الأرشيفات الشهرية: نوفمبر 2021

أمسية معرض تونس الدّولي للكِتاب

القصائد التي قرأتها في أمسية معرض الكتاب بتونس مساء السبت 20 نوفمبر 2021ا

ــــ 1 ــــ رمضان أبي ــــــ

عند سَحور أوّل يوم في رمضان

يخرج أبي من بيتنا

يقف عند العَتبة

تمامًا كما يستقبل الضّيف يقول

ــ أهلا وسهلا

مرحبا و بالبركة

عند آخر مَغربٍ في رمضان

يخرج أيضا أبي

كما يودّع أعزّ الضّيوف

ــ بالسّلامة و إلى اللّقاء

منذ عام

ودّع أبي رمضان

من عادته يسير معه بعد الباب

خطوتين

أو ثلاثا

هذه السّنة

سار خَطواتٍ أكثرَ

إلى ما بعد الزّقاق

فوقفت عند العتبة…أنتظر

رمضانُ عاد

أبي … لم يعُدْ

ــــ 2 ــــ لوحةُ الكتف ـــــــ

أمّي التي لم تقرأ

ولم تَكتُبْ أبدًا

أفصحُ منّي

تُسَمّي يومَ الأربعاء

– إرْبِحَاء –

مرّةً قلتُ لها

قُولي ـ أَربَعاء ـ

فقالت

إربِِحَاء…إربِحَاء

إنّه يومُ الرّبح

والرّحمة

رَحماكِ يا أمّي

*

كلَّ عام

وفِي يَوم ثالثِ عِيدِ أَضْحَي

تأخُذ أمّي لَوحةَ كَتِفِ الشّاةِ الأيْمن

تُقلّبُها وتُمرّرُ عليها أناملَها وكفَّها

ثُمّ تتأمّل خُطوطَها وتَتَملّاها

كأنّها تَتهجّاها

*

تَصمُتُ بُرهةً

ثمّ تبتسِمُ وتقُول

ثمّةَ في العام المُقبل ـ إن شاء اللّه ـ

الخيرُ والبَركة

وسنَفرحُ مرّتين

أو ثلاثًا

رُبّما بكذا أو كذا

…وتَصْدُقُ نُبوءاتُ أمّي

*

في آخر سَنةٍ

السّنةِ التي فيها أمّي رَحلت

رأيتُ وَجهَها مُكْفَهِرًّا

كمَا لمْ أرهُ مِنْ قبلُ

لم تَبتسمْ ولمْ تَتكلّم

*

اليومَ

اليومَ فقطْ

بعدمَا مَرّتْ سَنواتٌ وسنوات

وفَاتَ مَا فاتَ مِنَ العُمر

تذكّرتُ أنّي رأيتُ آنذاك تَجْويفَةً

في وَسَطِ لوْحةِ الكَتِف

رَأتْها أمِّي ـ ولا شَكّ ـ

تَجْويفَةَ القَبْر !

