الدرس الأخير للأستاذ توفيق بكار ـ برواية تلميذه ـ سُوف عبيد

وهو في عقده التاسع رأيناه في أوج عنفوانه وبهاء ألقه يُلقي بيننا درسا بمناسبة تكريمه في كلية الآداب 9 أفريل بتونس

…. هو أستاذنا توفيق بكار أحد مؤسسي الجامعة التونسية وأحد أعمدتها الراسخة والشامخة بفضل سعة علمه وعمق اِطلاعه وطرافة اِستنباطاته وتواصل عطائه تدريسا وتأطيرا وتأليفا ومساهمة متميزة في الأنشطة الثقافية على مدى نصف قرن بل يزيد بسنين عددا

ذلك هو توفيق بكار كما عرفتُه منذ أربعين سنة في وقار وهدوء ولطف أستمع إليه بشغف فإذا صوته ينساب بالعربية اِنسيابا والحروف تنثال في نبراته اِنثيالا وهو يشرح في إمتاع وإبداع باب الحمامة المطوقة من كليلة ودمنة هذا التأليف العابر للحدود وللعصور وقد توقّف ـ سي توفيق ـ عند بعض العبارات الواردة في النص مثل عبارة ـ إخوان الصفاء ـ فرأى أن الإخوان غير الإخوة لأن الإخوة تربط بينهم القربى التي على أساسها النّسب بينما الإخوان تربط بينهم القرابة التي أساسها الانسجام والتعاون والتضامن أمّا كلمة الصفاء فقد رجع أستاذنا بمعانيها إلى الاِشتقاق اليوناني فاِنتقل بنا من لغة إلى إلى لغة ومن الجغرافيا إلى التاريخ ومن خصائص الحيوان إلى طبائع الإنسان فراح يُفضي بنا من فن إلى فن ومن علم إلى علم حتّى وصل بنا إلى الاستنتاج المتمثل في أنّ الحيوانات المتنوعة التي تعاونت وتضامنت وتصافت من أجل خلاصها في نص الحمامة المطوقة يمكن أن تكون عبرة للناس أجمعين كي يتجاوزوا خلافاتهم واِختلافاتهم ليعيشوا في أمن ووئام وينتصروا على العدوّ المتربص بهم

ذلك هو الدّرس الذي اِستنبطه أستاذنا توفيق بكار من شرحه الموجز لنص اِبن المقفع ـ الحمامة المطوَّقة ـ

هو درس بليغ وثمين كأني بأستاذ الأجيال أراده بهذه المناسبة ,وفي هذا الظرف بالذات, أن يكون وصية للتونسيين لعلهم يتجاوزون خلافاتهم مهما تعدّدت وتنوّعت من أجل تحقيق التضامن والتعاون والأمن بل إنه رأي واضح وبليغ للأستاذ توفيق بكار في خضم الوضع العالمي الراهن القائم على الصراعات الدامية بحيث يرى أنه لا خلاص للإنسانية إلا في البحث عن المنافع المشتركة لدفع خطر الدمار الشامل الذي يهدد الكون فما على الإنسانية جمعاء أفرادا وجماعات وشعوبا وقبائل وأمما إلا أن تسلك سبُل الإخاء والتعاون للعيش في سلام وصفاء مَثَلُها مَثَل الحمامة وغيرها من الحيوانات في هذا الباب من الكتاب

ـ أوصيكم خيرا باللغة العربية ـ تلك هي الوصية الأخيرة من أستاذنا

فتحية تقدير وإكبار ووفاء لأستاذنا الكبير توفيق بكار

 

 

 

 

 

 

 

