في الذكرى الأولى للشّاعر الصّديق علّالة الحوّاشي

ما يزال بِسَمته الأنيق وبلحيته الكثّة وبظّارته راسخا في ذاكرتي وما يزال صوته الشجيّ صدى يأتيني من بعيد وتذكّرت الآن أنّ صديقي علالة الحواشي ما رأيته مرة بدون ربطة العنق فهو حريص على أناقته وعلى تناسق هندامه في كل الفصول في سنوات كان البعض من الشعراء والمنتمين إلى الأجواء الفنية والفكرية يعتبرون أنّ المبدع والمثقف يجب أن يكون هامشيا فوضوي السلوك ورثّ الثّياب تلك سنوات اِنقضت ومضت ولم يبق منها إلا ما غربله الزّمان وبمناسبة مرور سنة على  رحيل الشاعر علالة الحواشي عدت إلى أرشيف كتاباتي فوجدت هذه المقالة التي نشرتها عند صدور ديوانه الأول ـ حلاج البلاد ـ سنة 1995 وأعيد نشرها تحية وفاء  لروحة .

للشاعر الإصدارات التالية

1 ـ في الشعر
ـ حلاج البلاد
ـ صلوات أخرى
  ـ فرس التهر
ـ يتدفأ بالذكرى
2 ـ في الرواية
ـ أسفار أبي الأحناش المفقودة
ـ دارنا ودوّارنا
3 ـ في المذكرات
ـ يهيم باللّولتي
4 ـ في النقد االأدبي
ـ هذه الكتابة هؤلاء الكتاب


عودة الحلاج

ثمة في تونس شعراء عديدون يكتبون وينشرون في صمت، بلا ضوضاء ولا جلبة، همهم الوحيد المعاناة في الإبداع جاعلين من الوحدة أنيسا ومن التأملات جليسا، ومن هؤلاء الشاعر علالة حواشي الذي أصدر مجموعته الأولى: حلاج البلاد سنة 1995 في نحو 100 صفحة وفي طبعة محترمة وتضم ستة فصول وهي:

–  فيروز

–  جذور وجسور

–  في تخوم ليلى

–  مقصلة وذات

–  بشائر

–  خنقة

وكل فصل منها يحتوي على عدد من القصائد كتبها الشاعر بين سنتي 1985 و1995 .

وإن أنا بدأت بالناحية الشكلية في هذه المجموعة فذلك لأشير إلى أن جل الكلمات فيها جاءت مشكولة شكلا تاما وهذا ما يسهل القراءة واستيعاب المعنى المقصود من الشاعر نفسه حيث أن ضبط الحركات على الحروف بات ضروريا لإبلاغ المضمون كأحسن ما يكون خاصة في النص الشعري الذي قد تُقرأ الكلمة فيه من وجوه عديدة، أما محتوى قصائد علالة حواشي فإنه ينطلق من التضمين ليعبّر تجربته في الحاضر كأنه يستقي من الجذور التراثية لإنضاج ثمرته الجديدة تحت شمسه وفي تربته الخاصة، ففي قصيدة ” حلاج البلاد ” مثلا يعمد إلى تنزيل شخصية الحلاج في إطار تاريخي جديد ومخترقا العصور الماضية وجاعلا إياها كأنها في وقائعها المعاصرة مستلهما شخصية الحجاج بن يوسف باعتباره ممثلا للاستبعداد والقهر المسلّط على الحلاج كرمز للتضحية في سبيل المبادئ والقيم

غير أن الشاعر علالة حواشي وظف أيضا الحلاج توظيفا جديدا عندما جعله يتوحد في الوطن قائلا:

أجدد موتي، حياتي

فناء فنائي بها ولها

أرتل: أهوى البلاد حلولا

و ذي جبتي ما حوت غيرها (ص 22)

وكأني بهذه المجموعة الشعرية وهي تستلهم التراث، كأني بها تعيد كتابة هذا التراث نفسه خاصة من خلال رموزه الصوفية التي نظر إليها علالة حواشي نظرة تاريخية ثم وظفها باعتبارها رمزا لمعاناة واقعية جديدة بعيدا عن القداسة الروحانية التي غالبا ما انساق إليها شعراء آخرون، فالحلاج وابن خلدون والمسيح وحواء أسماء تبدو في القصائد تحمل أبعادا رمزية جديدة يضفيها الشاعر عليها .

وفي هذه المجموعة نسيج شعري آخر يعتمد على اللمح باعتباره القصيدة الومضة، تلك القصيدة التي تعتمد على الإيجاز في المبنى والطرافة في المعنى وقد نجح علالة حواشي في الكثير منها خاصة في قصيدة ” رجاء ” و” أمحاق ” ذلك أن القصائد القصيرة كالرامي بسهم واحد يصيب الهدف أو لا يصيبه .

وفي المجموعة نقرأ شيئا من السيرة الذاتية للشاعر عندما نقرأ قصائد ترشح بشخصيات حياته اليومية مثل “ذلك القطار” و”دفق” .