ــــ3 ــــ الدّنيا ـــــــ

كانتِ السّماءُ

بِشَمسِها وقَمَرها

ليستْ أعلى مِنْ شَجرةِ تِينٍ أَوْ تفّاح

أوْ داليةٍ

نقطفُ منها حتّى النّجوم

*

العيونُ والسّواقي كانت رَقراقةً

زُلالاً

نَسقي في أكفّنا منها العصافير

تُرفرفُ حولنَا

ثمّ تَحُطّ قُربنا في سُرور وحُبور

*

كان جميع النّاس أطفالا

يَعرف بعضُهم بعضًا

حتّى إذا ما تَشاجرُوا

تَشاجروا على كرة قَشّ

أو دُميةِ خَشبٍ

*

عاش الناسُ أطفالا

لا تَتجاوز أعمارُهم السّابعةَ أو العاشرة

ومَن يَشيخُ منهُم

يُعمّر عامين أكثرَ… أو ثلاثةً

ثم يُرفرفُ مع الملائكةِ

نحو جنّة السّماء

*

سنةً بعد سنةٍ

جاء على الدنيا زمنٌ

فطالتْ أعمارُ أولئك الأطفال

حتّى برزت لِحاهُم وأظافرُهُم

سنةً بعد سنةٍ

طالت تلك الأظافر

صارت مخالب

فما عادتِ الأرضُ أرضًا

ولا الدّنيا

دنيا

ـــ 4 ـــ الغزالة والسّلحفاة والفراشة وعروس البحر ــــــ

يَا أَبَتِ

أحببتُ عروس البحر

ــ كُنْ سفينةَ الصحراء

كي لا تغرق في موجهاا

*

إنّها تشبه غزالة

ــ إذن

اِقترب منها

بخُطى السّلحفاة

لتلحق بها

*

يا أبتاهُ

أراها تطيرُ عاليا …وبعيدًا

ــ إذن

رفرفْ في سمائها

كالفراشة

فالنّسيمُ سيحملك إليْهَا

وسيلتقي جناحاك

بجناحيْهَا

ــــ5 ــــ النظّارة ــــــــ

في داخلنا طفلٌ يبكي

لا يرى دُموعَه أحدٌ

*

غُصَصٌ في صُدورنا

تظلّ مَوْؤُودَةً في أعماقِنَا

لا يسمعُها أحدٌ

*

في غَياهِب عُيوننا

إذْ نُغمضُ جُفونَنا

تَتَراءَى لنا رُؤًى

لو كشفناها

لن يُصدّقَها أحدٌ

*

نبتسمُ

رغمَ الدّمعةِ تتلألأ في عُيوننا

نَصمُتُ

الآهةُ في صُدورنا

نضعُ نظاراتٍ سوداء

فنمضِي

ولا يعرفُنا أحدٌ

ـــ 6 ــــ ثرثرة ــــــــ

كُنّا صِغَارًا

نَتباهَى فِي عِيدِ الفِطْر

بِجَدِيدِ ثِيابِنا

وَألعَابِنا

وَنَنْتَظِرُ عِيدَ الأَضْحَى

لِنُفاخِرَ بِالقُرونِ الكبيرةِ لأكْبَاشِنَا

وَبشَدِيدِ نَطْحِهَا

*

كبُرْنا قَليلًا

صِرْنَا نَتَفَاخَرُ بِشُوَيْعِرَاتٍ

فَوْق الشّوَارب

ثُمّ مَرَقَتْ بِنَا السّنواتُ

فِي السّنواتِ

فَلَمْ نَدْرِ كَيْفَ مَضَتْ بِنَا الدّنيا

حتّى رَأيْنَا مَا رَأيْنَا

وغَزانَا الشّيب

فأمْسَيْنا نَفْخَرُ بِأَبْنائِنَا

وعُدْنَا نَتَنَافَسُ فِي السّباق

وَلكنْ

معَ الأحْفادِ

*

عِندمَا نَتْعَبُ

نجلِسُ بينهُم نُثَرْثِرُ…ونُثَرثرُ

نُفاخِرُ بآبائنا والأجدادِ

كانُوا وكانُوا

وَكُنّا فِي هَذا اَلْبَلَدْ

رُبّما يَأتِي زمَانٌ

…! وَلَا يَذْكُرُنَا أحَدْ

ــــ7 ــــ بَيْنَ اَلْعَيْنِ وَهُدْبِهَا ــــــ

يَا عَيْنُ دَمْعُكِ صَــعْـبُ * فَاِبْكِي أصَابَـكِ هُـدْبُ

مَنْ قَدْ حَمَاكِ رَمَــــاكِ * فَـلَا يُفِـيـدُكِ عَـــتْـبُ

إِنَّ الْوَدُودَ تَـجَــافَـى * كَمْ كانَ يُسْـلِيـهِ قُــرْبُ

أَصْبَحْتِ ذَاكَ اللَّــــدُودَ * فِيكِ اَلْمَخَالِبُ نَشْبُ

وَقَالَ : قِـيـلَ وَقَــالُـوا * وَكَمْ تَـحَـدّث صَحْبُ

فِي كُلّ شِعْبٍ مَشَـيْــتِ * رَآكِ دَرْبٌ… وَدَرْبُ

كُلُّ الذّنُوبِ اِدَّعَوْهَا عَــلَيْـــكِ, لَـمْ يَـبْــقَ ذَنْـبُ

هَذِي السُّيُوفُ وَسُلَّتْ * وَاَلسَّهْمُ نَحْوَكِ صَوْبُ

