أرشيفات التصنيف: Uncategorized

الجازية ـ ج 3 ـ بيت الشعر ـ تونس 2018

الشاعر سوف عبيد

رمضانيات بيت الشعر 2018السهرة السابعة: سهرة شعرية/موسيقيّة بالاشتراك مع اتحاد الكتاب التونسيينمداخلة الشاعر: سوف عبيدالأحد 03 جوان 2018

Publiée par ‎MPT | بيت الشعر التونسي‎ sur Mercredi 6 juin 2018

بَيْنَ اَلْعَيْنِ وَهُدْبِهَا.. أَوْ تُونِسُ

النصوص-الأخيرة ـ16 ـ 11-ـ-2018   ـ اضغط هنا ـ

بَيْنَ اَلْعَيْنِ وَهُدْبِهَا.. أَوْ تُونِسُ

سوف عبيد

سوف عبيد

يَا عَيْنُ دَمْعُكِ صَـعْـبُ * فَاِبْكِي أصَابَكِ هُـدْبُ

مَنْ قَدْ حَمَاكِ رَمَــــاكِ * فَـلَا يُفِـيـدُكِ عَـــتْـبُ

إِنَّ الْوَدُودَ تَـجَــافَـى * كَمْ كانَ يُسْـلِيـهِ قُــرْبُ

أَصْبَحْتِ ذَاكَ اللَّــــدُودَ * فِيكِ اَلْمَخَالِبُ نَشْـبُ

وَقَالَ: قِـيـلَ وَقَــالُـوا * وَكَمْ تَـحَـدّثَ صَـحْــبُ

فِي كُلّ شِعْبٍ مَشَـيْــتِ * رَآكِ دَرْبٌ.. وَدَرْبُ

كُلُّ الذّنُوبِ اِدَّعَوْهَا عَــلَيْـــكِ، لَـمْ يَـبْــقَ ذَنْـبُ

هَذِي السُّيُوفُ وَسُلَّتْ * وَاَلسَّهْمُ نَحْوَكِ صَوْبُ

هَيْهَاتَ يُجْدِي الْـوَفَــاءُ * لَا شَيْءَ فِيكِ يُحَـــبُّ

إِلّا شِـوَاءَكِ لَـحْـــــمًا * وَكَأسُ دَمْعِكِ عَـــذْبُ

فَلْيَشْرَبُـوا بِاَلـشِّفَـاءِ *  مَرْحَى لَهُمْ ذَاكَ نَخْــبُ

كَـلَّا ! أَيَا عَيْـنُ كُـفِّـي * ربَاطُ جَأْشِكِ صَـلْـبُ

مَا أهْوَنَ الدَّمْعَ مِنْــكِ *  عَمَّا يُـجِيشُـهُ قَــلْــبُ

قَلْبٌ شُجُونُـهُ حَطَّـتْ *   بِكَـلْـكَلٍ ثُمَّ سُـــحْـبُ

قَلْبٌ وَبَيْنَ اَلْمَحَطّاتِ * ضَـــاعَ مَـا لَـــهُ أَوْبُ

قَلْبٌ حَوَتْهُ اَلْــبِـلَادُ * ضَاقَتْ بِـهِ وهيَ رَحْبُ

فَلا اِخضِرارٌ بَـهِـيـجٌ * وَلا زُهُـورٌ وعُـشْـــبُ

وَلَا تَبـــاشِـيـرُ خَـيْــرٍ * إلَّا اَلْجَـنَـازَاتُ رَكْـبُ

أعْوامُ قَحْطٍ تَوالَتْ    * عَمَّ الفَــسَـادٌ وخَـطْـبُ

فِي كُلِّ يَوْمٍ جَدِيـــدٌ  * شَيْءٌ غَريبٌ وَعُجْـــبُ

وتُـونِــسٌ أوْحَـشُــوهَا * وبالشّعَاراتِ صَخْـبُ

أَبْـنَــاؤُهَـا أَهْـمَلُـوهَـا *   فَــمَا أَشَــدَّهُ كَـــرْبُ

فَكُـــلُّ سَـــاعٍ إلَيْـــهَـا * إلَّا وَسَــعْــيُــهُ إرْبُ

مِنْ مَشْرقٍ ذَا يَـكِـيــدُ * وَذاكَ مَكْـرُهُ غَــرْبُ

كَاَلْكَعْكَةِ اِقْـتَـسَـمُوهَا * أفْـعَـى وَجُرْذٌ وَذِئْــبُ

وَيْحِي أَضَاعُوا اَلْبِلَادَ*يَا لَوْعَتِي أيْنَهُ شَـعْـبُ؟

نَادَيْتُ ـ وَاَلصَّوتُ بَـحَّ ـ * وَاحَرَّ قَلْبَاهُ..هُـبُّـوا!

