الأرشيفات الشهرية: أبريل 2023

باقة من القصائد التونسية الجديدة

 

https://www.almothaqaf.com/e2/968378-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A-%D9%84%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1-%D8%A8%D8%A7%D9%82%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%A7%D8%A6%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9

باقة من القصائد التونسية الجديدة

سُوف عبيد

بمناسبة الاِحتفال باليوم العالمي للشعر الذي نظمته جمعية ابن عرفة بتونس يوم 21 مارس 2012

الشاعر المختار المختاري الزاراتي

هو ثالث الثلاثة من الذين لفحتهم شمس الجنوب

في عنفان العطاء هو

لا تكاد تراه جالسا إلا لينهض نشيطا من جديد لأنه حريص على نجاح اللقاءات الأدبية التي يشرف عليها في جمعية مراجعات وقد أضجت من أنشط الجمعيات الثقافية في تونس

هو ثالث شعراء ثلاثة كلهم إليها ينتسبون وينتمون إليها

في عزة وإباء

ألا وهي الزارات

واحة تمتدّ على ساحل خليج قابس مُتسربلةً في اللون الأخضر ومتوشّحةً هدوءً وسلامًا أزرق البحر

هو ثالث ثلاثةأولهم الشاعر أحمد اللغماني وهو من فحول الشعراء التونسيين

ثانيهم الشاعر مختار اللغماني وهو من أبرز الشعراء الطلائعيين

والثالث صاحبنا هذا ـ الزاراتي مختار المختاري ـ

صاحب هذه القصيدة التي تعبّر عن الحيرة الوجودية التي ما اِنفكت تلازم الإنسان الأول في عهود ما قبل فجر التاريخ إلى اليوم وقد عبّر الأدب التونسي القديم منذ اِعترافات القديس أوغسطين عن تلك الأسئلة حول الحياة والموت ناهيك عن تساؤلات أبي العلاء المعري في قصائد لزومياته وحيرة الغزالي في كتابه المنقذ من الضلال وهاهي قصيدة الزاراتي مختار تواصل حمل تلك الإرهاصات الإنسانية في شفافية البوح وقد أرخى الليل سُدوله ليبيّن تأرجحه بين الإيمان الوثوقي المطمئن وبين الحيرة الحارقة التي لا تهدأ ولا تستكين حتى كأني به يصل بعد هذه الحيرة إلى تخوم القول بوحدة الوجود في إيحاءات صوفية مشرقة بيّنت له الخيط الأبيض من الخيط الأسود…. قصيد تجديدي في معاني الوجود..

شيء من شيء ما

هذا الهدوء يخفي وجها ما

والليل نرجسيّ يحتمل التأويل

خارج السيطرة

هذا الهدوء يسكن قاعا الأصناف

وأنا ما عدت أرتّب كلماتي

بما يصرف عنّي عقاب الصمت

يا نرجسة اللّيل

يا منسيّة في خرافة تخفيها الذاكرة

عن تصابي الأجداد

يا حبّا يقف خارج مناطق الحياد

هذا الهدوء يسجن ما تبقى منّيا

في أصفاد الشوارع المكبوتة

بما يجب

وما لا يجب

من التعايش في هذي البلاد

وها أسقي التراب شذاك

واختم مشيئة الذهاب بغرس العناد

في أسطر يزرورق بحرها بحبر الليل

وخبر السواد

و هذا الهدوء يخفي وجها ما

والليل نرجسيّ يحتمل التأويل

خارج السيطرة

والهدوء استسلاما للغائب

في رقصة العبّاد

أأكون ناسكا في الحبّ

أم من سلالة الزهّاد؟

أم أنني تركت جثتي مقبورة في صحراء

أولها كآخرها

موت وتشرّد وضياع وانقياد

لمطلق في مطلقه يرسم عدميّة الوجود

وانعدام الذات المرتلة في أوراد

ها أنا أعيش الليل وحدي

وأقبل على روحي برحابة روحي

لأثبت لي أنني عصيّ على التعداد

وأنني مفرد جامع

وأنني جمع زمن الآحاد

وأنّك أضعت فرصة أخيرة

لتكوني خارج منطقة المزاد

لأنّ هذا الهدوء يخفي وجها ما

والليل نرجسيّ يحتمل التأويل

خارج السيطرة

وهذا الهدوء يسكن قاع الأصناف

وأنا ما عدت أرتّب كلماتي

بما يصرف عنّي عقاب الصّمت

واحتمال اختزال الحبّ

في تهمة الإلحاد

الشاعرة سليمى السرايري

أسمّيها ـ الفراشة التونسية ـ لأنها عاشقة الألوان فمن أحمر وأخضر إلى أصفر وأزرق تتوشح بها من الرأس إلى القدم بل من حقيبة يدها إلى قبعتها إلى حذائها أيضا وكل ذلك في انسجام وتناسق فتخالها وهي قادمة كأنها فراشة تحلق في الفضاء

تلك هي سليمة السرايري ذات المواهب المتعددة فهي شاعرة وكاتبة ورسامة ونحاتة وإذاعية ولها في التزويق والتحف وحتى في ابتكارات موضة الأزياء لمسات رائعة وقد ساعدها على في ذلك نهلها من تراث الأمازيغ في الجنوب التونسي فأخذت منه نصاعة الألوان المشرقة والهندسات والرموز وجعلتها ميزة واضحة في إبداعاته التشكيلية خاصة مما أكسبها التفرد في هذا المجال الفني

أما شعر سليمى السرايري فهو تعبير عن وجدانها الكاشف عن شجونها وأحلامها وقد اتخذت الرموز والصور قناعا فأضحت بوحا يكاد يكون تصريحا بما فيه من توهج وصدق المعاناة فقصائدها أنات حينا وصرخات أحيانا واختلاجات ورغبات وأحلام وإرهاصات كامنة تتراوح بين القلق والشبق تنساق في لغة صافية رقراقة وأنت حين تسمعها وهي تنشد شعرها بصوتها الحالم تجعلك ترفل أو ترفرف في فضاء جنتك الضائعة متابعة قراءة باقة من القصائد التونسية الجديدة