ـ ديوان سُوف عبيد ـ في صالون معابر بالمكتبة المعلوماتية بأريانة ـ تونس ـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مساءُ السبت 21 أفريل 2018 كان مساءً ممتعا حقا إذ قدّم على مدى ساعتين ونصف صالون معابر للقراءة والكتاب بإدارة الهكواتي سالم اللبان برنامجا ثقافيا متنوعا اِشتمل على تقديم ـ ديوان سوف عبيد ـ بحثت فيه الأديبة مسعودة بوبكر جوانب الظروف والمواضيع والأساليبب التي تضمنها الديوان وقد تراوحت مداخلتها المركّزة بين غناء وعزف وإلقاء قصائد من الديوان ضمن برنامج محكم الفقرات ودقيق الإعداد كانت حلقته النهائية الاحنفاء بالرسام العراقي المقيم في تونس الفنان سمير مجيد البياتي وقد كان مسك الختام شعرَا وحوارًا بين الشاعر وبعض المتابعين ومن بينهم الشعراء أبو امين البجاوي وبوراوي بعرون وتوفيق بالشاوش وزهرة حواشي ونورة عبيد وجودة بلغيث ونسيبة عيادي والفنان الشعبي صالح سلامة ـ الفرزيط ـوغيرهم
إنّ المبادرات التي يقدمها صالون معابر على مدى سنوات متوالية في حاجة إلى دعم ماديّ ليواصل الاِحتفاء بأعلام الأدب والثقافة في تونس وقد حضرتُ في مناسبات عديدة لقاءاته التي اتّسمت دائما بالجدية والإضافة والتميّز فتحيّة شكر وتقدير للصديق الفنان الشامل ـ شعرًا وسردًا ومسرحًا ورسمًا وعزفًا وتلحينًا وغناءً ـ الهكواتي سالم اللبان ـ
ــــــــــــــــ سُو ف عبيد ـــــــــــــــ
من قصائد الديوان التي قُرئت ـ غمراسن ـ البرنس ـ الخمسون ـ الجازية ـ العاشق المتجول متابعة قراءة ديوان سُوف عبيد في صالون معابر
أرشيفات التصنيف: Uncategorized
أوّل أمسية شعريّة…
في آخر أيام الربيع من سنة 1969 كنت أستمع إلى الإعلانات التي كانت تبثّها الإذاعة التونسية وقتذاك فشدّ انتباهي بلاغُ اللجنة الثقافية بضاحية أريانة التي ستنظم أمسية شعرية بمناسبة مهرجان الورد وتدعو من يرغب في المشاركة أن يرسل قصيدين إليها .
لست أدري كيف عزمت و أرسلت أربع قصائد وقد عزمت على الحضور حتى وإن لم أشارك في الأمسية فمساء الجمعة مناسب لأنه خال من الدروس وضاحية أريانة قريبة والفصل ربيع وهي مناسبة لاكتشاف أجواء الأمسيات الشعرية التي لم تكن منتشرة في ذلك العهد .
وكم كانت المفاجأة كبرى بعد أسبوع تقريبا عندما عدتُ من معهد ابن شرف عند منصف النهار فوجدت رسالة من اللجنة الثقافية تحمل اسمي مسبوقا بالشّاعر…كانت وماتزال وحتى بعد انقضاء نصف قرن تُمثل ذكرى من أجمل ذكرياتي التي تبعث في وجداني شعور البهجة والغبطة…
قبل ساعة كنت أجلس في قاعة كبيرة لعلها قاعة البلدية منتحيا مكانا جانبيا وأخذت أراجع نصوص القصائد متثبّتا من حركات أواخر الكلمات خاصة وعندما رفعت بصري وجلت به يمنة ويسرة وجدت أغلب كراسي القاعة قد امتلأت بالحاضرين وقتها تملّكتني رهبة لم أشعر بها من قبل أبدا وبعد برهة صعد إلى المنصة الشعراء وأذكر من بينهم خاصة أحمد اللغماني والميداني بن صالح ومحي الدين خريف وعندما أخذوا أماكنهم نادى رئيس اللجنة الثقافية على اِسمي وعلى الشاعر سويلمي بوجمعة راجيا منا إن كنا حاضرين أن نصعد بجانبهم إلى المنصة .