***

سُوف عبيد

جُسور الإبداع والإمتاع

ملف النصوص الأخيرة ـ النصوص-الأخيرة ـ 12 ـ 11-ـ-2018
بدعوة كريمة من جمعية ـ جُسور ـ وبتنسيق من لَدُن الشّاعرين الصديقين شمس الدين العوني وسمير العبدلي شاركت مساء الجمعة 2 نوفمبر 2018 في أمسية ثقافية رائقة بالمركب الثقافي الجديد بمدينة ـ سيدي على بن عون ـ الواقعة في وسط البلاد التونسية بين مدينتيْ قفصة وسيدي بوزيد وذلك بمناسبة اِنطلاق نشاط هذه الجمعية الثقافية التي تجمع نخبة من مثقفي الجهة وأحباء الثقافة المتحمسين بروح البذل والعطاء والتطوع وقد اِشتملت الأمسية الثقافية على ثلاث فقرات رئيسية وهي أولا القراءات الشعرية وقد ساهم فيها معي الأصدقاء الشعراء ـ شمس الدين العوني وسمير العبدلي و صالحة الجلاصي والهادي العبدلي وقد أدار هذا اللقاء باِقتدار الأستاذ سلمان العبدلي فتناوبنا على المنبر مرّتين أمام مستمعين منصتين ومن مختلف الأعمار والفئات وذلك ما أبهجنا حقّا وأكّد لنا أن الشّعر ما زال يشدّ الناس متى توفّرت ظروف التنظيم الجيّدة والنصوص الراقية طبعا وقد قرأت قصيدة ـ عروس البحر ـ والمقطع الأول من قصيدة ـ الجازية ـ في الجولة الأولى ثم قرأت ـ العاشق المتجول ـ و ـ الرّأس ـ
وكانت مناسبة مهمة لأطلع على النصوص الجديدة للأصدقاء الشعراء الذين لم أستمع إليهم منذ سنوات عديدة فإذا هي تؤكد لي مرة أخرى أن مدوّنة الشعر التونسي الحديث ثريّة بما تزخر به من تنوّع وخصوصيات طريفة وكم نحن في حاجة إلى إبرازها ودراستها .

