يُقال للظّبي غزال وللظبية غزالة والغزالة في اللغة أيضا هي الشّمس عند الضّحى
وقد شبّه الشعراء القدامى حبيباتهم بالشّمس تعبيرًا عن وضاءتها وحسنها مثل عنترة في قوله :
سُقيا لِشَوْهاءَ ما هَمّتْ بفاحشَةٍ * غدتْ على الغزلِ، ليستْ تعرِفُ الغزَلا
أَيا شِبهَ لَيلى لا تُراعي فَإِنَّني * لَكِ اليَومَ مِن بَينِ الوُحوشِ صَديقُ
فَعَيناكِ عَيناها وَجيدُكِ جيدُها * سِوى أَنَّ عَظمَ السّاقِ مِنكِ دَقيقُ
وهذا الشاعر المنخّل اليشكري هو أيضا يجد شبها وتوافقا آخر ولكنه مع البعير والناقة ليعبّر عن تمام الانسجام وكماله بينه وبين حبيبته حيق قال :
وأحبُّها وتحبّني * ويُحبّ ناقتها بعيري
قيس بن الملوّح يستحضر هو أيضا زمن طفولته مع حبيبته ليلى وهما يرعيان صغار الغنم فيقول :
تمثّل الطفولة الصّفاء والنّقاوة والبياض الذي لم تَشُبه شائبة والعاطفة فيه صادقة تنأى عن هواجس الغرائز وحسابات المصالح وقد صوّر الشابي الطفولة فاِعتبرها حلما لذيذا مرفرفا وذلك في أسلوب صيغة التعجّب الذي يرشح بمعاني المحبّة والاِشتياق المَشُوبة بشيء من الحسرة على اِنقضاء عهدها حيث يقول :
للّه ما أحلى الطفولة إنّها حلم الحياة
عـهد كمعسول الرّؤى ما بين أجنحة السُّبات
وعذوبة الطفولة لدى الشّابي جعلته يفتتح بها ـ معلّقته ـ صلوات في هيكل الحب ـ إذ يستهلّها قائلا :
عذبة أنت كالطفولة كالأحلام كاللّحن كالصّباح الجديد
أمّا الشّاعر التونسي ـ حاتم حمّادي ـ وهو من آخر حبّات العنقود في مدوّنة الشعر التونسي فقد نشر أخيرا قصيدا جديدا عاد فيه هو أيضا إلى ألعاب الطفولة خاصّة منها لعبة الغمّيضة لينال قبلة من حبيبته جائزة له بعد عناء البحث والفوز بالرّهان فهذه اللعبة البريئة والمسليّة تُعتبر أكثر صدقا وأبلغ حميميّة من طقوس الحبّ الرّسمية الخاضعة للبروتكولات
قصيدة ـ الغُمَّيْضَةُ ـ للشاعر ـ حاتم حمّادي ـ تونس