حول سوف عبيد

* من مواليد موسم حصاد 1952 وسُجّل في دفتر شيخ المنطقة بتاريخ يوم 7 أوت 1952 ببئر الكرمة في بلد غُمراسن بالجنوب التونسي درس بالمدرسة الاِبتدائية بضاحية ـ مِقرين ـ تونس العاصمة سنة 1958 ـ بالمدرسة الابتدائية بغُمراسن سنة 1960 ـ بالمدرسة الابتدائية بنهج المغرب بتونس سنة1962 ـ بمعهد الصّادقية بتونس سنة 1964 ـ بمعهد اِبن شرف بتونس سنة 1969 * تخرّج من كلية اﻵداب بتونس بشهادة ـ أستاذية الآداب العربية ـ ثمّ في سنة 1976 بشهادة ـ الكفاءة في البحث ـ حول ـ تفسير الإمام اِبن عَرْفَة ـ سنة 1979 * باشر تدريس اللّغة العربية وآدابها بـ ـ معهد اِبن أبي الضّياف بمنّوبة ـ المعهد الثانوي ببوسالم ـ المعهد الثانوي بماطر ـ معهد فرحات حشاد برادس * بدأ النّشر منذ 1970 في الجرائد والمجلات : الصّباح ـ الملحق الثقافي لجريدة العمل ـ الصّدى ـ الفكر ـ ألِف ـ الحياة الثقافية ـ الموقف ـ الشّعب ـ الرأي ـ الأيام ـ الشّرق الأوسط ـ القدس,,,وبمواقع ـ دروب ـ إنانا ـ المثقّف ـ أنفاس ـ أوتار ـ ألف ـ قاب قوسين ـ … * شارك في النّوادي والنّدوات الثقافية بتونس وخارجها : ليبيا ـ الجزائر ـ المغرب ـ مصر ـ العربية السعودية ـ الأردن ـ سوريا ـ العراق ـ إسبانيا ـ فرنسا ـ إيطاليا ـ ألمانيا ـ بلجيكا ـ هولاندا ـ اليونان ـ * من مؤسسي نادي الشّعر بدار الثقافة ـ اِبن خلدون ـ بتونس سنة 1974 واِنضمّ إلى اِتّحاد الكتاب التونسيين سنة 1980 واُنْتُخِبَ في هيئته المديرة في دورة سنة 1990 أمينا عاما ثم في دورة سنة 2000 نائب رئيس فساهم في تنظيم مؤتمر اِتحاد الأدباء العرب ومهرجان الشعر العربي بتونس سنة 1991 وفي إصدار مجلة ـ المسار ـ وفي تأسيس فروعه وفي تنظيم الندوات والمهرجانات الأدبية وشارك في الهيئة الاِستشارية لمجلة الحياة الثقافية وأسّس منتدى أدب التلاميذ سنة 1990 الذي تواصل سنويا في كامل أنحاء البلاد إلى سنة 2010 ونظّم الملتقى الأوّل والثاني لأدباء الأنترنت بتونس سنتي 2009 و 2010 وأسس نادي الشعر ـ أبو القاسم الشابي ـ سنة 2012 وترأس جمعية ـ اِبن عرفة الثقافية ـ سنة 2013 و2014 وأسس جمعية مهرجان الياسمين برادس 2018 * صدر له 1 ـ الأرض عطشى ـ 1980 2 ـ نوّارة الملح ـ 1984 3 ـ اِمرأة الفُسيفساء ـ 1985 4 ـ صديد الرّوح ـ 1989 5 ـ جناح خارج السرب ـ 1991 6 ـ نبعٌُ واحد لضفاف شتّى ـ 1999 7 ـ عُمرٌ واحد لا يكفي ـ 2004 8 ـ حارقُ البحر ـ نشر إلكتروني عن دار إنانا ـ 2008 ثم صدر عن دار اليمامة بتونس ـ 2013 9 ـ AL JAZIA ـ الجازية ـ بترجمة حمادي بالحاج ـ 2008 10 ـ ألوان على كلمات ـ بلوحات عثمان بَبّة وترجمته ـ طبعة خاصة ـ 2008 11 ـ حركات الشّعر الجديد بتونس ـ 2008 12ـ صفحات من كتاب الوجود ـ القصائد النثرية للشّابي ـ2009 13 ـ oxyde L’âme قصائد مختارة ترجمها عبد المجيد يوسف ـ2015 14ـ ديوان سُوف عبيد ـ عن دار الاِتحاد للنشر والتوزيع تونس2017