متابعة قراءة جُسور الإبداع والإمتاع

آيةُ الحُسن

اِفتح الملف ـ النصوص-الأخيرة ـ 12 ـ 11-ـ-2018

ـــــ آيَــةُ الحُسن ــــــ

حُورِيَّةُ اَلْإِنْـسِ جَـاءَتْ وَوَجْـهُـهَـا مِحْـرَابُ

كَأَنَّهَا اَلشَّمْسُ لَاحَـتْ نُــورٌ وَفِـيـهِ تُـذَابُ

تَـنْـدَاحُ فَـهْــيَ رَدَاحٌ رَقْرَاقَـةٌ وَاِنْـسِـيَابُ

تَمْشِي بِوَقْعٍ خُـطَــاهَا أَلْـحَانُـهُـنَّ رَبَـابُ

كَأَنَّ مِنْ خَطْـوِهَا قَـــدْ اِسْــتَلْـهَـمَ زِرْيَابُ

وَاَلشَّـعْـرُ جَـذْلَانُ رَفَّ مِثْلُـهُ رَفَّـتْ ثِيَابُ

فَشَالُهَا فِي اِنْـثِـيَالٍ مُهَفْهَفٌ واِنْسِكَابُ

مُوشّــحٌ كَالـــرَّبِـيــع وَرَفْرَفَـتْ أَسْرَابُ

فَاِخْضَرَّ حَتَّى اَلرَّصِيفُ وَنَــوَّرَتْ أَعْشَابُ

حَـتَّى اَلْبِحَارُ تَحَـلَّـتْأمَّا الضِّفَافُ رُضَابُ

حَتَّى اَلصَّحَارِي رَوَتْـهَا فَمَادَتِ اَلْأَعْـنَابُ

فَـاِزَّيَّـنَـتْ وَاحَــــاتٌ بَـنَـانُــهَا عُـنَّـــاب

وَاَلصَّابَـةُ قَـدْ جَادَتْ وَزَالَ ذَاكَ اَلْـيَـبَابُ

آلَاءُ خَـيْرٍ وَعَمَّتْ مِنْ حُسْنِهِا كَمْ عُجَابُ

آيَـاتُ حُسْنٍ تَــرَاهَا وَاَلْلُّـطْـفُ وَاَلْآدَابُ

فَــإِنَّــهَـا اَلْإِبْـدَاعُ لَا يَـحْـتَـوِيــهِ كِـتَـابُ

تَبَارَكَ اَلْـلَّهُ خَـلْقًا لَا شَيْءَ فِـيهَا يُعَابُ

يَا عَاشِقًا تَتَمَنَّـى وَاَلْوَصْلُ لَا يُسْتَجَابُ

ثَغْرٌ هُوَ اَلْكَوْثَرُ اَلْعَذْبُ لَـيْـتَــهُ أَكْــــوَابُ

ظَمْآنُ أَنْتَ وَلَكِنْ هَيْهَاتَ يُرْجَى اَلسَّرَابُ !

العاشق المتجوّل

الـعَـاشِـقُ الـمُـتَـجـوِّل ـــ
قصيدة سُوف عبيد
يا بائعَ الخُبز
أشتهِي رغيفًا وهّاجًا
مِثلَ
مِثلَ وَجنتيْهَا
قال اِذهبْ إلى بائع الوَردِ
يا بائعَ الوَردِ أحِبُّ وردةً دُريّةً
مِثلَ عينيهَا
قال اِذهبْ إلى بائع اللّؤلؤ
يا بائعَ اللّؤلؤ
هَلْ لامَسْتَ أصابعَ نديّةً
مثلَ كفّيْهَا
قال اِذهبْ إلى بائع الحَرير
يا بائعَ الحرير
هل مرّتْ جنائنُ الياسمينِ وحَفيفُ ثَوبهَا عَلى خَصْرها
فِي البحر أغرقَنِي
قال اِذهبْ إلى بائع السّمكِ
يا بائعَ السّمكِ
القلبُ في الشّبَك
الشّبَكُ في المَركب
المركبُ في الميناءِ
والميناءُ تحتَ الشّمسِ
ذابَ صَبري
قال أسْرعْ إلى بائع الثّلج
يا بائعَ الثّلج أَرأبتَ التي وعدُها السّراب؟
قال تَراءتْ في السِّباخ وعليكَ ببائعِ المِلح
عندمَا وقفتُ عندَ بابهِ
وهبَني حَبّتينِ مِنَ المِلحِ
مَدَدتُ يدِي
فذابَ السّكرُ
في الجُرحِ…!
ــــــــــــــــــــــــــــــ
روعة الشغاف الشعري المرهف , , بهذه التحولات التي يخوض غمارها العاشق , لكي يفوز برغيف الخبز الوهاج مثل وجنتيها , يمر بتنقلات عديدة بتحولاتها المغامرية بعنصر الشوق والاشتياق , لذا تعني في تداعياتها بأن قطاف العشق , تحتاج الى مغامرة وصبر كبير وتحمل المشاق جمة , ليس رحلة سهلة ليقطف المرام , لابد ان يمر بصراعات متعددة الجوانب , ببرغبة المواصلة والاقتحام . لكنه في النهاية يعود من قطار معاناة العشق والشوق , يرجع مكسور بحبتين من الملح , يذوبها في جراحه العشقية .
قصيدة تدويرية في وحدة عضويتها حتى تشكيل الصورة النهائية لمغامرة رحلة العشق . بهذه التعابير الشفافة في المعنى والمغزى
تحياتي لكم بهذه التوهج في ومضة الفكرة والحدث بهذا السرد المشوق
ــــــ جمعة عبد الله ـــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يا سيدي،
أذهلتني بهذه البراقة. إنها قلادة من درر تبرق تحت شمس الشعر المشرقة بألوان القوس وقزح. الرقة، العذوبة، الجمال، في الصور المتوالية خلف الأسئلة التي تختزل معاني عميقة الغور، بلغة مترفة رشيقة عذبة رقيقة الحاشية لذيذة الطعم مبهرة الصور.
هذا هو الشعر
وهذا الشاعر!
سبحان الذي ألبسك هذه الحلة القشيبة
ــــ عبد الستار نور علي ـــــ

قصائد خريف 2018

ـــــ صَاحْبِي ــــــ
( باللّهجة التّونسية )
يامَا حْمامْ… واصْطدناهْ
يا مَا جْبلْ… واطْلعناهْ
ياما زَرعْ… واحْصَدناهْ
ياما شُوكْ… واعْفَسناهْ
ياما جُوعْ…واعْرفناهْ
ياما مَالْ… واصْرفناهْ
ياما طْريقْ… وامْشيناهْ
هُوَ صَاحبي… آنا هُوَ…هُوَ آنا
*
صاحْبي
سَمّيتُو العزيز الغالِي

