العَراجين
مَدّتْ يديْها
فَإذا النّجومُ أقربُ
4
مِنْ شُرفتها أطَلّتْ
بَينها وبينهُ
خطوتان فقطْ
هي الشّمسُ
لو تقدّمَ خطوةً واحدة
كان منها اِحترقْ
هُو البحرُ
لو تقدّمتْ خُطوةً واحدة
فِيهِ كان الغَرقْ
رآها رأتهُ
رأتهُ رآها
وثلاثُ…نُقطْ
5
مِنْ شُرفتِها راحتْ تَنسابُ
مِثلَ الأنامل تَتَراوحُ عَلى النّاي
اِتّبعَتْ خُطاهُ
لَحِقَتْ بهِ
سارتْ أمامَهُ
وراءهُ سارتْ
على يَمينهِ سارتْ
سارت ْعلى يَسارهِ
تَحسَبُ أنّه لم يَشعُرْ بها
عجبًا
يُوسفُ يَبتعدُ عَنِ الشُّرفةِ
لمْ تَرَ ظِلَّهُ لمْ يُفارقْ ظلّها
معًا دائمًا أبدًا
6
شُرفتُها
لوحةُ سَحابٍ وسِنفُونيّةُ أمواج
ومَدًى
بحرٌ وسماءٌ
شَمسٌ تجري لمُستَقرّ لهَا
ثِمارٌ …أزهارٌ
على كلّ شَكل ولونٍ وشَذًى
تَبارَكَ اللّهُ
أحسنُ الخالقين
7
َجلستْ في شُرفتها ذاتَ يوم
رُبّما يُوسُف يَمُرُّ
رأتْ بَالُونةً زرقاءَ
هَبّتْ ريحٌ
طارتِ البالونةُ
مَسكَ الصَّبيُّ بالخيطِ
البالونةُ تعلُو…تعلُو
الصّبيُّ يجري…يجري
يَجري والبحرَ
اِنفرط الخيطُ مِنْ بَينِ أصابع الصَّبيّ
طارتِ الزّرقاءُ في الزُّرقةِ على الأزرق
رجعَ الصّبيُّ من حيثُ أتَى
جلسَ تحتَ شُرفتِها
وبَكى
8
تحتَ شُرفتها ظلّ يُوسفُ يَنتظرُ
اليومَ أيضًا
ساعِي البريدِ لمْ يطرُقْ بابَها
لا جارٌ ولا جارةٌ
اليومَ أيضًا
الهاتفُ بلا رَنّةٍ
ولا حتَّى بالخَطإ
9
مرّةً في شُرفتها جرَى الحديثُ
حدّثتهُ عنهُم جميعًا
الذي
والذي
الذي وعدَ أخلفَ
الذي سَافر لم يَعُدْ
والذي تقدّم توقّفَ
حدّثتهُ عنهُم جميعًا
وهو أمامَها
يَذُوبُ صامتًا
10
مَع فِنجانِها جلستْ في شُرفتِها
تَستعذبُ الوقتَ رَشفاتٍ
أينعَ الزّهرُ…اِعْشَوْشَبَ المَمْشَى
المُصطافُونَ غادرُوا
عادتْ إلى بطحاءِ القريةِ عَصا الشّيخ
وجَلَبَةُ الصِّبيان
اِنتصبتْ حَلَقاتُ المقهى تحتَ زيتُونةِ المَسجِدِ
المُصطافونَ غادرُوا
تَركُوا القريةَ في سُكونها
إلا مِنْ هَدير البَحرعَلى صُخور المِيناءِ
وصَخَبِِ اِنتظار شُرفتِهَا
11
يُوسُفُ غادرَ أيضًا
يَداهَا تُرفرفان إليهِ بالوَداع من شُرفتِها
سلامًا سلامًا
جبينُها وَضّاحٌ
ثغرُها باسِمُ
حالمُ
كأنّهُ وهوَ يبتعدُ
تراهُ عائدًا نَحوَ شُرفتِها
وقبل أن يُغادرَ اِزّيّنَتْ وهِيتَتْ لهُ
ثُمّ قالتْ متَى نلتقي ؟
وأين ؟
فأسرعَ بالجوابِ
ـ الآن وهنا
ورجعَ منَ البابِِ
12
كمْ يلزمُ مِن عَصر وكمْ لابُدَّ من مِصْرٍ
و مِنْ حِبرٍ ومِنْ سَطر
كيْ يصفَ أحلامَ شُرفتِهَا
واِنثيالَ طيفِها
قَدُّهَا ألِفٌ
الباءُ بَسمتُها
الخاءَ خدُّها
بِالهَاءِ خَتمَ رَسْمَ أبجديّةِ البَهاءِ
فلاحَ فِي الآفاق قَوسُ قُزح
13
أتمَّ ـ لِيُونَارْدُو ـ المُوناليزَا ـ
وبلمسَةٍ أخيرةٍ أكمَل اللّوحةَ
نظرَ فيها مَليّا
فأيقَنَ
أنَّهُ رسَمَ شُرفتَهَا

