الأرشيفات الشهرية: أغسطس 2022

في الذكرى الأولى للشّاعر الصّديق علّالة الحوّاشي

ما يزال بِسَمته الأنيق وبلحيته الكثّة وبظّارته راسخا في ذاكرتي وما يزال صوته الشجيّ صدى يأتيني من بعيد وتذكّرت الآن أنّ صديقي علالة الحواشي ما رأيته مرة بدون ربطة العنق فهو حريص على أناقته وعلى تناسق هندامه في كل الفصول في سنوات كان البعض من الشعراء والمنتمين إلى الأجواء الفنية والفكرية يعتبرون أنّ المبدع والمثقف يجب أن يكون هامشيا فوضوي السلوك ورثّ الثّياب تلك سنوات اِنقضت ومضت ولم يبق منها إلا ما غربله الزّمان وبمناسبة مرور سنة على  رحيل الشاعر علالة الحواشي عدت إلى أرشيف كتاباتي فوجدت هذه المقالة التي نشرتها عند صدور ديوانه الأول ـ حلاج البلاد ـ سنة 1995 وأعيد نشرها تحية وفاء  لروحة .

متابعة قراءة في الذكرى الأولى للشّاعر الصّديق علّالة الحوّاشي

في المقهى الثقافي بمدينة بوفيشة

ــــــ في المقهى الثقافي بمدينة بوفيشة ـــــــ
بدعوة كريمة من أسرة المقهى الثقافي بمدينة بوفيشة حضرت مع ثلة من أعضاء جمعية ابن عرفة أمسية أدبية بمناسبة استضافة _ الصالون الأدبي دنيا زاد _ الجزائري وفي أجواء أخوية أدبية بهيجة استمعت إلى ثلاث محاضرات من أعضاء الصالون فالاولى كانت تاريخا لبعض وقائع الثورة الجزائرية وظروف اندلاعها والثانية حول جدلية الثورة والأدب بصفة عامة والثالثة كانت قراءة في روايتين تونسيتين وعندما أتيحت لي الكلمة تحدثت بإيجاز عن ضرورة اهتمام الأدباء المغاربة بما يكتبه الأدباء في بلدانهم وأن يكونوا معتزين بإبداعاتهم وقرأت بينهم قصيدة مفدي زكرياء كمثال عن الشعر المغاربي المعاصر الذي نجد فيه الإضافة والتميز والقصيدة قد كتبها مفدي زكرياء عند تنفيذ حكم الإعدام في أحد الابطال الجزائريين حيث يقول فيها
قام يختال كالمسيح وئيدا * يتهادى نشوان يتلو النّشيدا
إن مثل هذه المناسبات الأدبية والثقافية بين مختلف الأندية والجمعيات قادرة على توثيق الصلات وتمتين العلاقات بين الأدباء والمبدعين والمثقفين في أقطار المغرب العربي وذلك في غياب التبادل الثقافي بينها وهو العمل الذي من المفروض أن تقوم به مختلف المؤسسات الثقافية هنا وهناك…وهنالك
وها تحن نحاول كلما سنحت لنا الفرصة فتحية شكر وتقدير لكل من ساهم في إنجاز هذه
المبادرة ولكل من حضر وشارك في هذه الأمسية التونسية الجزائرية