بْلَا بِيهْ
حتّى شَيْ ما يَحْلالِي
*
صاحبِي سُلطانْ
نفْرشلُو
الورد ْمع الرّيحانْ
*
صاحبي… يا ناسْ
بدّلني بصاحبْ وَسواسْ
وخنّاسْ
*
صاحبِي جافاني
كأنّي
لا ريتُو…لا راني
*
صاحبي…يا زمانِي
آنا ـ الخِلّ الوَدُودْ ـ
وَلّيتْلُو برّانِي
*
صاحبِي…كافَانِي
بعدمَا عَدّيتَهْ مِ الوادْ
في طريقُو خلّانِي
*
صَاحْبِي…يا خسارَا
ارْمانِي في البحرْ
وحَطْنِي فِي شكارَا
*
صاحبي…ما عادشْ صاحبي
ونِكتبله حْروف
آنا بالشّرْ ما نْكافي
وما ننسى معروفْ
لكن إِيجِيهْ نهارْ ويقولْ
يا حسرة على ـ سُوفْ ـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــ آشْ وعْلاشْ ـــــــ
( باللّهجة التّونسية )
آشْ قَربِكْ للوادْ
يا زيتُونةْ
عْلاش تْقُولي
غدّارْ جرّارْ
بعدما شربتِ مِنْ عْيُونه
*
آش جَيّبِكْ للنّار
يا فَرْطَطّو
إذا رماتِك بِشْرَارْ
وينْ تْحُطّو
*
عْلاشْ خايفة مِ الصَّحرَا
يا ناقةْ
وانتِ والجملْ
تمشُو رفاقةْ
*
آشْ امْفَتْحِكِ في الرّبيعْ
يا جنينةْ
ويقُصُّو نوّارك
يا مِسكينةْ
*
يا هلالْ
عْلاشْ طالعْ في السّمَا
تضوي ليلةْ مع ليلةْ
وفي آخر ليلةْ
تِـتْـتِمْحَى…؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــ التّينةُ ــــــــ
لا تتعجّلْ
إنّك ترنُو إليها
بينَ شمسٍ وظلٍّ تتلألأُ
مَكنُونةً في أوراقِها الخُضْر
في أعلَى عِلِّيينَ من الشّجرةِ
عُدْ إليها بعد يومين…لا…بل ثلاثةٍ
فَالأشعّةُ تزيدُها نُضجًا وحلاوةً
عندما ترى غُصنَها يَميدُ
والنّسيمُ يهُبُّ عليها
اِنتظرْ تحتهَا
سَتراها تتأرجحُ
وتَترنّحُ
وقتَها اُمدُدْ يدكَ فقطْ
فَستسقُطُ في كفّك يانعةً
و ـ هِيتَتْ ـ لكَ هنيئًا مَريئًا
كألذّ ما تكونُ…
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــ يَوميّاتُ الزّمنِ الضّائعِ ـــــــ