*هِرقلة ـ رادس / صيف خريف2014

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ماري

اِسمُها ـ ماري ـ
مدينة النّور
اِسمُه مُنير ـ
تُونسُ الخضراء
في الحيّ اللاتيني
كان اللّقاء
بعد سنوات
ـ أمّنا مريم ـ صار اِسمُ ماري
كذا يناديها أبناؤها
بناتُها أحفادُها حفيداتها جيرانها جاراتها
والناسُ أجمعين
بعد سنين
الدكتور منير
صار لدى القوم يُعرف بالحاج منير
ولأنّه ـ لا بقاء إلا للّه ـ
ماتَ الحاج مُنير
رحِمَهُ الله
تصدّقتْ ـ أمُّنا مريم ـ بجميع ثيابه ومتاعهِ
إلاّ بسُبحتَه وسجّادِهِ
بعد أيام معدودات
دبّ إليها الوهن
ـ نحن لا نموت إلا مرّة واحدة ـ
فلا بدّ أن يكون موتُنا
جميلا
جميلا
ـ كانت تُردّد بعده ـ
وبالقُرب مِنَ الذي نُحبُّ ـ
في النّزع الأخير
أوصت ماري
أن تُدفن بجانب الحاج
ـ لا يجوز….لا يجوز
هَمس حفيدُها
وهو يلامس لحيته الطويلة
أسْبلوا عينيها
أسدلُوا الغطاء
فلاحت على صدرها سلسلةٌ ذهبية
نُقِش عليها

ـ لا إله إلا الله محمّد رسول الله ـ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بُونْجُور بَاريس

صباحُ الخير باريسُ
وبِغُنّةٍ خَفيفةٍ مَع الرّاءِ
ـ بُونْجُورْ ـ
خريفٌ قادمٌ مع أوراق شَجر الطرقاتِ
صفراءَ حمراءَ وفي لون البُرُنْزِ
مَرحَى للأرصفةِ
أعوانُ البلدية يُمَشِّطونَها كلّ صباح
ثُمّ يَرُشّونها بالخُزامَى

صباحُ الخير باريس
وبغُنّةٍ خفيفةٍ مع الرّاء
ـ بُونْجُور ـ
أهلُ مَكّةَ أدرى بشعابها
وأهلُ باريسَ بأنفاقِها أدرَى
على قَدْر طول بُرج إيفَلْ
بَلى .. هيَ في الأرض أعمَقُ
أنفاقٌ
في أنفاق
تحتَ أنفاق
ومِنْ مِيترُو إلى مِيترُو
ومن صِراطٍ على صراط
أسيرُ حثيثا على الصّراط يسيرُ
وصلتُ إلى محطة ـ نُتُرْدَامْ ـ
هُنا
الحيُّ اللاتينيُّ
نهرُ السّانِ والصُّوربُونُ
جَان بُول سارتر وسِيمُونْ دِي بُوفوارْ
إلْزَا ولويس أراغُونْ
هُنا
مَدامْ دِي بُوفاري وأحدبُ الكنيسةِ
بُودْلير وجاكْ بْريفارْ
شارلْ أزنافُور وميرَايْ
هُنا
الرسّامُون
النحّاتون
العازفُون
المسارحُ
الأفلامُ
المتاحفُ
المعارضُ
هنا
النّاسُ الغادون والعائدون
السائحُونَ
والمُشرَّدون والأثرياء
هُنا
الكتُبُ على الأرصفةِ
حَولها النّاسُ يتكدّسون
يتصفّحون ويشترُون
هُنا
على ضَفّة النّهر
المكتباتُ مكتبة ٌ بجانب مكتبةٍ أمامَ مكتبة
اِقرأ….اِقرأ
يقرؤون…
في المحطات يقرؤون
في المِترُو يقرؤون
في الباصِ
في المقهَى
في المطعم
في الحدائق
في الطائرة
يجلسُون يقرؤون
يمشُون يقرؤون
ينامُون يقرؤون
حتّى المتسوّلُ ـ واللّهِ ـ رأيتُه يقرأ
…وأمّةُ ـ اِقرأ ـ لا تقرأ
فقط
تتفرّجُ في المُسلسلاتِ
وشُيوخِ التلفزيون
صباحُ الخير باريس
وبغُنّةٍ خفيفةٍ مَع الرّاء
ـ بُونْجُورْ ـ
الأبيضُ الأسمر ُ الأصفرُ
إفرنجٌ جَرمانُ عجمٌ زنجٌ بربرٌ عربٌ
أرمَنُ غجر حبشٌ صَقلبٌ أمريكانٌ
هاوايْ صينٌ يابانُ
مِللٌ نِحلٌ مذاهبُ وأديانُ
خلاصةُ الزّمان والمكان
الذي بِربطةِ عُنق الذي بجينز الذي بلحية
الذي بقميص الذي بشعر طويل الذي يَعقُصُهُ
الذي يُرسلُه والأشعثُ والأصلعُ
الذي بقُبّعة الذي بعِمامة
والتي بِفُستانٍ التي بسروال التي بلباسِ طويل
التي بلباسِ قصير التي بشُورْتٍ التي بِشال
التي بخِمار التي بجلبابٍ
والتي كأنّها بلا ثيابِ
صباحُ الخير باريس
وبغُنّةٍ خَفيفةٍ مع الرّاء
ـ بُونْجُور ـ
أسيرُ ونَهْرَ السّانِ الهُوينَى
وئيدًا والنّهرُ يجري
مع ـ الأيّام ـ وطهَ حسين ـ أسيرُ
مع ـ توفيق الحكيم ـ و ـ عصفُور ٌمن الشّرق ـ
طارَ ولم يَطر
حتّى إذا خرجَ ذات يوم منَ القفصْ
وقُلنا هذه آخرُ الفُرصْ
نتّفوا ريشَه
ثمّ أجهزُوا عليه
بالسّيوف
بالسّكاكين والمِقصْ
أسيرُ
عكسَ جريان النّهر
والشمسُ على جبيني
يُقابلني ـ معهدُ العالم العربيّ ـ
أسيرُ
في كل شِبر من بلاد العَربِ حربٌ
أو فتنةٌ
أو شِقاقْ
بين إخوةِ ورفاقْ
صباحُ الخير باريس
وبغُنّةٍ خفيفةٍ مع الرّاء
ـ بُونْجُورْ ـ
قُلتُها وأنا أدخلُ المقهَى المُقابلَ
وهَل أحدٌ رَدّ التحيّةَ
بِمثلِها
ولا بِأحسنَ منها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بالأحمر على الأبيض المتوسط