قراءة دلالية في قصيدة ـ كوكب الحسن ـ بقلم حبيبة محرزي

قراءة دلالية في قصيدة الشاعر والأديب سوف عبيد

“كوكب الحسن”
مشطور الخبب يتناغم مع خطوات ربة الحسن والبهاء ام هي نسمات ونغمات عذاب تخبّ في الصحراء؟
عتبة العنوان تشيّع التيمة إلى ما يتعدى الحقيقة والمالوف لأن الكوكب حامل لصفات الحسن والجمال والضياء وإضافتها إلى “الحسن” تأكيد على التفرد والكمال وتعدي المعهود المألوف الثابت .
القصيدة بايقاع خببيّ خفيف خفة المشطور رقيقة رقة الخبّ على الرمال الذهبية .وزن يحاكي نبضات القلب العاشق المتلهف .بروي “ب” مثًل نصف تيمة القصيدة “ب ” وتلازم مع النصف المتبقي “ح”. والنتيجة “حب” قصيدة طغت فيها الحروف المهموسة كالقاف والياء والنون والغاء.والسين…حروف تتناغم مع الخب والهدوء والسكون . وحرف الباء لا يخلو منه بيت واحد. تأكيدا وتشديدا على الرويّ..
يستهل الشاعر قصيدته الغزلية والتي تبرأت منذ المطلع من القصيدة الجاهلية فلا طلل ولا رسم ولا راحلة ولا فروسية بل “رب” بمعنى كم والحسن عندما يصبح مثلا يضرب فتلك إشارة الكمال والعلوً
والنفي المطلق “ما رأى” مع التعميم في المكان والاتجاه .”مشرق .مغرب” ليصبح البهاء ينسب إليها مع تعميم الديمومة الزمنية. “دائما” والتحليل والتفسير والتعليل لهذه الأحكام الباتّة “إذ.” سناها”والسنا هو الضوء الساطع انزياحات بالجملة لوصف مظاهر الحسن والبهاء ليعود إلى *حسنها”وهي الكلمة المفتاح في القصيدة لتصير من آيات العجب لتتكرر “الكوكب”لتتعدد الأفعال في الماضي المثبت في أسلوب اخباري حدثه منقض ثابت أفعال صورت بعدسة مصور سينمائي يتصيد الحركات التلقائية لتوظيفها في تثمين صاحبة الحسن والبهاء :
أقبلت .نشرت عقدت..”
أفعال دالة على الحركة المتناغمة مع الطبيعة المنسابة انسياب النور والسنا المترفّعة ترفّع الكواكب في العلياء في انزياح جمالي بديع.ليكون للوزن والتناغم مع الايقاع الحركي الخببيّ “فاعلن فاعلن “مع الوزن الموسيقي “دم تاك”لتحضر النخلة المائدة بالرطب في صورة شعرية مستقاة من واحات الجنوب التونسي موطن الشاعر الاصلي ليعود إلى الاخبار بالجمله الاسمية الثابت خبرها في الزمان والمكان ليكون للبحر حضور في مد وجزر بشبه لها بالدرة ليكون التشبيه البليغ فهي الدرة التي تأخذ صفة البحر والغوص فيها يصعب .ليمر الشاعر إلى تشبيه صريح مع وجه الشبه “مالها مقرب” دلالة على صفة التمنع في الغزل لتحضر الصور الشعرية بالتشبيه والاستعارة “وردة خدها ” “ثغرها كوثر …ليكون الإفصاح عن اللقاء وحضور المتكلم “فكتبنا” التقاء وانفراج وأدب واحرف وسنا.
قصيدة بخفة “فاعلن “وعذوبة الرطب والعسل واتساع البحر وثرائه وجمال الورد والسنا والكوكب .و”فاغلن “خبّ إبل في جوّ رومنسي جميل .
.تلك هي اشعار الشاعر سوف عبيد تهيم بالطبيعة هيام ابو القاسم الشابي وبالحب والغزل هيام جميل وعمر ويشار .
حبيبة محرزي
تونس
ـــــــــ كوكبُ الحُسن ـــــــــ