المَطَريّةُ السّوداءُ المَطْويّةُ
المُعلَّقةُ خلفَ الباب
تقولُ له كلّ صباح
وهو يتجاوزُ العَتبةَ
ـ خُذْ بيدي سيّدي
واِفتحْ أجنحتِي
أمْ أنّكَ نسيتَ صُحبتِي
وأصبحتَ تُحبّ السّيرَ
وحيدًا
تحتَ المطر… ؟
*
عادَ…
أمسَى القلبُ خاليًا
خاويًا
كسُوق السَّمك
في ضُحى عيد الأَضْحى
اِتّكأ في الصّالون…
رَحم اللّهُ عجائزَنا
إذا بدَا لهنّ رَجُلٌ في التّلفزيُون
سَارَعْنَ بتغطيةِ وُجُوهِهِنَّ
فكيف لوْ عِشنَ
ورَأينَ ما رأينا ما فوقَ الرُّكبتينِ…
ومِزَقَ السّراويل
وتُباعُ جديدةً
*
عَمِّ الطيّب
اليومَ أيضا
مَرّ تحتَ النّافذةِ قائلًا
أينكمْ…أينكُم…؟
دَقّ الجرسَ
وقَبل أن أفتحَ البابَ
وضعَ السلّةَ
فيهَا ما فيهَا
فيها اليومَ من تِينِ وعنبِ حديقتهِ
ورجعَ مُسرعًا
عمِّ الطيِّبْ
تَجاوز الثّمانينَ
لكنَّ خُطاهُ أسرعُ
مِنْ فتَى الثّامنةَ عَشْرةَ
وعَمِّ الطيّبْ
كسْبهُ مِن يديه
وما لديهِ… ليس إليهِ…!
*
تَغيّر كلُّ شيءٍ
لا شيءَ كما هًو ولا كمَا يجبُ أن يكونَ
الرّفيقُ القديمُ… وقَدِ اِلْتقَيْنَا
وَقفنَا طويلا
ثمّ اِنصرفَ قائلًا… ـ كالعتابِ ـ
ــ هنيئًا لكَ القَميصُ الجديدُ
أراكَ لبستَهُ معَ تَغيُّر الحالِ !
قلتُ لهُ :
ــ ليْتكَ تُحافظْ أنتَ…
علَى السِّروالِ…!
*
كلُّ ما غَنِمَ عمِّ الطيّب من الدّنيا
– ربحٌ –
أمُّنا – ربح – هيَ زوجتُه
أنجبتْ له تسعَ بَنينَ وبناتٍ
ضَحِك عمِّ الطيّب مرّة وقال لي :
ـ وهيَ في السّبعينَ كالمُهرةِ
ما تزالُ قادرةً وزيادةً
قلتُ :
ـ بفضل بَركاتِكَ يا عمِّ الطيّب !
*
مِنْ باب تَركِ المرءِ ما لا يَعنيه :
السيّدُ الجالسُ أمامي في القِطار
يضعُ ساعتَهُ في مِعصَمهِ الأيمنِ
هَل هُو أدرَى
مِنَ الذين اِخترعُوهَا
ومنَ الذين صنعُوها
وباعُوها
وجعلُوها
لتكون أنسبَ وأصلحَ
في المِعصَم الأيسَرِ ؟
*
رحِمَ اللّه أبِي
كنتُ في العاشرةِ
عندما وضعَ ساعتَه الجديدةَ
في مِعصمي
وذهبتُ بها مُلوّحًا بيدي
إلى المدرسةِ
حتّى المُعلّمُ يومَهَا
سألني مرّتيْن
-كَمِ السّاعةُ الآن ؟
في تَمام مُنتصَف النّهار بالضّبطِ
صَفّر المُديرُ
*
ويرجعُ الحديثُ بنا إلى القِطارِ
قطارِ الضّواحي الجنوبيّةِ
اليومَ
اِنطلقَ من إحدى المَحطّاتِ بدُون سائقهِ
نعمْ…!
بدُون سائقهِ
حَضْرتُه نزلَ لإصلاح أحدِ الأبوابِ
وقد اِستعصَى عنِ الإغلاق
ما كادَ يُغلقُهُ
حتّى اِنطلقَ
مِنْ دُونهِ…
*
قَبلَ يَومَيْنِ
لَقِيتُ مَنْ هُو أفصحُ مِنَ الجاحظ
ومِن أبِي الفَتح الإسكندريّ
وحتّى مِن أبِي العَلاءِ
إنّه جَاري الجَديدُ
سَيّدُ الفَصاحةِ… والوَقاحةِ أيضًا
منذُ أسبوع يَركُنُ شاحنتَهُ الكبيرةَ
حِذْوَ نافذتِي
وعندَ باكر كُلِّ صباح
يترُك مُحرّكَها المُزَلزِلَ يُدوّي مُدّةً طويلةً
قبل أنْ يُغادرَ
اليومَ
خرجتُ لهُ
– صباحُ الخير
ردّ ـ السّلامُ عليكم ـ
قلتُ ـ يا أخي مِنْ فضلكَ
وأرجُوكَ
أبْعِدْ شاحنتَك قليلا عن نافذتِي
فقال ناصحًا :
ـ كان عليكَ أن تَشكُرَني
لتُصليَّ الصُّبحَ حاضرًا…
*
في مَوسِم المِشْمِشِ
كنّا نُرصّفُ القُلوبَ أهراماتٍ أهراماتٍ
ثُمّ نَرشُقُها بأكبر قَلبٍ
فَكمْ مِن قلوبٍ ربِحنا
كمْ خَسِرتْنا قُلوبٌ
عند الغُروب
نُهشّمُها بحَجَر الصَوَّان