السّادسةُ صباحا
دون أن يغسل وجهه
فتح التلفزيون
للصّباح حُمرةُ الشّفق القادم من الشّرق
سيَشرُقُ اليومَ دمًا أيضا
تسبح فيه سُفنٌ
سٌفنٌ تُرفرف حريّةً ودواء وغذاء
لغَزّةَ
طائراتٌ لا تطير كالحمام
طائرات لا ترفرف كالعصافير
طائرات لا تشدُو كالبلابل
طائرات من أزيز ورصاص
إذنْ لغزةَ المزيدُ من النار والحصار والدمار
لغزة المزيد من الجوع والعطش
لغزة المزيد من الظلام
فاِسعَدُوا يا عرب
اِهنؤوا بالصّيف على السواحل
بالمهرجانات والأسفار
بالفنادق والرّقص
بالفصاحة والشّعر والجوائز
هنيئا بالّنفط والزّيتون
هنيئا بالعمائم وبالمذاهب والملل
هنيئا بفتوى الرضاعة والمِسيار والتّوريث
هنيئا بحريّة النّساء في لباس العراء
هنيئا باِقتصاد السّوق وسباق النّوق
هنيئا بالشّقاق و النّفاق
هنيئا بالوطن نفديه من أجل كرة القدمْ
وغزّةُ
صباحٌ آخر من حصار
وموجةٌ أخرى
من دمْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سيدي رزيق1958

عندما تَرتقي الشّمسُ من النّافذة أفتحُ البابَ
محفظـتي في يدي واقفًا أنتظر
يمرّ أوّلا الخبّاز
على أزيز دراجته
أطير وراءه مُتنسّما شذاه الشهيَّ
يتلوه المِسْيُو  ـ جاك ـ
تتأبطه مَدام ـ جاكلين ـ على كعبها العالي
هو… قبّعةٌ سوداءُ
هي…حقيبةُ يدٍ سوداء
ـ بَانجُور
ـ بانجُور
الحقَّ أنّهما لطيفان
هُما المبادران بالتحيّة
في أكثر الأحيان
هُما
آخرُ الإفرنج
قريبا ـ قِيل ـ سيرحلان
عندما يختفيان في المُنعَطَف المُنحَدِر
تَصِلُني جَلجلةُ قَطيع البقر
الرّاعي وراءَها
أو يُهرول بينها
وهل أنسى أنه مرّةً كسّر عَصاه على الثّور وهو يعلو إحداها
فَطَفِقْنا نضحك
عندما يختفي قطيعُ البقر في المُنعَطَف
يُطلّ قطيع الغنم مِن على الرّبوة
الكلبُ المُرقّط النّشيط
يُلاحق صغارَ الماعز المتخلّفين
الذين يأكلون من سياج الحدائق
عندما يصل التّيسُ إلى المُنعطَف
تَسبِقُ الراعيةُ الصّغيرة
وجنتُها حمراءُ
أحمرُ من قُرص الشّمس الطالع من وراء الهضبة
تُسرع الرّاعيةُ بعصاها التي هي أطولُ منها
إلى مَقطع سكّة الحديد
ينبغِي
أن تَنتظرَ الصبيّةُ هناك
عند قُبّة الوليّ ـ سيدي رزيق ـ البيضاءِ الصّغيرةِ
حتّى يفوتَ قطار البضائع الطويل البطيء
ما يكاد قطيعُ الغنم يختفي
حتى أسمع صفيرَ القطار
يَصِلُ القطيعُ
قَطيعُ المَحافظ والمَيدعات الزّرقاء
إثنين إثنين
ما بالُهُ اليومَ في صمتٍ ونظام
حتّى دقاتُ الأحذية
خفيفةُ الوطء
كان يومَذاكَ يومَ اِمتحانَ الحساب وما أدراك ما يومُ الحساب

ـ هيّا يا أولاد …أسرعُوا…أسرعُوا
و يَهُشّ علينا راعينا… بالعَصا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ باريسيّات