وخلاصة القول في هذه المجموعة الشعرية الأولى للأستاذ علالة حواشي أنها تمثل أنواعا عديدة من التجارب الشعرية تتراوح بين التي تعتمد على الإحالات التراثية وبين التي تستلهم الواقع الجديد في تفاصيله اليومية ومن بينها أيضا النصوص الطويلة ذات المعاني والصور المتلاحقة في انسجام ومنها كذلك الومضات التي تستند على اللمح والمباغتة،

فالشاعر علالة حواشي من أولئك الذين يبحثون عن المضامين المعاصرة في الأشكال المناسبة لها

إنه شاعر تونسي آخر متميز يضيف إلى مسيرة القصيدة الجديدة

سُوف عبيد 1995

 

 

حول سوف عبيد

* من مواليد موسم حصاد 1952 وسُجّل في دفتر شيخ المنطقة بتاريخ يوم 7 أوت 1952 ببئر الكرمة في بلد غُمراسن بالجنوب التونسي درس بالمدرسة الاِبتدائية بضاحية ـ مِقرين ـ تونس العاصمة سنة 1958 ـ بالمدرسة الابتدائية بغُمراسن سنة 1960 ـ بالمدرسة الابتدائية بنهج المغرب بتونس سنة1962 ـ بمعهد الصّادقية بتونس سنة 1964 ـ بمعهد اِبن شرف بتونس سنة 1969 * تخرّج من كلية اﻵداب بتونس بشهادة ـ أستاذية الآداب العربية ـ ثمّ في سنة 1976 بشهادة ـ الكفاءة في البحث ـ حول ـ تفسير الإمام اِبن عَرْفَة ـ سنة 1979 * باشر تدريس اللّغة العربية وآدابها بـ ـ معهد اِبن أبي الضّياف بمنّوبة ـ المعهد الثانوي ببوسالم ـ المعهد الثانوي بماطر ـ معهد فرحات حشاد برادس * بدأ النّشر منذ 1970 في الجرائد والمجلات : الصّباح ـ الملحق الثقافي لجريدة العمل ـ الصّدى ـ الفكر ـ ألِف ـ الحياة الثقافية ـ الموقف ـ الشّعب ـ الرأي ـ الأيام ـ الشّرق الأوسط ـ القدس,,,وبمواقع ـ دروب ـ إنانا ـ المثقّف ـ أنفاس ـ أوتار ـ ألف ـ قاب قوسين ـ … * شارك في النّوادي والنّدوات الثقافية بتونس وخارجها : ليبيا ـ الجزائر ـ المغرب ـ مصر ـ العربية السعودية ـ الأردن ـ سوريا ـ العراق ـ إسبانيا ـ فرنسا ـ إيطاليا ـ ألمانيا ـ بلجيكا ـ هولاندا ـ اليونان ـ * من مؤسسي نادي الشّعر بدار الثقافة ـ اِبن خلدون ـ بتونس سنة 1974 واِنضمّ إلى اِتّحاد الكتاب التونسيين سنة 1980 واُنْتُخِبَ في هيئته المديرة في دورة سنة 1990 أمينا عاما ثم في دورة سنة 2000 نائب رئيس فساهم في تنظيم مؤتمر اِتحاد الأدباء العرب ومهرجان الشعر العربي بتونس سنة 1991 وفي إصدار مجلة ـ المسار ـ وفي تأسيس فروعه وفي تنظيم الندوات والمهرجانات الأدبية وشارك في الهيئة الاِستشارية لمجلة الحياة الثقافية وأسّس منتدى أدب التلاميذ سنة 1990 الذي تواصل سنويا في كامل أنحاء البلاد إلى سنة 2010 ونظّم الملتقى الأوّل والثاني لأدباء الأنترنت بتونس سنتي 2009 و 2010 وأسس نادي الشعر ـ أبو القاسم الشابي ـ سنة 2012 وترأس جمعية ـ اِبن عرفة الثقافية ـ سنة 2013 و2014 وأسس جمعية مهرجان الياسمين برادس 2018 * صدر له 1 ـ الأرض عطشى ـ 1980 2 ـ نوّارة الملح ـ 1984 3 ـ اِمرأة الفُسيفساء ـ 1985 4 ـ صديد الرّوح ـ 1989 5 ـ جناح خارج السرب ـ 1991 6 ـ نبعٌُ واحد لضفاف شتّى ـ 1999 7 ـ عُمرٌ واحد لا يكفي ـ 2004 8 ـ حارقُ البحر ـ نشر إلكتروني عن دار إنانا ـ 2008 ثم صدر عن دار اليمامة بتونس ـ 2013 9 ـ AL JAZIA ـ الجازية ـ بترجمة حمادي بالحاج ـ 2008 10 ـ ألوان على كلمات ـ بلوحات عثمان بَبّة وترجمته ـ طبعة خاصة ـ 2008 11 ـ حركات الشّعر الجديد بتونس ـ 2008 12ـ صفحات من كتاب الوجود ـ القصائد النثرية للشّابي ـ2009 13 ـ oxyde L’âme قصائد مختارة ترجمها عبد المجيد يوسف ـ2015 14ـ ديوان سُوف عبيد ـ عن دار الاِتحاد للنشر والتوزيع تونس2017