فمَا ألذَّ حتَّى المُرَّ منها…
*
أنا أيضًا
صِرتُ لا أكرّرُ طرَفَ عينِي
نَحْوَ مَن يُطأطِئُ رأسَهُ
حِينَ نلتقِي
كثيرُون حَفِظتُهُم في القلبِ
لكنّهُم
سَقَطوا في طريقي مِنْ جَيبِ الصَّدر
*
زَمنًا
ظلّ يَلتقِيهَا
عِندَ ساعةِ الميدان
ثُمّ يَفترقانِ
ليتَ أنّهُمَا
مِثلَ تَيْنِكَ العَقْربَيْن
بعدَ كلّ ساعةٍ
يَتعانقانِ
*
على غير هُدَى
قادتْه قَدمَاهُ إلى حَيّ ـ بابِ الجديد ـ
صَفْصَافةٌ هُنا…كانتْ
وسَط البَطحاءِ
رأَى جِذْعَها…لم يَرَ
ظِلَّها…لا
ولا حَنفيّةَ الماءِ تَجري كانتْ
مِنَ الصّباح إلى المَساءِ
والسَّقّاؤُون صَفًّا صفًّا بعرباتِهم الخَشبيّةِ
وأزيزُ عَجلاتِ الحديدِ سِنفُونيّاتٌ…
أحيانًا
فِي عِزّ قَيلُولةِ الصّيفِ
يَتزاحمُون يَتشاجَرُون
يَهْرعُ إليهِم شَيخُ المَسجدِ
ـ يا أولادْ…يا أولادْ
فيَصمُتُونَ في خَجَل
وحتّى إذا عادَ أحدُهُم فِي آخر اللّيل
مُتأرجحَ الخَطواتِ
لا يمُرّ أمامَ المَسجدِ
رَحِم اللّهُ الشّيخَ
لمْ نَسمعْ أذانَهُ العذبَ
رَقراقًا
يَنسابُ سَلْسَبيلًا
مُنذُ يَومِ رَأينَا مُكبّراتِ الصَّوتِ
فِي أعْلَى الصّومعةِ
*
لا يُزاحمُ عندَ صُعُودِهِ القِطارَ
يترُكُ الأولويّة للتّلاميذِ والطّلبة
للعاملين والعاملاتِ
يَفسَحُ المجالَ للمُتعجّلينَ
وللجَميلاتِ طبعًا
لا بأسَ…صار لا يُبالِي إن تأخّرَ القِطارُ
أوْ توقّفَ ولمْ ينطلقْ
أوْ لمْ يأتِ
فهو لمْ يعُدْ يَنتطرُ أحدًا
ولا أحدٌ ينتظرُهُ
لَقدْ فاتتهُ كلُّ المَواعيد…
*
عَجبًا
لِقَومِ مدينةِ الإسمنتِ والحديدِ
يَقِفُون
أحيانًا يَتزاحمُون
حَول ثُعبانٍ أخضر أو أزرقَ
يَلتهمُهُم هُنا
ويَخرجُون منهُ هناكَ
أحياءَ…!
*
تقُولُ النّخلةُ
وهُم يحُزُّون رأسَها
ـ سَيطلُعُ جَريدي
فجُذوري
عَميقةٌ !
*
شَمسُ صباحٍ آخرَ
بنسيم عليلْ
يَومٌ مُناسبٌ
لِحَبلِ الغَسيلْ
وعندَ إعلاقهِ البابَ
ألقَى بنظرةٍ نحوَ صُندوق البريدِ
مِنَ الرّسائلِ خالٍ والفواتيرِ
حَسنًا
هذا صباحٌ سعيدٌ
ومُباركٌ
*
نَاولهُ الدّكتورُ وَصْفةَ الدّواءِ
قائلا :
ـ الضَّغْطُ عَالٍ
والسُّكَّرُ مُرتفِعٌ
لا بأسٌ…قال :
ـ دَمِي عَسَلْ
فَلْيَشْربُوا
وعِندَ اللّهِ الأجَلْ…!
*
سيقولُون كانَ
وكانْ
عندما لا يكونُ
وبعدَ…
فَواتِ الأوانْ…
صيف ـ خريف 2018
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــ الجالس في شرفته ــــــ
الجالسُ على كُرسيّهِ
في شُرفتهِ
لا يبارحُها
تمنّى أن يكون على كرسيّ عجلاتٍ
الجالسُ على كرسيّ عجلات
تمنّى أن يسير حتّى بعُكّازيْنِ
أو حتّى بساقٍ واحدةٍ
الذي يسيرُ بساق واحدةٍ
تمنّى أن يكون بساقينِ
حتّى أعرجَ
الأعرجُ تمنّى أن يسير حثيثًا
الذي يسير حثيثًا
تمنّى أن تكون له درّاجةٌ
راكبُ الدرّاجةِ
ليتَ درّاجتَهُ ناريّةٌ
صاحبُ الدرّاجةِ النّاريةِ
تمنّى سيّارةً
الذي وراء مِقود السيّارةِ
تمنّى أن يصل أسرعِ بالطيّارةِ
صاحبُ الطيّارةِ
تمنّى إمارةً
والأميرُ صاحبُ الإمارةِ
تعِبَ من البُروتوكولاتِ والمأكولاتِ
ومنَ اللّؤلؤ والماسِ والحُرّاسْ
تمنّى أن يسيرَ في الشّوارع والأسواقِ
مثلَ عامّةِ النّاسْ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــ الخطوة الأولى للأميرة لارَا ــــ