ـ 1 ـ مفاتيح

عاشقان اِشتريَا قُفلا
قصَدا جسرَ ـ الوفاء ـ
ثمّ …واليدُ في اليدِ معًا قفلاهُ
في الحديد شَبكاهُ
تلك ـ قيل ـ عادةُ العشّاق في باريس
وتعاهدا معًا أبدا
معًا أبدا
ثم ألقيَا بالمفتاح في النّهر
ما كاد العاشقان يبتعدان عن الجسر
حتى رمى صنّارتَهُ
….صيّادُ المفاتيح

ـ 2 ـ لمسات

الرّيحُ على النّهر
تُراوحُ موجَهُ كمفاتيح البيانُو
وبلطفٍ
تفتحُ أناملُها أزرارَ الفساتين

ـ 3 ـ ديك وحمام

فِي أعلى كنيسة ـ نُوتُردام ـ
صَليبٌ
على الصّليب دِيك
كل شيء يبدُو في صمتٍ وسكون
حتّى ذيلُ الدّيك لا يميل مع النّسيم
حتّى عَقْربا السّاعةِ الكبيرة
بين الصّومعتين
ثابتتان فوق بعضهما
فجأةً
دقّتِ الأجراسُ
فطارتْ أسرابُ الحمام
وعَلَتْ
علَت
فوقَ الدّيك

ـ 4 ـ صدى الجسر

على جسر ـ نابليون ـ
عَبَرَ نابليون عند تدشينه
ومن يومئذٍ
ليلا نهارًا
جيئةً ذهابًا
يعبُر الفرنسيّون والفرنسيات
والسّائحون والسائحات
ومرّت  السّنوات
ولا أحدَ يذكر ذلك الثائرْ
مِنْ على الجسر أُلقيَ به
وهو يهتِف
ـ تحيا الجزائرْ !

ـ 5 ـ دمعة النّبع

نبعُ سَانْ مِيشَالْ
ينهمرٌ سَيلاً عَرَمْرمًا من عَلٍ
والنّاسُ جُلوسٌ حوله
وطائفُون
توقّف فجأة
عندما فاضتْ أمامه
عينٌ
مِنَ الدّمع

ـ 6 ـ بُرج إيفل

ما أشهَى الاِنتحارَ من أعلى بُرج إيفل
…وألقتْ بنفسها من الطابق الأخير
راحتْ تَهوي
تهوي
من طابقٍ إلى طابق
من سَطح إلى سطح
حتى غطستْ في عُمق نَهْرِ السّين
لم تكن تعلمُ أنّ أنفاقًا
تُفضي إلى أنفاقٍ تحتها أنفاق
تحت النهر
وفيها مصعدٌ تِلوَ مصعدٍ
عندما وقعتْ
راحت تعلُو تعلُو
حتى اِرتقتْ
فعادت
إلى أعلى بُرج إيفل

ـ 7 ـ سوادٌ بياضٌ

العصفورُ الكبير
بِذيله الطّويل
بسوادِه والبياض
يحُطّ كل صباح وعندَ المساء
على شُرفتي
لا أدري ما اِسمُه
أَلَيلُ النّهار ؟
أَنَهارُ اللّيل؟ أُسمّيه…
فناديتُه صديقِي

ـ 8 ـ بلا عَجب

ليس عجبًا ترى في باريسَ
الشّيخَ الكبير
أو السيّدَ الوقُور
أو الطفل الصّغير
يمشي
وكلبُه أمامه أو بجانبه أو وراءه
ليس عجبًا ترى في باريس
العجوزَ على العصا
والسيّدة الحسناء
والغادةَ الهيفاء
تُداعب كلبها
وهو في الأحضان في عِيشة راضية
العجبُ
بل الأعجبُ في باريس
أن لا تسمعَ نُباحَ كلب
أبدَا

ـ 9 ـ أجمل من باريس

أجملُ من باريس
حدائقُها
اِخضرارٌ… أزهارٌ… أطيارٌ…شمسٌ… ظلالٌ… خريرُ… مِياهٌ
وأناملُ
بعضُها في كتاب
بعضُها في هاتف
بعضُها في لعبة
بعضها في إسمنت وحديد
بعضُها في باقة ورد
وبعضُها في بعض

ـ 10 ـ قاب قوسين

عجبًا للحمامة
منذُ دقيقة وهي على حافة الشّارع الكبير
تهُمّ أن تقطعَ الطّريق
ثمّ تتراجعُ أمام سيل السيّارات
تعجّبتُ لماذا لا تطير
نحو الحافة الأخرى
في أمن وسلام
ومكثتُ أراقبُها وهي في جيئة وذهاب
حتّى قاربتْ مرّةً أن تصلَ المُنتصفَ
وقابَ قوسين أن تدوسَها العجلاتُ
التقطتْ فُتاتًا
وطارتْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الفاتحة

الأعشابُ
تحت شمس صباح العيد
رغم الصّيف
خضراءُ يانعةٌ
أُمَرّر فوقها أناملي
مِثلما كنتُ أداعبُ خَصَلاتِ أمّي
عند رأسِها تربّعتُ
مددتُ يدي
أُشابك أصابعي
ألاعبُ أقراطها
أستنشِقُ طيبها … أتأمّل سِواكها
في تَمام زينتها دائما أمّي
أمكُث في أحضانها أحلم
تُهدهدني
أنام
أفقتُ على البياض
سَحبتُ أصابعي
و سَوّيتُ الأعشابَ الزّائدة
سلامًا
سلاما لجبينها
سلاما لوجنتيها
سلامًا لحُضنها
سلاما ليديها
سلاما لقدميها
لتَوّها من الغيمةِ البيضاء عائدة
…وقبّلتُ الشّاهدة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ حُــروفُ اللــمس