رُبَّ حُـسْـنٍ غَـدَا * مَـثَـلًا يُضْرَبُ

مَا رَأَى شِبْـهَـهَا * مَـشْرِقٌ مَغْرِبُ

فَإلَـيْـهَا اَلْـبَـــهَا * دَائِـمًا يُـنـسب

إِذْ سَنَاهَا بَـدَا * فِي السَّمَا كَوْكَبُ

حُـسْـنُـهَا آيَــــةٌ * بِـدْعَـةٌ عَـجَـبُ

أَقْبَلَتْ تَـرْفُــلُ * مِـثـلُـها مَـوْكِـبُ

نَشَرَتْ شَعْرَهَا * نَسْمَةً تَلْـعَـــبُ

عَقَدَتْ شَالَهَا * إنْ نَـضَا تَسْـحَبُ

وَالْخُطَى نَغْمَةٌ * كَـعْبُـهَا يُــطْرِبُ

فَاعِلُنْ فَاعِلُنْ * دُمْ وتَـاكْ تُضْرَب

مَـائِـدٌ غُصْـنُـها * رَقَـصَتْ رُطَـبُ

قَدُّهَا هَـيَـفٌ * فِي الْمَدَى مَرْكَبُ

بَـحْـرُهُ زَاخِـــرٌ * هَائِــجٌ يَصْـخَب

مَـــدُّهُ جَــزْرُهُ * سَـاحِـلٌ أرْحَـب

بِكَثِيـب الــنّــقا* قد عَـلا كَـعْـثَـب

قَـدْ حَوَى دُرَّةً * غَوْصُهَـا يَصْعُـب

نَظَرَتْ رَشَقَتْ * نَـبْلُـهَا أصْـوَب

مِثْلَ رِيم اَلْفَلَا * مَا لَــهَا مَـقْـرَبُ

وَرْدَةٌ خَدُّهَـا * وَالـشَّذَى أَطْـيَـبُ

ثَـغْـرُهَا كَـوْثَـرٌ * عَـسَلٌ يُسْـكَبُ

وَاَلْجَبِـينُ صَـفَا * صَفْحَةً تُحْسَبُ

فَكَتَـبْـنَا اَلْهَوَى * وَاَلْهَـوَى يُكتَبُ

أَحْرُفًا مِنْ سَنَا * نَـقْـطُـهَا ذَهَبُ

حُـسْـنُـهُا كَامِلٌ * تَـــمَّــهُ اَلْأدَبُ

ــــــــــــ سوف عبيد ــــــــــ

السّبعُون…أو في بلاد الدّينصور


ـــــ السّبعُونأو في بلاد الدّينصور ــــــ

سَنةٌ فِي سَنةٍ يا سَنواتْ

هذه السّبعونَ لاحَت

كيفَ مرّتْ سنواتْ

ذكرياتِي تَتَوالَى

لحَظاتٍ لحظاتْ

لَكانّي الآنَ طفلٌ

تِلكَ أختِي

بعَرُوس منْ قُماش

أرْكَبَتْهَا هَوْدجًا عُودَ قَصَبْ

بأهازيج الغِناءْ

هَدْهَدَتْنِي

والصّدَى تِلْوَ الصّدى

شَقّ المَدى

زَغْرداتٌ زغرداتْ

***

سَنواتٌ سَنواتْ

غَارُنا والحَوْشُ رَحْبٌ

فِيهِ أُولَى الخَطواتْ

عَثَراتٌ عَثراتْ

كمْ سَقَطْنا

ونَهَضْنا

وَسَقَطْنَا

فَوَقَفْنا

ثمّ سِرْنا

فأمامٌ

وأمامٌوأمامْ

وعَلى الشّوْكِ القَدَمْ

أوْ حُفَرْ

لا نُبالي بالخَطرْ

وعَلى حَادِّ الصُخُورْ

كمْ حُفاةً قد جَريْنا

وإذا الأقدَامُ سَالتْ بالدّماءْ

فَبِشِيح وَبِرَمْلٍ نَتَداوَى

مِن أعَال كمْ قَفزْنا

فاِنخَدَشْنا واِنكسَرْنا واِنجَبَرْنا

وأعَدْنا القَفزَ دَوْمًا

بسُرورْ

كمْ قَطَعْناهَا البَرارِي

وسَلَكْنَاهَا البَوادي

في دُروبٍ ودُروب

وتَسلّقنا الجِبال

فَعَجِبْنَا مِنْ رُسُوم 

لغَزالٍ

وَلِفِيلٍ

فِي كُهُوفٍ ومَغَاور

وعَجِبْنا

مِنْ خُطُوطِ ونُقُوشٍ

لأيَائِلْ

بقُرُونٍ مِثْلَ أغْصَانِ الشّجَرْ

وَلِصَيّادٍ بِسَهْم وَرِمَاح

بَيْنَ عُشْبٍ يَتَخَفّى

وَعَجِبْنَا مِنْ رِجَالٍ ونِسَاءٍ

كالعُرَاةِ

فَضَحِكْنا

مَا عَلِمْنا وَقْتذَاكَ

أنّ عَصرًا منْ زَمانٍ قد مَضَى

كانَقَدْ كانَ اِخْضِرَارًا

وَبِغَابَاتٍ تَوالتْ فِي المَدَى

وشِعَابٍ سَامِقَاتٍ

وسُيُولٍ كَالْعَرَمْرَمْ

ثُمّ جَفّتْ

يَا جَنُوبًا صَار قَفْرًا فِي قِفَار

مَا عَلِمْنَا وَقْتذاكْ

أنّ فِي هَذا الجنُوب