عندما تقدّتْ إلى البحر
أزهرَ الرّملُ
مِنْ تحتِ قدميْها
وعندما سبحتْ في الشّاطئ
خرجَ سِربُ السّمكِ
وأهلًا ومَرحبًا كاد أن يقولَ
وفي المَدى
لاحَ قوسُ قزح
ورَفرفَتِ النّوارسُ وشَدَتْ
على إيقاع خطوتها الأولَى…
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــ النجمة التي سقطت في البحر ــــــــــ

ـــــ النّجمةُ التي سقطت في البحر ــ
النّجمةُ التي سقطتْ
في قاع البحر
صارت سمكةً
غطستُ عميقا حتّى مسكتُ بها
فرَفْرفتْ في شِباكي
ثم طارتْ بشراعي
وقالت :
ـ يا بحرُ
كم بكيْتُ ولم تَرني
أجابَها البحرُ :
ـ ألمْ تكوني في أعماقي ؟
في كلّ مَوجٍ
بين هَزْجٍ وهَوجٍ
فخُذينِي يا سيدتي إليك
*
خُذيني
بمدّي وجَزري
بيُسري وعُسري
بسِحري وأسْري
*
خُذيني
بلُطفي وعُنفي
بقَصفي ورَجفي
بكشفي ورَشفي
*
خُذيني
من حنيني وأنيني
بظنوني ويَقيني
في جنوني ومجوني
*
خُذيني
بمواعيدي وأناشيدي
بقيودي وعهودي
بتليدي وجديدي
*
خُذيني
مع المَدى والضُّحى
مع الكادح سَعَى
ـ واللّيلِ إذا سَجَى ـ
*
خُذيني
كتاج السّلاطينِ
كحُلم المساكينِ
كاِنتظار المساجين
*
خُذيني
من رُسُوباتي وأباطيلي
من رُسُوماتي ومواويلي
بفاعلاتي ومفاعيلي
*
خُذيني
على جناح الرّياح
على وشاح الأقاحي
مع اِنشراح الصّباح
*
خُذيني
في جِدّي وهَزلي
في ضِدّي ومِثلي
في بعضي وكلّي
*
خُذيني
بتَجاويفي ووتلافيفي
بتخاريفي وأراجيفي
بلَطيفِي وعَفيفِي
*
خُذيني
توّاقًا سبّاقًا
ذوّاقًا عشّاقًا
رقراقًا خفّاقًا
*
خُذيني
مِلحًا وجُرحًا
بَوحًا و صفحًا
مَدحًا وقدحًا
*
خُذيني
باِنتصاري واِنكساري
باِعتذاري واضطراري
باِنهماري واِنشطاري
*
خُذيني
مع أوراقي وأشواقي
مع إخفاقي وإشراقي
مع أنفاقي وآفاقي
*
خُذيني
بِرِفقي وصِدقي
بحُمقي وحِذقي
بتَوْقي وطَوْقي
*
خُذيني
بأرَقي وقلقي
بشَبقي وعَبقي
بنَزقي وألَقي
*
خُذيني
كصُعلوكٍ إذا مَلَكْ
كمُذنبٍ إذا نَسكْ
كطائر السَّمَكْ
*
خُذيني
إلى أترابي وأحبابي
إلى أبوابي وأعتابي
إلى ألعابي من الطّين
*
خُذيني
من نسياني وهذياني
في تَحْناني وطوفاني
بخُسراني وإيماني
*
خُذيني
رغم خُطوبي وذنوبي
رغم كُروبي وثُقوبي
رغم غُروبي وعُيوبي
*
خُذيني
من محطاتي وقِطاراتي
في متاهاتي ونهاياتي
بِشَتاتي وثباتي
*
خُذيني
بالمكتوب على جبيني
بِشُجوني في سِنيني
من سبعٍ إلى سبعيني
*
خُذيني
نَسجًا في نَسج
مَوْجًا في مَوْج
وَهْجًا في وَهْج
مَزجًا في مَزْجِ
واسكُبيني بحرًا في حِبر دواتي
واكتبي كلماتي
بصمتي وصوتي
في حياتي وموتي
يا…
أيّتها الأنتِ…!
تونس ـ رادس ـ صيف 2018
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــالنخلة القديمة ـــــ
وَنَخلةٍ قَامتْ عَلى الهُــزالِ * رأيتُـها تَــنُـوءُ فِي اِنْـعِـــزَالِ
مَا بَالهُمْ قَد أهمَلُوا حِماهَـا * ولا يُبالونَ فلمْ تُـــــــبَــــالِ
هَانتْ عليهِمْ ما دَرَوْا جمَالًا * ومَا لهُمْ حِسٌّ إلى الجَـمــالِ
فَلا جريدٌ باسقٌ تدلّــــــى * عُرجُونهُ يَميلُ في اِنـــثِــيَـالِ
ولا حَمامٌ سَاجعٌ يُنــــاجِـي * مُرفْرفًا يَـحِـنُّ لِلـــوصَــــالِ
يا واحةَ الجنُوبِ,اُذكُـريـهَا * بينَ سَــواقِــي مائِـكِ الـزُّلالِ
إلى خَريرِهَا تَحِنُّ شَوْقًــا * بِرغم عَصْفِ الرّيح والرّمـــالِ
إنّي الغَريبُ جِئتُها مُعَنّـى * كمِثلِ صَبرِها على النّــبَــــالِ
لمّا رآني جذعُها تَــدَانَـى * وضـمَّـنِــي فَـحالُــهُ كَـحَـالِـي