ما أعظمها من فرحة وما أروعه من شعور بالارتياح أن يُنادى على اسمي مسبوقا بالشاعر ثم أن أجلس على المنصة مع صف الشعراء الكبار الذين كنت أقرأ لهم وأستمع إلى بعضهم في الإذاعة وكم كانت فرحتي عارمة عندما بدأت الأمسية بنا إذ افتتحها سُويلمي بوجمعة بقصيدين وما زلت أذكر طريقة أدائه بنبرة شجية خافتة نالت إعجاب الحاضرين ثم تقدمتُ إثره إلى المصدح فوقفت أقرأ قصيدتي الأولى من دون النظر إلى الورقة أما القصيدة الثانية فقد شدتني ورقتها أكثر وأذكر أن الشاعر أحمد اللغماني قد أبدى ارتياحا خاصة للسلامة اللغوية والعروضيية وشجعنا أن نكتب بروح تفاؤلية أكثر نظرا لأننا في مرحلة الشباب وكذلك لأننا في مهرجان الورد وفي فصل الربيع وأبدى احترازه بل رفضه لقصيدي الثاني لأنه خال من الوزن العروضي ولم يعتبره شعرا أصلا فالتجديد حسب رأيه لايكون إلا ضمن إيقاع التفعيلة والقافية لكن الشاعر الميداني بن صالح قد عبّر لنا في كلمته عن ارتياحه للمواضيع التي تناولناها بما فيها من طرق للقضايا الاجتماعية والوجدانية .
قبل هذه الأمسية كنت أرسل نصوصي إلى الأديبة حياة بالشّيخ التي كنت أقرأ لها في صحف ومجلات ذلك العهد فقد كان أخوها فيصل بالشيخ زميلي وصديقي منذ أن كنا ندرس بمعهد الصادقية فكنت أسلّمه نصوصي فتقرأها وتسجل ملاحظاتها بدقة وعناية وأذكر أنني عندما التقيت بها سنة 1972 بنادي القصة في مكتب الأديب محمد العروسي المطوي بنادي القصة أبديت لها شكري وتقديري وأثنيت على ملاحظاتها المفيدة .
فتحيّة شكر وعرفان ووفاء لكل الشّعراء والأدباء والأساتذة ولجميع الذين أخذوا ببدي وشجعوني وفتحوا أمامي مختلف المجالات الأدبية والثقافية .
فما أكثر ما أخذت وما أقل ما أعطيت….
أيام قرطاج الشعرية
بعد عشرات السّنين من دعوة الشعراء التونسيين جيلا بعد جيل إلى تنظيم أيام قرطاج الشعرية يتحقق الحلم بفضل تضافر الجهود وصدق العزائم فتحية شكر لكل من ساهم في إنجاز هذه التظاهرة التي أرجو أن تتواصل بروح المثابرة والإضافة لتكون علامة بارزة في الثقافة التونسية والعربية نحو العالمية الأرحب
اليوم يوم الأربعاء 28 مارس 2018 وفي مدينة الثقافة قرأت قصيدة الجازية على منبر أيام قرطاج الشعرية في دورتها الأولى …تحية ذكرى ووفاء لأصدقائي الشعراء الذين رحلوا لكأنّي رأيتهم واِستمعت إليهم واحدا واحدا وهم أمامي يتداولون على المنصة…وتبقى الكلمات…!!
دعوة أيام قرطاج الشعرية
قصيدة ـ غرناطة ـ بالإسبانية
غَرنَاطةُ
إلى لوركا
أربعُ رصاصات
خامسُها مُسدَّسٌ
ذلك ما يحتفظ به دائمًا
لذكرى الحربِ الأهليّةِ
الجنرالُ عادَ للمرّةِ الأولى
مِنْ مَكتبهِ
باكرًا
عَلى مَهَلٍ
الرّصاصةُ الأولى
في قلبِ الزّوجةِ
المُخلصةِ
الرّصاصةُ الثّانيةُ
في رأسِ الصّديقِ
العزيزِ
الرّصاصةُ الثّالثةُ
في ظَهر الخادمةِ
الأمينةِ
الرّصاصةُ الرّابعةُ
وصوّبَ نحوَ رأسهِ
كلاّ
فتحَ النّافذةَ على مِصراعيْهَا
بدَا لهُ قِرْميدُ غرناطةَ
أحمرَ
أحمرَ
وَسَطَ الزّياتينِ
إذنْ
غدًا
سَيُطلقُ النّارَ
على المُتظاهرينَ
إصدارات سُوف عبيد
اِبن خلدون يكتب بالكاميرا
اِبن خلدون يكتب بالكاميرا
ـ سُوف عبيد ـ
أعتبرُ أن الفِلم الوثائقيّ الذي أنجزه الدكتور خالد عبيد حول مؤامرة 1962 بتونس بدايةَ كتابة التاريخ بالكاميرا فقد سجّل مختلف الآراء حول هذه الواقعة التي ظلت على مدى سنوات متوالية محلّ خلافات عميقة ولكنّ الباحث خالد عبيد أفسح المجال للأطراف الفاعلة والقريبة من الوقائع فأدلت بشهاداتها بوضوح وحريّة ولكنّ ورغم ذلك فما تزال بعض الجوانب في القضيّة تحتاج إلى مزيد من البحث ولا سبيل إلى ذلك إلا بالتمكّن من الوصول إلى الملفات القابعة في أرشيف الأطراف المعنية النافذة بدرجة أولى وهو أمر يبدو أنه اِستعصى على الباحث .
