ملف النصوص الأخيرة ـ النصوص-الأخيرة ـ 12 ـ 11-ـ-2018
بدعوة كريمة من جمعية ـ جُسور ـ وبتنسيق من لَدُن الشّاعرين الصديقين شمس الدين العوني وسمير العبدلي شاركت مساء الجمعة 2 نوفمبر 2018 في أمسية ثقافية رائقة بالمركب الثقافي الجديد بمدينة ـ سيدي على بن عون ـ الواقعة في وسط البلاد التونسية بين مدينتيْ قفصة وسيدي بوزيد وذلك بمناسبة اِنطلاق نشاط هذه الجمعية الثقافية التي تجمع نخبة من مثقفي الجهة وأحباء الثقافة المتحمسين بروح البذل والعطاء والتطوع وقد اِشتملت الأمسية الثقافية على ثلاث فقرات رئيسية وهي أولا القراءات الشعرية وقد ساهم فيها معي الأصدقاء الشعراء ـ شمس الدين العوني وسمير العبدلي و صالحة الجلاصي والهادي العبدلي وقد أدار هذا اللقاء باِقتدار الأستاذ سلمان العبدلي فتناوبنا على المنبر مرّتين أمام مستمعين منصتين ومن مختلف الأعمار والفئات وذلك ما أبهجنا حقّا وأكّد لنا أن الشّعر ما زال يشدّ الناس متى توفّرت ظروف التنظيم الجيّدة والنصوص الراقية طبعا وقد قرأت قصيدة ـ عروس البحر ـ والمقطع الأول من قصيدة ـ الجازية ـ في الجولة الأولى ثم قرأت ـ العاشق المتجول ـ و ـ الرّأس ـ
وكانت مناسبة مهمة لأطلع على النصوص الجديدة للأصدقاء الشعراء الذين لم أستمع إليهم منذ سنوات عديدة فإذا هي تؤكد لي مرة أخرى أن مدوّنة الشعر التونسي الحديث ثريّة بما تزخر به من تنوّع وخصوصيات طريفة وكم نحن في حاجة إلى إبرازها ودراستها .
وقد اِستمعنا بعد الشعر إلى وصلات موسيقية راقية من عزف على العود لفتى في العاشرة من عمره وقد أجاد في ألحان محمد عبد الوهاب وأم كلثوم ثم تابعنا بشغف فصول مسرحية حول قضية البطالة والهجرة وغيرهما تلك التي يعاني منها الشباب التونسي وقد كتب النص وقام بالأدوار ممثلون هواة من المدينة التي تعجّ بالكفاءات والمواهب .
وكان لابدّ من اِقتناص هذه الفرصة كي أطّلع على هذه الربوع الجميلة خاصة بعد نزول الأمطار واِستبشار الفلاحين بها وهي ربوع خصبة بشجر الزيتون واللوز وهي مناسبة أيضا لأعرف عن قرب شخصية ـ سيدي علي بن عون ـ فقصدنا وقد أرخى الظلام سدوله برفقة بعض أعضاء الجمعية المدينة الأصلية التي تقع غير بعيد عن الطريق الرئيسية فإذا وسط المدينة قائمة فيه السوق بدكاكينها الصغيرة التي تتقدمها الأقواس وذلك على هيئة الأسواق المحلية القديمة التي أُنشئت في بداية القرن العشرين ببعض المدن التونسية مثل غمراسن وتطاوين ودوز والحامة وغيرها ثم قصدنا مقام ـ سيدي علي بن عون ـ الواقع بعيدا عن المدينة كيلومترات قليلة وقد هُيّئت أمامه ساحة فسيحة الأرجاء ومركض للخيل لتكون فضاء إقامة المهرجان السنوي الذي يأتيه الناس بالآلاف من كل حدب وصوب وسيدي علي بن عون حسب الرواية شخصية دينية عاشت في القرن الثامن عشر وعاصر آنذاك قيام الدولة الحسينية بتونس وتقول بعض الروايات إنه ساعد أحد الأمراء الحسينين ووقف إلى جانبه إبّان الحرب الأهلية التي وقعت في تلك الفترة وبذلك اِكتسب وجاهة لدى الأسرة الحاكمة ولدى أهالي هذه المنطقة التي يعتز الجميع فيها بالاِنتساب إليه جيلا بعد جيل وقد قرأت على رخامة معلقة بأحد جدران المقام شجرة نسبه وهي تعود إلى علي بن ابي طالب والله أعلم …
إن مساهمتي في مثل هذه المناسبات الثقافية الممتعة والمفيدة تشحذ مهجتي لمواصلة الخطى على درب الكلمة الطويل والمضني فجزيل الشكر للصديقين شمس الدين العوني وسمير العوني ولجميع القائمين على جمعية ـ جسور ـ ولأهالي ربوع مدينة سيدي علي بن عون على ما وجدت لديهم من حماس للعمل الثقافي ولما حبوني به من حفاوة وتكريم وتقدير .
وتحية شكرخاصة لكوكبة من الأطفال واليافعين الذين حرصوا على التقاط صورة تذكارية معي واتمنى لهم مستقبلا زاهرا .