تحيّة بتحيّة…

 تحيّة بتحيّة…والبادئُ خيرٌ

شكرا لصديقي الشاعر الكبير نورالدين صمّود الذي حيّاني بهذه الأبيات ضمن قصيد نشره أخيرا بموقع  ـ المثقف ـ 


صباحَ الخير يا (سوفُ ) الذي قد

أتى من فيلــ(سوفٍ) وهو عالمْ

يُضاهي (أفلاطونـًا أو أرسْطو)

ولكنْ ليس بُنـْكِـرُ قولَ (ناظــمْ)

فقد رفض الفلاسفةُ القدامَى
لمن قد ظل في الأشعار حالمْ

(مدينتهمْ مُفضلةٌ لديهمْ)
محرَّمة ٌ على (غاو ٍ وهـائمْ)*

فأجبته قائلا :

مساءَ الخير يا ( نورَ ) القوافِي * وللأشعارِ إنّك خيرُ ناظـــمْ

بِإبداع الجمال نصُوغُ شِعـــرًا * يَظلُّ ملاذَنا رغمَ المظالــمْ

فلا تَحزنْ لفلسفةٍ تهـــــاوتْ * وقُلْ بالشّعر تزدانُ العوالمْ

رادس في 23 ـ 9 ـ 2018

ثمّ أضاف الشاعر نورالدين صمود قائلا :

صباحَ الخير يا ( سُوفَ) القوافِي*لقد أصبحتَ للأشعار ناظـمْ

وأضحى ما نثرتَ مـن اللآلي*كـعِــقـْــدٍ لامعٍ في كـَفِّ ناظـمْ

[مديــنــتنا، بفرط الحسن فيها،] * تظل ملادَنا رغــم المظالـمْ

لِـبيتِ الشعر فيها ألفُ معـنـى*يـــراه العاشقون بعـيـن حالــمْ

إذا ما القــلــبُ لم يسكرْ بشِـعْر ٍ*تــراه للمحاسن غــير فاهـمْ

فـلا تـحزنْ لفـلســفـة تـهـاوتْ * وقلْ: بالشّعر تزدانُ العوالمْ

وتصبح كالرياض بدون زهر ٍ *ومثــل الـدُّر يـبدو دون ناظمْ

مدينـتـنا مَـدَى الأزمان ظلتْ*تجودُ بشِعرها أضعافَ (حـاتـمْ)

وتـونـسُ تؤنس الـزُّوار فبـها* بشعـر ٍ ظـل فـيه القــلبُ هائمْ