بُوكاب….أو رحلة إلى جنوب إفريقيا

بُوكاب….أو رحلة إلى جنوب إفريقيا
ـ 1 ـ
قراءة الكتاب بمثابة السّفر فهي رحلة ممتعة ومفيدة خاصة إذا كان بيراع أديبة تملك ناصية اللغة بمختلف مفرداتها وأساليبها وتضميناتها مثل الأديبة – صفية قم بن عبد الجليل – صاحبة كتاب – بوكاب… خربصات في أدب الرحلة – وهو كتاب في نيّف ومائتي صفحة من الحجم المتوسط وفي طبعة حسنة ويبدو العنوان يثير التساؤل حول كلمتي بوكاب وخربصات ممّا حدا بالكاتبة أن تشرحهما حيث أوردت في الصفحة الأولى من التقديم قائلة إن خربص يخربص خربصة كما أورد القاموس بمعنى ميّز الأشياء بعضها من بعض وخربص المال أخذه وذهب واشتقت كلمة خربصات بعدما صاغتها في جمع المؤنث السالم بدلا عن كلمة خربشات تلك التي لم تجد في نفسها قبولا ولا هوى…
ـ 2 ـ
أما كلمة بوكاب
فينبغي أن نصل بالقراءة إلى الفقرة الأخيرة من الكتاب حيث تصرّح أنها كانت مترددة في اختيار عنوان الكتاب ثم قرّ قرارها على أن يكون – بُوكاب – وذلك من باب دلالة الجزء على الكل فبوكاب ليس إلا حيا من مدينة – كيب تاون – في بلاد جنوب إفريقيا وهو الحي الذي يسكنه المسلمون بنسبة كبيرة وقد وجد بنفس الكاتبة هوى بتميزه عن الأحياء العصرية بهندسته المعمارية الفريدة ببيوته الملونة جدرانها تلوينا بديعا وبكثرة مساجده وبتاريخه ونضال أهله وأظن أن صورة غلاف الكتاب تمثل شارعا من هذا الحي المتميز
ـ 3 ـ
تُبارح الأديبة هذا الشارع لتجد نفسها في التاكسي تسير بها برفقة زوجها الحفيّ بها البروفوسور ـ المنصف عبد الجليل ـ الذي دعاها إلى مرافقته في هذه الرحلة إنّه على قدر كبير من المعرفة وصاحب رحلات وأسفار شرقا وغربا في أنحاء عديدة من العالم وهاهو يحدثنا عن ألوان الجدران الزاهية في كثير من المدن التي زارها مثل بعض المدن في البرتغال والمغرب وأمريكا اللاتينية وبينما السيارة تطوي الشارع الكبير طيا تتأمل الكاتبة الجمال الوارف على جانبية فهو أكبر شارع في المدينة ومنه وإليه تتفرع كل الشوارع…إنه شارع نلسن منديلا الرجل العظيم الذي خرت له عروش الطغاة وزلزلت به قواعد العنصرية وظلت تسائل نفسها أين صورته أو أين تمثاله فلم تجد لهما أثرا فكان الجواب لدى المرافق قائلا إن النضال الحق عقيدة راسخة والمناضل الصادق لا يطلب جزاء ولا شكورا وهنا أحست الكاتبة بقرعات على أم رأسها وبسياط تجلد ذاكرتها فتذكرت ما في بلادها وغيرها من البلدان العربية حيث التي يعني النضال فيها الكرسي اللاصق إلى الأبد وتهريب الأموال وتمكين العشيرة وذوي القربى والأبواق المأجورة أن تسبّح بفضلهم آناء الليل و أثناء النهار
ـ 4 ـ
الكتاب مُمتع القراءة بما فيه من وصف دقيق لشتّى الأماكن والأحياء وبما نقلته الأديبة من تفاعلاتها الوجدانية والفكرية خلال زياراتها للمعالم والفضاءات المختلفة فكأنها تنقل لنا عبر الكلميرا مشاهد حية ومباشرة لجولاتها وجلساتها وما كان يدور فيها من حوارات مفيدة فصوّرت مُشاهداتها بدقة مختلف تفاصيل رحلتها باليوم والساعة ومُبدية إعجابها حينا ونقدها حينا آخر وقد تحدثت بإلمام عن الحياة الثقافية والأدبية في تونس بمناسبة محاضرة ألقتها في إحدى الجامعات التي تختلف أجواء الدراسة فيها عن عادات ونظام التدريس لدينا .
كتاب خربصات في أدب الرحلة للأديبة ـ صفية قم بن عبد الجليل ـ يندرج ضمن أدب الرحلة ولا شك ولكنه كتاب سيرة ذاتية من ناحية وهو من ناحية أخرى كتاب يوميات أيضا لأنه تضمن التأريخ وتسجيل الوقائع في كل يوم وفي كل ساعة أحيانا وهو كتاب مقسّم إلى عشر بوايات وكل بوابة تتضمن عددا من المحطات فلا عجب في هذا فالكتاب رحلة ممتعة ومفيدة بما في صفحاته من معلومات متنوعة أوردتها الأديبة بأسلوب على قدر كبير من الإتقان …هو حقا كتاب أدب في معناه الشامل !
* سُوف عبيد ـ تونس