كانَ عاشَ الدّينَصُورْ

مُنذُ أحْقابِ الزّمَانْ

فخُطَانَا ـ يَا عَجَبًا ـ

وَطَأَتْ أو شَابَهتْ مِنهُ الخُطَى

كمْ عُصُورٍ قَدْ تَوالتْ وعُصُورْ

يَا زمانًا قدْ مَضَى

سَنواتٍ سَنواتْ

***

سَنواتٌ سنواتْ

بِئْرُنا والدّلوُ فيهَا

فِي نُزُول وصُعُود

والثّقُوبُ

قَطراتٌ قطراتْ

كَمْ سَقَيْنا مِنْ شِياهٍ في الْحِياضِ

وَحَلَبْنا بالأيَادِي

لَبَنًا مِثلَهُ شَهْدُ

كمْ مَلأنا مِنْ دِلاءٍ للرُّعَاةْ

ثمّ سَارُوا فِي الفَيافِي

بِسَوِيقٍ وتُمُور

في المَخالِي

مِزْوَدُ المَاءِ رفيقٌ والسَّراب

***

سَنواتٌ سَنواتْ

كمْ كِلابٍ نَهشَتْنا

كمْ أفَاعٍ لَدَغتنا

فَشُفِينا ونَسِينا

سَنواتٌ سنواتْ

كَمْ عَجَنّا الطّين خَيْلا صَافِناتْ

عَادياتِ ضَابِحَاتْ

وعَلى الكُثبان راحَتْ

سَابقَاتْ

فَإذا كلّتْ أَرَحْنا

وجَلسْنا في الظّلالِ

لا نُبالِي

كمْ شَدَدْنا من حِبَالٍ

لِلْأراجيحِ صباحًا

أوْ مَساء

فَترَانا فِي الأعَالِي

بينَ أغصانٍ وريحْ

لكَأنّا قَدْ صَعِدْنا بجَناح وجناح

فِي الفَضاءْ

***

سَنواتٌ سنواتْ

كمْ بَنيْنا من صُخُور عَرباتْ

بسُقُوفٍ مِنْ جَريد

مِقْودٌ كانَ خَشبْ

والفَرامِيلُ عُلَبْ

كمْ بِلادٍ وبلادٍ أوْصَلتْنا

طُرقاتٌ طرقاتْ

وتَدُورُ العَجلاتْ

دَوَرانَ السّنواتْ

***

سَنواتٌ سنواتْ

سَنةٌ في سنةٍ حتّى بَلغتُ السّادسة

ذاكَ فَجرٌ

لاحَ نُورًا وجهُ أمّي 

مِثلَ شَمسٍ في شُروق 

رَجُلًا أصبحتَ قالتْ

كُنْ كذئبٍ عندمَا تلْقَى الذّئابْ

جَمَلًا كُنْ عندمَا تلْقَى الصِّعابْ

وَرَنَتْ لي مِنْ بَعيدْ

في اِلْتِيَاعْ

تلكَ أمّي

دَمَعَاتٍ كَفْكَفَتْهَا

لَمَعتْ مثلَ اللآلي

وأشَارتْ بالوَدَاعْ

لَكأنّي بعدَ أمّي

سِرْتُ وحْدِي في ضَياعْ

***

سَنواتُ سَنواتْ

كَم زَهَوْنا في نَجاح هَانئِينْ

وضَحِكْنا

ضَحَكاتٍ ضَحَكاتْ

كمْ رَسَبْنا في اِمتحان

آهِ من دَرس الحِسابْ

فَمَعَ الصّفْر العقابْ

يا عَصَا رُدّي صِبانا

وأعِيديهِ الزّمان

لا نُبالي

رغمَ وَجْعِ الضّرباتْ

ضَربَاتٍ ضَربَاتْ

***

سَنواتٌ سنواتْ

قدْ مَشَيْنا 

طرقاتٍ طرقاتْ

وتَعِبْنااِسترحْنا

اِنتصَرْنااِنهَزمْنا

وبَكَيْنا الحَسَراتْ

دَمَعَاتٍ دَمعاتْ

ورَسَمْنا

وَمَحَوْنَا

مَا اِرْتكبْنا في الزّوَايا

مِنْ خَطايَا

وطوَيْنا الصّفحاتْ

ذِكرياتٍ ذكريات

***

أبْصَرَتْني صَفحَةُ المِرآةِ ضَاءَتْ

فَاجَأتْني بمَشِيبِي

لا أبَالِي

كُلُّ شَيْباتِي قَصَائد

وحَكايَا

واِنتِظارْ

فَاكتُبِِيهَا واُنشُريهَا يا مَرايَا

فِي مَحَطّات القِطار 

فَحَياتِي كَكِتابٍ

بسُطور مِنْ سَحابٍ

هَطلتْ أمطارَ حِبرٍ

صَارَ بَحْرًا

فَكتبْتُ الكلِمَاتْ

دمعاتٍدمعاتْ

إنّمَا العُمرُ حِكايهْ

بِبدَايهْ

ونِهَايهْ

هَذهِ السّبعُونَ حَلّتْ

فَبِطُولٍ وبعَرْض قَدْ مَلأنَا الصَّفحاتْ

صَفحاتٍ صَفحاتْ

كيفَ مَرّتْ سَنواتْ ؟

ذِكرياتٌ ذِكرياتْ

وأعُدُّ السّنواتْ

سَنواتٍ

سَنواتِ

سَنواتْ

متابعة قراءة السّبعُون…أو في بلاد الدّينصور