إلى الأزهر النفطي

الألف نُقطة
الباء ثِنْتان
السّينُ ثلاث
الشّينُ ثلاثٌ من الأسفل
عَلّمْنِي يا صديقي حروفَ اللّمس
فقد جَفّ الحبرُ وحَرُنَ القلمُ
واِخْشَوْشب الورقُ
رنّةٌ أولى
قبل الثانية يُبادرني
ــ صباحُ الخير
ويُضيف
ــ صباحُ الخير صديقي
ــ صباحُ النور يا دكتور
كأني أراه ساطعًا في بسمته
هو الأزهرُ
ينزل مَدرج الرّخام
في نظارته يبتسم وَقُورا
ثابتا في خطوته جَسُورا
بالأحضان يُعانقني
نَمضي
شوارعُ تُونسَ يُسمَيها
واحدًا واحدا
قبل المُفترَق يقف
تَمهّلْ يقول
للّه درّهُ
كيف رأى الشّاحنة قادمةً من بعيد
كيف عَرف أن التي مرّت حسناء
للأزهر أسرارٌ
عجبًا
كيف اِنفرطتْ أربعون من السّنوات
مِنْ بين الأصابع
والأزهرُ هو الأزهرُ
حتّى شيبٌ ما غزاهُ
هيَ هيَ عصاهُ
ووقعُ خطاهُ هيَ هيَ
مِنْ رواق إلى رواق
من طابق إلى طابق
من مَدرج إلى مَدرج
لم يُخطئْ مرّةً جدول الدّروس
وما غاب يوما
نسأله فيكون الدّليل
ــ مَالكَ صامتٌ يا صديقي
فتنهّد قائلا
– تونسُ تونسُ
ولم يُضِفْ
ورِفْقًا به لم أسْتزِدْهُ
اليدُ في اليدِ
إلى مَقهى شارع النّخيل قال
وقَبل الوصول يَهُبُّ النّادل
ــ أهلا دكتور…أهلا دكتور

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ القطار الأخير

وَيحِي
لم أتذكّر أين تركتُ مفتاحَ السيّارة ؟
عُدتُ القَهقرى أفحصُ جميع الأماكن
حيثُ مررتُ
وقفتُ
جلستُ
*
شكرًا لنادل المَقهى
من بعيد لمَحني أسعَى إليه
فهَرول نحوي بالمفتاح
خُذِ المفتاحَ بقُوّةٍ يا سُوف
واِقبضْ عليه في جَيبكَ
ويحك !
أين ركنتَ سيّارتَك ؟
في مستودع الشّارع ؟
لا
في المَأوى تحتَ الجِسر
لا
بالقُرب مِنْ…أو مِن…؟
لا
لم أتذكّر
قرّرتُ العودةَ بالقطار
ويحي
في أيّ محطةٍ سأنزل ؟
حسنا
سأعرفُ بتَذكرة الرّكوب
*
تلمّستُ جَيبي
خواءٌ في خلاء
لا بأسَ
ربّما في العربة مَنْ أعرف
أوْ مَن يعرفُني
نَظرتُ…اِلتفتُّ
لا أحدْ
نزل جميع الركّاب مِنَ القطار الأخير
بَقِيتُ وحدي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـصباحُ صيفِ المدينة العتيقةِ

خُطاها حِذْوَ خُطاهُ
مَثْنَى مَثنى سَارَا معًا
حفيفُ فُستانها يُراوح لفحَ شمس الضّحى
عند مُنعطف الزّقاق هبّت نسمةٌ
رَفرفَ فَستان
على البُستان
*
ذاتَ صباح
ظلّان مَرَّا في بياض جُدْران المدينةِ العتيقةِ
غَمامٌ وغمامةٌ
تلامسَا
تحت سماءٍ زرقاء
ذاتَ صيفٍ
*
جِيدُها جيدُ غزالهْ
هيَ الحمامهْ
حَطّتْ على صدرهِ
أسْبلتْ جناحيها
ونامتْ
سلامًا…سلامَا

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  من وصايا الفارس القديم
الملكُ الذي لم يعُدْ قادرا
على اِمتطاء
صهوةِ الحصان
عليه أن يتخلّى عن العرش
والرجُلُ الذي
لا يستطيع
رفعَ التي يحبّها
في أحضانه
غيرُ جدير بها

 

 

ــــــــ حوار ـــــــ


الدّجاجةُ مِنَ البَيضةِ ؟
أَمِ البَيضةُ مِنَ الدّجاجةِ ؟
الجَوابُ الصّحيحْ
لَدَى الدّيكِ
وَهْوَ يَصيحْ
ـــــــ على الجمر ـــــــ
رِفْقًا
بِعَجين الطّينِ
يَا خَزّافُ
واِجعَلْ الفُرْنَ
دِفئًا وسَلامًا
ــــــــــ عَطاء ــــــــ


