بعد ثلاثين سنةً…

هذه المرّة أسافر إلى مدينة النّور ـ أو مدينة الجنّ والملائكة ـ مثلما وصفها طه حسين بدعوة أثيلة من اِبني المقيم في ضاحية جنوب باريس غير بعيد عن نهر السّين حيث يقيم أيضا صديقي الشاعرـ حمدي الشّريف ـ الطيّب الرّفقة والذي ألتقي به يوميّا لنتجوّل حينا ونجلس حينا آخر خائضين غمار الذكريات والشّعر والتاريخ والأحداث
وملاحظين المشاهد العمرانية المتنوعة بما فيها من إتقان ونظام في مختلف نواحي المنطقة وقد اِزّيّنت في أزهى طبيعتها كيف لا ؟ وهي ترفل في أوج أيام الربيع فأينما نظرتَ وسرحت ببصرك ألفيتَ الاِخضرار والأزهار

عرفتُ صديقي حَمدي منذ أكثر من ثلاثين عاما طالبًا جادًّا في معهد فرحات حشاد برادس فكان من وقتذاك مُحبّا للأدب وللثقافة رغم اِختصاصه التقني وشاءت الأقدار أن يتجدّد الاِتصال بيننا بفضل الأنترنت حتى التقينا منذ ثلاث سنوات في هذه الضاحية فإذا ذلك الشاب ـ بفضل عزمه وصبره ونباهته ـ قد تمكن من الهجرة ثمّ الاِِستقرار في بلاد الإفرنج هو وعائلته في كنف عيشة رغدة لكنه وهو الذي تمكن من التأقلم في البيئة الفرنسية قد ظل مرتبطا بتونس ومنتميا إلى تراثه في جوانبه المُنيرة والإنسانية ممّا جعله في نصوصه الشعرية التي يكتبها بالعربية مُعبّرا بعفوية وصدق عن حنينه لموطنه ومتمسّكا بجذوره فاللغة العربية بالنّسبة إليه هي الخيط السّحري الذي يشدّه إلى ذاته وهو  حريص أيضا على أن يظل أبناؤه وبناته منتمين إلى تونس الخضراء…ولكن

ولكن عندما رافقتُه مع نَجليه إلى القنصلية ليستخرج لهما بطاقة الهويّة التونسية رأيتُ صفّا طويلا وقد وقف فيه الصّغير والشاب والشّيخ من الجنسين بل وفيه الرّضيع وحتّى الذي في كرسيّ العجلات

يا سبحان الله
هل مكتوب على التونسيّ أن يقف مُنتظرا السّاعات الطّوال في الحرّ والقَرّ سواءً في تونس للحصول على تأشيرة الدخول إلى فرنسا أو في فرنسا أمام القنصلية التونسية لاِستخراج مختلف أوراقه الوطنية
نعم…التونسي غريب مرتين
غريب في وطنه وغريب خارج وطنه

عندما لا نرى تونسيا واحدا يقف منتظرا أمام السّفارات الأجنبية في بلده
وعندما لا نرى تونسيا واحدا يقف منتظرا أمام سفارة أو قنصلية تونسية في بقية بلدان العالم
يومذاك يمكن أن نتحدّث عن الكرامة الوطنية،