حول سوف عبيد

* من مواليد موسم حصاد 1952 وسُجّل في دفتر شيخ المنطقة بتاريخ يوم 7 أوت 1952 ببئر الكرمة في بلد غُمراسن بالجنوب التونسي درس بالمدرسة الاِبتدائية بضاحية ـ مِقرين ـ تونس العاصمة سنة 1958 ـ بالمدرسة الابتدائية بغُمراسن سنة 1960 ـ بالمدرسة الابتدائية بنهج المغرب بتونس سنة1962 ـ بمعهد الصّادقية بتونس سنة 1964 ـ بمعهد اِبن شرف بتونس سنة 1969 * تخرّج من كلية اﻵداب بتونس بشهادة ـ أستاذية الآداب العربية ـ ثمّ في سنة 1976 بشهادة ـ الكفاءة في البحث ـ حول ـ تفسير الإمام اِبن عَرْفَة ـ سنة 1979 * باشر تدريس اللّغة العربية وآدابها بـ ـ معهد اِبن أبي الضّياف بمنّوبة ـ المعهد الثانوي ببوسالم ـ المعهد الثانوي بماطر ـ معهد فرحات حشاد برادس * بدأ النّشر منذ 1970 في الجرائد والمجلات : الصّباح ـ الملحق الثقافي لجريدة العمل ـ الصّدى ـ الفكر ـ ألِف ـ الحياة الثقافية ـ الموقف ـ الشّعب ـ الرأي ـ الأيام ـ الشّرق الأوسط ـ القدس,,,وبمواقع ـ دروب ـ إنانا ـ المثقّف ـ أنفاس ـ أوتار ـ ألف ـ قاب قوسين ـ … * شارك في النّوادي والنّدوات الثقافية بتونس وخارجها : ليبيا ـ الجزائر ـ المغرب ـ مصر ـ العربية السعودية ـ الأردن ـ سوريا ـ العراق ـ إسبانيا ـ فرنسا ـ إيطاليا ـ ألمانيا ـ بلجيكا ـ هولاندا ـ اليونان ـ * من مؤسسي نادي الشّعر بدار الثقافة ـ اِبن خلدون ـ بتونس سنة 1974 واِنضمّ إلى اِتّحاد الكتاب التونسيين سنة 1980 واُنْتُخِبَ في هيئته المديرة في دورة سنة 1990 أمينا عاما ثم في دورة سنة 2000 نائب رئيس فساهم في تنظيم مؤتمر اِتحاد الأدباء العرب ومهرجان الشعر العربي بتونس سنة 1991 وفي إصدار مجلة ـ المسار ـ وفي تأسيس فروعه وفي تنظيم الندوات والمهرجانات الأدبية وشارك في الهيئة الاِستشارية لمجلة الحياة الثقافية وأسّس منتدى أدب التلاميذ سنة 1990 الذي تواصل سنويا في كامل أنحاء البلاد إلى سنة 2010 ونظّم الملتقى الأوّل والثاني لأدباء الأنترنت بتونس سنتي 2009 و 2010 وأسس نادي الشعر ـ أبو القاسم الشابي ـ سنة 2012 وترأس جمعية ـ اِبن عرفة الثقافية ـ سنة 2013 و2014 وأسس جمعية مهرجان الياسمين برادس 2018 * صدر له 1 ـ الأرض عطشى ـ 1980 2 ـ نوّارة الملح ـ 1984 3 ـ اِمرأة الفُسيفساء ـ 1985 4 ـ صديد الرّوح ـ 1989 5 ـ جناح خارج السرب ـ 1991 6 ـ نبعٌُ واحد لضفاف شتّى ـ 1999 7 ـ عُمرٌ واحد لا يكفي ـ 2004 8 ـ حارقُ البحر ـ نشر إلكتروني عن دار إنانا ـ 2008 ثم صدر عن دار اليمامة بتونس ـ 2013 9 ـ AL JAZIA ـ الجازية ـ بترجمة حمادي بالحاج ـ 2008 10 ـ ألوان على كلمات ـ بلوحات عثمان بَبّة وترجمته ـ طبعة خاصة ـ 2008 11 ـ حركات الشّعر الجديد بتونس ـ 2008 12ـ صفحات من كتاب الوجود ـ القصائد النثرية للشّابي ـ2009 13 ـ oxyde L’âme قصائد مختارة ترجمها عبد المجيد يوسف ـ2015 14ـ ديوان سُوف عبيد ـ عن دار الاِتحاد للنشر والتوزيع تونس2017