رغمَ جِذْعِهَا الخَاوي

رغمَ سِنينِ القَحطِ

أوراقُها خضراءُ

ولم تُخلِفْ مَرّةً

مَوعدَها

مَعَ المِعصَرة

 

ــــــــ الواجهةُ ــــــ


الشّابُ الواقفُ
فِي كسوتهِ الجديدةِ
بِرباط العُنُق الحَريريّ
بحذائهِ الأسودِ اللامِع
واقفٌ…يدهُ مَمدودةٌ
إلى يدِ شابّةٍ حسناءَ أمامَهُ
فِي ثيابٍ ورديّةٍ
نِصفٍ نصفٍ
العَينُ في العَينِ
الرّجالُ…النّساءُ…الأطفالُ
المُنظّفةُ…. والحارسُ
إليهِِمَا ينظرُونَ…لمْ يُحرّكا ساكنًا
في الصّباح في الزّوال… والمساءِ
حينَ اِنطفأتْ في الواجهةِ الأضواءُ
ونزل بقوّةٍ بابُ المَغازةِ
حينذاكَ…حينذاكَ… فقطْ
اِرتعشتْ الأصابعُ
وتَلامَسَتْ…


ــــــــ أصَابعُ وأَرْجُلٌ ـــــــ

بأصابعِها

المرأةُ تُحبّ الرّجلَ

قالت جدّتي

وبقَدميهِ

يُحبّ الرُجلُ المرأةَ

قلتُ  : وكيفَ يا أمّاهُ

يا ولدي… قالت

المرأةُ إذا أحبّتْ

بِأصابعِهَا تُطعمُهُ وتَكْسِيهِ

وإذا الرّجُل أحبّها

رَغْمَ الجبال والوِهادِ

رغم السّباخ

والصّحراء

في الحَرّ والقَرّ

يَتّبع خُطاهَا

فيسعَى إليها

حتّى يَراهَا

ـــــــــ الوِشَاحُ ـــــــ


الوِشاحُ المُوَشَّى

قَبل اللّمسةِ

اِنزاحَ

وسَقطَ مُرَفْرفًا كالجَناح

تَناثرَ مِنهُ الوَرْدُ والزّهرُ

تَفتّحَ على المَرمر

هُناكَ

مَرَّ الرّبيعُ بَغتةً

فكانَ مَا كانَ

صارتِ الغرفةُ

بِساطا أخضرَ

وكمِثل العُشبِ

بَلّلهُ النّدَى…

ــــــــ شَمسُ النّافذة ــــــ


عِندَ مُنتصَفِ النّهار
والشّمسُ تَجري لِمُستقَرٍّ لَهَا
حَفيفُ وَردةٍ
عَلى بَتَلاتِهَا الطَلٌّ  يَتلألأُ
سَبَقَ شَذاهَا النّسِيمَ
فَراشةٌ تَحُطّ
بِساطٌ أخضَرُ
حَيّةٌ تَنسَابُ فَي الهَجير
تَتلوَّى بَينَ الكَثِيبِ والكثيبِ
فَحِيحٌ وَهْجُهَا
قِطّةٌ مَحمُومةٌ المُواءِ
يَصِل…لا يَكاد يَصلُ
مِنْ آخِر الزُّقاق
حَمْحَمَةُ مُهْرةٍ أغْوَتْها البَراري
اِنطلقتْ جَامِحةً ضَابِحةً
بِلا سَرْج…بِلا عِنانٍ
سِكّةُ مِحراثٍ شَديدٍ عَنيدٍ
يَشُقُّ الثّرَى نِصْفَيْنِ
ويُوغِلُ فِي العُمْقِ
اِنْعِطافُ سُنبُلةٍ اِنحَنتْ

تَهاوَتْ
اِسْتسْلمَتْ لِحَدّ المِنْجلِ
اِنْسِكابُ قَطرةٍ تِلوَ قَطرةٍ
مِنْ غَيمَةِ الدِّيَمِ
شَهْدَةٌ تُدَقُّ
تُعْصَرُ فَتَرشَحُ
رَقْرَقةُ سَاقِيةٍ
فَاضَتْ سَاحتْ
فَإذا رَعدٌ وإذا بَرقٌ
ثُمّ
عُصفُورَانِ حَطّا عِندَ النّافذةِ
نَفَضَا جناحَيهِِمِا عَنْ زَخّاتِ المَطرِ
فَاِنْجَلى قَوْسُ قُزحْ

ـــــــــ فَارسةٌ ـــــــ

 

مُهرةٌ
اِمْتطتْ صَهوةَ فَارسِها
عندمَا شَدّتْ على الرِّكابِ
وأرخَتْ لهُ العِنانَ
طارَ بهَا
 إلى سَماواتِ الوَجْدِ

ـــــــــ واحدٌ إثنان ـــــــ
دَخَلا إثنيْنِ
خَرَجَا واحدًا
عِندمَا تَفقّدَتْ عِقْدَهَا
وهيَ تُغادرُ
وَجَدتْ رِباط عُنُقِهِ
بَينَ نَهديها…

ــــــ يَومٌ بَاردٌ جِدّا ـــــ

فِي يَوم الصَّقِيعِ
دَنَا مِنهَا

دَنَا

حتّى حَسِبِ دقّاتِ قلبِهِ

مِنْ قَلبِها
فَوَجد أصابعَ أُخرَى

فِي جَيْبِهَا

 