حول سوف عبيد

* من مواليد موسم حصاد 1952 وسُجّل في دفتر شيخ المنطقة بتاريخ يوم 7 أوت 1952 ببئر الكرمة في بلد غُمراسن بالجنوب التونسي درس بالمدرسة الاِبتدائية بضاحية ـ مِقرين ـ تونس العاصمة سنة 1958 ـ بالمدرسة الابتدائية بغُمراسن سنة 1960 ـ بالمدرسة الابتدائية بنهج المغرب بتونس سنة1962 ـ بمعهد الصّادقية بتونس سنة 1964 ـ بمعهد اِبن شرف بتونس سنة 1969 * تخرّج من كلية اﻵداب بتونس بشهادة ـ أستاذية الآداب العربية ـ ثمّ في سنة 1976 بشهادة ـ الكفاءة في البحث ـ حول ـ تفسير الإمام اِبن عَرْفَة ـ سنة 1979 * باشر تدريس اللّغة العربية وآدابها بـ ـ معهد اِبن أبي الضّياف بمنّوبة ـ المعهد الثانوي ببوسالم ـ المعهد الثانوي بماطر ـ معهد فرحات حشاد برادس * بدأ النّشر منذ 1970 في الجرائد والمجلات : الصّباح ـ الملحق الثقافي لجريدة العمل ـ الصّدى ـ الفكر ـ ألِف ـ الحياة الثقافية ـ الموقف ـ الشّعب ـ الرأي ـ الأيام ـ الشّرق الأوسط ـ القدس,,,وبمواقع ـ دروب ـ إنانا ـ المثقّف ـ أنفاس ـ أوتار ـ ألف ـ قاب قوسين ـ … * شارك في النّوادي والنّدوات الثقافية بتونس وخارجها : ليبيا ـ الجزائر ـ المغرب ـ مصر ـ العربية السعودية ـ الأردن ـ سوريا ـ العراق ـ إسبانيا ـ فرنسا ـ إيطاليا ـ ألمانيا ـ بلجيكا ـ هولاندا ـ اليونان ـ * من مؤسسي نادي الشّعر بدار الثقافة ـ اِبن خلدون ـ بتونس سنة 1974 واِنضمّ إلى اِتّحاد الكتاب التونسيين سنة 1980 واُنْتُخِبَ في هيئته المديرة في دورة سنة 1990 أمينا عاما ثم في دورة سنة 2000 نائب رئيس فساهم في تنظيم مؤتمر اِتحاد الأدباء العرب ومهرجان الشعر العربي بتونس سنة 1991 وفي إصدار مجلة ـ المسار ـ وفي تأسيس فروعه وفي تنظيم الندوات والمهرجانات الأدبية وشارك في الهيئة الاِستشارية لمجلة الحياة الثقافية وأسّس منتدى أدب التلاميذ سنة 1990 الذي تواصل سنويا في كامل أنحاء البلاد إلى سنة 2010 ونظّم الملتقى الأوّل والثاني لأدباء الأنترنت بتونس سنتي 2009 و 2010 وأسس نادي الشعر ـ أبو القاسم الشابي ـ سنة 2012 وترأس جمعية ـ اِبن عرفة الثقافية ـ سنة 2013 و2014 وأسس جمعية مهرجان الياسمين برادس 2018 * صدر له 1 ـ الأرض عطشى ـ 1980 2 ـ نوّارة الملح ـ 1984 3 ـ اِمرأة الفُسيفساء ـ 1985 4 ـ صديد الرّوح ـ 1989 5 ـ جناح خارج السرب ـ 1991 6 ـ نبعٌُ واحد لضفاف شتّى ـ 1999 7 ـ عُمرٌ واحد لا يكفي ـ 2004 8 ـ حارقُ البحر ـ نشر إلكتروني عن دار إنانا ـ 2008 ثم صدر عن دار اليمامة بتونس ـ 2013 9 ـ AL JAZIA ـ الجازية ـ بترجمة حمادي بالحاج ـ 2008 10 ـ ألوان على كلمات ـ بلوحات عثمان بَبّة وترجمته ـ طبعة خاصة ـ 2008 11 ـ حركات الشّعر الجديد بتونس ـ 2008 12ـ صفحات من كتاب الوجود ـ القصائد النثرية للشّابي ـ2009 13 ـ oxyde L’âme قصائد مختارة ترجمها عبد المجيد يوسف ـ2015 14ـ ديوان سُوف عبيد ـ عن دار الاِتحاد للنشر والتوزيع تونس2017