هَيْهَاتَ يُجْدِي الْـوَفَــاءُ * لَا شَيْءَ فِيكِ يُحَـــبُّ

إِلّا شِـوَاءَكِ لَـحْـــــمًا * وَكَأسُ دَمْعِكِ عَـــذْبُ

فَلْيَشْرَبُـوا بِاَلـشِّفَـاءِ * مَرْحَى لَهُمْ ذَاكَ نَخْــبُ

كَـلَّا ! أَيَا عَيْـنُ كُـفِّــي * ربَاطُ جَأْشِكِ صَـلْــبُ

مَا أهْوَنَ الدَّمْعَ مِنْــكِ * عَمَّا يُـجِيشُـهُ قَــلْــبُ

قَلْبٌ شُجُونُـهُ حَطَّـتْ * بِكَـلْـكَلٍ ثُمَّ سُـــحْـبُ

قَلْبٌ وَبَيْنَ اَلْمَحَطّاتِ * ضَــــاعَ مَـا لَـــهُ أَوْبُ

قَلْبٌ حَوَتْهُ اَلْــبِـــلَادُ * ضَاقَتْ بِـهِ وهيَ رَحْبُ

فَلا اِخضِرارٌ بَـهِـيــــجٌ * وَلا زُهُـورٌ وعُـشْــــبُ

وَلَا تَبـــاشِـيـرُ خَــيْــرٍ * إلَّا اَلْجَـنَـازَاتُ رَكْــبُ

أعْوامُ قَحْطٍ تَوالَتْ * عَمَّ الفَــسَـادُ وخَـطْـبُ

فِي كُلِّ يَوْمٍ جَدِيـــدٌ * شَيْءٌ غَريبٌ وَعُجْـــبُ

وتُـونِــسٌ أوْحَـشُـوهَا * وبالشّعَاراتِ صَــخْـبُ

أَبْـنَــاؤُهَـا أَهْـمَلُـوهَـا * فَــمَــا أَشَــدَّهُ كَـــرْبُ

فَــكُـــلُّ سَــاعٍ إلَيْـــهَـا * إلّا وَسَــعْــيُــهُ إرْبُ

مِنْ مَشْرقٍ ذَا يَـكِـيــدُ * وَذاكَ مَكْـرُهُ غَـــرْبُ

كَاَلْكَعْـكَةِ اِقْـتَـسَـمُوهَا * فَأرٌ وأفْـعَـى وَذِئْــبُ

وَيْحِي أَضَاعُوا اَلْبِـلَادَ * يَا لَوْعَتِي أيْنَهُ شَـعْـبُ؟

نَادَيْتُ ـ وَاَلصَّوتُ بَـحَّ ـ * وَاحَـرَّ قَلْبَاهُ هُـبُّــوا !!

ــــ 8 ـــ الحمامة الظامئة ــــــــ

مِثْلُهَا فِـي اَلْحُسْنِ وَرْدَهْ * عَذْبةُ الثَّغْرِ كَشَـهْدَهْ

شَعْرُها يَـنْـثَالُ مَـوْجًـا * ليسَ سَهْلًا أنْ تَـصُدَّهْ

إذْ تَهَادَى فِي اِنْسِـيَاــبٍ * كَـحَريرٍ مَـسَّ خَـدَّهْ

مِــثْـلَ رَفٍّ لِلْحَـمَـــامِ * ظامِـئًـا يَـنْـهَـلُ وِِرْدَهْ

فَـــرَوَاهَـا مِــــنْ زُلالٍ * بِـحَــــنَـــــانٍ وَمَـوَدَّهْ

ثُمّ آواهَا بِِـلُـــطْــــــفٍ * صَدرَهُ لاقَـتْ…وَزِنْـدَه

إنّـمَا الـدُّنــــيَـا أمـان * كُلُّهَا الدُّنيَا… وَعِــــنْـدَهْ

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

صديقي الأستاذ صفوان بن مراد : ومَن أولى أن يسلمني تلك الشهادة سواك يا عزيزي ؟ فأنت من رافقتني منذ أكثر من نصف قرن عندما درسنا بالسنة الأولى من التعليم الثانوي بالصادقية المجيدة فقرانا معا ونحن يافعين قصائد نزار قباني والبياتي وغيرهما واطلعنا على مجلة الفكر والآداب وغيرهما فنهلنا باكرا من معين الشعر والأدب ثم انتقلنا إلى معهد ابن شرف العامر وعرفنا أساتذنتا الكبار مثل الشاعر الميداني بن صالح والشيخ سلام وغيرهما ….وبعد الباكالوريا افترقنا… أنا واصلت في الآداب وأنت واصلت في الحقوق…..وتمضي السنوات عجلى لا ندري كيف وها نحن نلتقي من جديد على الوفاء والصفاء ومحبة الشعر والأدب والثقافة وكم كنت سعيدا أنك كنتَ حاضرا وكنتُ أسعد عندما تسلمت منك تلك الشهادة ياعزيزي…..تحياتي لإدارة معرض الكتاب ولجميع الحاضرين ولكل الأصدقاء….وأرجو أن أقرا قصائدك البديعة قريبا في ديوان..

Hames El Mawj, Mouna Belhadj et 78 autres personnes
32 commentaires
8 partages
J’aime
Commenter
Partager