ـــــــــ تقاطع  ــــــــــ
فِي المُفترَق
تَشابكتْ خُطاهُمَا
وَلمْ يَلتقيَا

 


ــــــــ عَيْنُ اَلْحَجَرِ ــــــــ
 

القلبُ

الذي كان يدُقّ على وَقع خُطاهَا

مِنْ صَدرهِ سَيَنتزِعُهُ

يُقطّعهُ إرَبًا إرَبًا 

يَنثُرهُ مِنْ على الجِسرِ

إلى السَّمكِ

*
الأصابعُ

التي كانتْ تَسري إليها

سَيقََُصّ بَنانَها قِطَعًا قِطعًا

يُلقِيها عندَ زاوية الزُّقاق

إلى القِطِّ
*
العينُ

التي كانتْ لا تنامُ

إلّا وهيَ بينَ رُمُوشِها

سَيَقتلِعُها

يُمَلِّسُ مكانَها حَجَرًا

بالإسمَنتِ

كيْ لا تَراها

ولا تحلُمُ بها

إلى الموتِ

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ شهرزاد الثانية

ألا…ما بعيني رُقـادُ  * فــمَرحى لنا يا سُهـادُ
شُجُوني حريرُ المساء * تُعطّرُها شَــــهــرزاد
وهذا البهاءُ بعــيني * كفَى أن غَشاها السّـــواد
فكنتُ إذا لاحَ نَـــــجمٌ * دعاني إليه القَــتـــاد
وقَلّبتُ جنبًا بجــنــبٍ  * تَراني بـحُلمي أُصــادُ
شُفِيتُ من العشق كيًّا  * وجاء إليَّ الـرّشــــاد
خَبَتْ نارُ صدري تَلاشتْ * وهيهاتَ يُرجى الرّماد
فَلا الـصّبُّ باتَ بليلي * ولا يَصطليني الفُـــؤادُ
زرعتُ قصائد عُمري * فـأدمَى يديَّ الـحصـاد
هو الشّعرُحبرُ العُيون * جبـالٌ بَكــت ووهـــاد
ورُبَّ دُموعٍ لِصَخر *  فقد أَنَّ حتّى الجَــــمــاد
إذا ما دَعاني نــديم * تباعــدتُ مَـــالي ودادُ
جفَوْتُ جفاءَ النُّفور * مَذاقٌ لــــكأسي كسـاد
أقول لهُ دَعْ لأخرى * وعُــذرًا بنفسي صِـــفاد
ليالي الخَفافيش طالت * وبالصّبح حَطّ الجراد
وخيلي بدُون صَهيل * إلى المَجزراتِ تُقـــــاد
لها حَمْحماتُ الجُمُوح * فُتُوحٌ لـــها وعَــــتاد
هي اليوم صَرْعى تئنُّ  * عليها غِلاظ شِـــــداد
وـ طارقُها ـ  في القيود*  وللبيع عَــبدًا مَــزاد
فكمْ من شُعوب تُساقُ  * على الشـهوات تُبادُ
ليَسعدَ عُبّادُ حُـــكم  * ويشقَى بعَسفٍ عِـــباد
وفي كل عصر نراهُم  * كأنّ العــذاب يُعــــاد
فهذا بشرق طـــغَـــى * وذاك بغرب فَـــساد
إلى أين نمضي ومَـــــــا بين نارٍ وجمرٍ حِـياد
أَلَا يا نُجــــــومَ الليالي  * أفِي نَجمِكنّ نَــــفاد
أسائلها فأجابــــــــت * ببسمتها شــــــهرزادُ
نَـعمْ ذاك دربُ النّضال * وبالعَزم يأتي المُـرادُ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المُهرة

ومُهرةٍ تَبختــــــرتْ * وفي البَراري حَمْحَمتْ
بغُرّةٍ قد أبْهــــــــرتْ * بِخَطوِها قد زَلزلـــتْ
لاطفتُها ما اِسْتلطفَت * أصيلةً ما أُسرجــــتْ
من العِتاق جُـــــوّدت * فأرعَـنَـت وأرْعَـــدتْ
وأتْـعبتْ وأعْـتَـبـَــــتْ * بدمعةٍ قد أتْبعــــــتْ
يا لـيتها ما أُذْرفَــــتْ * فَفِي الفؤاد أَنشَبـــتْ
وبعد لَأْيِ أَذعـنــــت * إلى عِناني اِستسلمـتْ
مُنقادةً وأقبلـــــــــتْ * بِسَرجــها تَبخْـتـــرتْ
عَـــلــوتُها فَضَبّحَـــتْ * وكالبُراق جَنّــــحَــتْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الفنجان

فنجانُها أشجانُـها  * والشّرفةُ عُنوانُــهَا
وحيدةٌ في رُكنِها  * أطيافُها أحزانُـــــهَا
تَرشّفتْ سوادَها  * فَشَعشعَتْ ألوانُـهَا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ شَهدةٌ

وَجاءتْ…كمــا * ربيعٌ وحَـــــــــــلْ
قَوامٌ هـَــفَـــــا *ووردٌ وفُـــــــــــلْ
وروضٌ زَهَـــــا * كَساهُ الخَــــــجلْ
بِلحن الخُطى *وأبهَى حُــــــلـــــلْ
وشَعرٌ سَجَــــا * وماجَ الكَـــفَـــــلْ
ووجهٌ بَــــــــدا * كبدرِ اكْتَــمَــــــلْ
بِثَغرِ السَّنَـــــا * صَفِـيــفِ الــــلَّأَلْ
شِفاهُ اللَّمَــى * كَشهدِ العـــســـلْ
أَلَا هَـــلْ دَرَى * بقلبي أمـــــــــــلْ
وكيفَ متَــــى * جَناهَا الــــقُـبَــــلْ ؟
أجابـتْ ـ بِلا ـ * كَفاكَ الـــغَــــــزلْ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الفُستان

قد أقبلتْ في الموعـــدِ * وشَعْشَعَتْ ألوانُــهَا
بِالاِبتسامِ أَشْرقَــــــتْ * فَأثمرتْ أغــصانُــهَا
وَأيْنعتْ غِلالُـــهــــــــا  * وَلاحَ لي أَوانُـهَا
وعينُها تَــغَــــنّجــــتْ * ظمآنةٌ شُـــطآنُـهَا
لكنّها تَمــــنّــعـــتْ * لا بُدَّ لي إذْعـانُــهَا
هَيهاتَ أَنْ أُصــــــدّقَ * مَا قالهُ لــــسانُـهَا
فَالمُهرةُ إنْ حَمْحَـــمَـتْ * يَسُوسُهَا فُرسـانُــهَا

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـصورة

أُحبُّ أناسَ الكرام بصدق * ويُعجبني في الحديث الوَقُور
بعيدا أظل وحيدا ولكـنْ * مع الخِلّ يبدُو عليّ الـسّرور
أليفٌ لكـل أليفٍ وفِــيٌّ * أطيعُ هواهُ ومهما يُشــيـرُ ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ من العتيق

وقالت كَبُرنا وراحتْ * سنينُ الهوى يا صديقــــــِي
فقلت لها لا تبــــــالي * فإن الهوى في العـــروق
وكالخمر ـ قـــــــالوا * وأجْودُها من خَبايا العتيــقِ ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ العمارة

يا ليتَ سُكنى مَغــــــارهْ * لا جَورُ جــارٍ وجــــــــــــــــارهْ
أعرابُ زحفٍ كـــــــأنّـا * ضاعتْ لدينا الـــــــحضـــــــارهْ
مهارسُ عند رأســـــــي * ليلِي لدقّ الحــجـــــــــــــــارهْ
أنعِمْ بــــــــه سقفُ بـــــيتٍ * عليهِ جَيشٌ وغــــــــــــارهْ
ما الشّعرُ أجْدى لنـــــفع * فالرّبحُ فيه خــــســــــــــــارهْ
بيتــــا وبيتا بَـنــيــــتُ * عُمري مَضى في الـــعبــــــــارهْ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ كانون

في مساءٍ مُؤنـس * رغمَ بردٍ ومـطــــرْ
قد تدفّأنا الصَّفَـا * وقَطفنا مِنْ ثمــرْ
يَا لهَا مِن مُتعةِ * أَذهَبتْ عنّا الــكدَرْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـالمِشكاة

لبِستُ الزّمانَ سَداهُ قَشِيــــــــبُ
فأبلَى السّنينَ وشَبَّ المَـــشيــــبُ
عَلى كلّ ريح نَشرتُ جــناحِـــــــي
طوَيْتُ الجِواءَ ورُحتُ أجــــــــــوبُ
ويَمّمتُ وجهي لشَرق وغَـــــــــربٍ
مَع الفجر أسِري وخَـــــطوي دَؤوبُ
فكمْ من فِجاج القِفار قطعْــــــــتُ
تَوالتْ بِيَ البِيدُ وهيَ جَــــديــــــبُ
على قابِ قوسيْنِ كنتُ سأهـــــوي
وفي غَيْهَب السّفح كِدتُ أغيــــبُ
ولكنّهُ اللّهُ لمَّا اِســـتغَثــــــــــــتُ
فمَدّ يدَ العون وهو القريـــــــــــبُ
بِحِــفْظِ الإلهِ اللّطيفِ نَجَـــــــــوتُ
وقاصدُ فَضلهِ ليْسَ يَخيــــــــــــبُ
فسُبحانَهُ اللّهُ وهو الرّحــيـــــــــمُ
هَدانا إليهِ رسولٌ حـــــبيــــــــبُ
نَبـيٌّ أبِـيٌّ وَفِــيٌّ حَــفِـــــــــــــيٌّ
وبالــمؤمنينَ رؤوفٌ لـــــــبيــــبُ
حَميدُ السّجايا كريمُ العـــــطايــا
مُقِيلُ الخَطايــــا أمِينٌ أريـــــــبُ
فَصيحُ اللّسان سَديدُ الـــــبيــــان
فَمَا مثلُهُ شاعرٌ أو خـــطيـــــــبُ
هو المُصطفى فالصّلاةُ عليـــــــه
ومسكُ السَّلامِ وطِيبٌ سَكيــــبُ
إلاهِي أنِلْهُ مَقاما حَــــمِيـــــــــدًا
وعدتَ, صدقتَ فأنتَ المُجيــــــبُ