**من خلال بعض الشهادات يمكن أن نتساءل ـ من الناحية القانونية ـ هل أنّ الجزاء القاسي الذي ناله المحكوم عليهم بالإعدام كان متلائما مع أفعالهم والحال أن بعض الشهادات أكدّت أنهم لم يشرعوا في الإنجاز بل إن البعض منهم لم يأخذ الأمر على محمل الجدّ وأكّدت إحدى الشهادات أن البعض قد عدل وتراجع عن مشروع المؤامرة لكنه وجد نفسه في طابور الإعدام وقد تساءل خالد عبيد عن سرّ السّرعة العجيبة التي ألمّت بإجراءات البحث والمحاكمة وتنفيذ الأحكام وقد أشارت إحدى الشهادات إلى مدى مسؤولية بعض الشخصيات القريبة من بورقيبة وقتذاك .
** فالفلم الوثائقي حول مؤامرة 1962 كأنّي به أراد أن يقول قد آن الأوان لنتجاوز الحادثة ونُسلّم ملفاتها إلى المختصّين في التاريخ ولكن لابدّ أن نستخلص منها بعض الدروس لعل أوّلها أن الجيش التونسي يظل هو الحارس الأمين لاِستقلال البلاد وسيادتها والمدافع عن الوطن وأن لا يتدخل في الشأن السياسي والدعوة الثانية التي نستشّفها من الفلم تتمثل في تشهيره بالعنف والتعذيب والمظالم الأخرى التي طالت عائلات الموزّطين والفلم يؤكد من ناحية أخرى ومن خلال بعض الشهادات على ما يتّصف به التونسيّ من روح التسامح.
* *بمثل هذه الأعمال الجدّية التي تصدر عن أهل الاختصاص وبروح البناء والتجاوز يمكننا أن نتقدم بكثير من الملفات التي ما تزال تحتاج إلى البحث والمراجعة كي لا تبقى عواقب كَأداء بين التونسيين ليمضوا نحو المستقبل على أرضية واضحة وصلبة مثلما فعلت الأمم المتقدمة التي تصالحت مع تاريخها رغم مآسيها الكبيرة مثل ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وجنوب إفريقيا وغيرها لذلك كان يجب أن يكون هذا الفلم مدّعما من وزارة الثقافة ومن مؤسسة التلفزة الوطنية وغيرهما من الأطراف المعنية ولكنه قد أنجز بفضل الإرادة الشخصية وتضحية كامل الفريق الذي أنجزه…فتحية شكر وتقدير
صباحَ الخير… لارَا
صباحَ الخير… لارَا
لارَا بعيدةٌ…بعيدةٌ
*
ورَفرفتْ
رأتْها لارَا
فَرِحتْ
*
يا طيورَ الحديقة يَمِّمِي جنُوبًا
وَحُطّي على نافذتِي
دَمعتي
أحلام الأسفار
أحلام الأسفار
أنا أعتقد جازما أنّ الرسم كان من اِستنباط المرأة زمن العصور الأولى من التاريخ فعندما كان الرّجل يذهب للصّيد ولقطف الثّمار بعيدا عن المغاور فإنّ المرأة التي تظل فيها كانت ترسم الحيوانات التي مضى القوم لصيدها من غزلان وأيائل وبقر وحشيّ وغيرها كتلك الرسوم التي كنا نراها في كهوف شعاب ـ غمراسن ـ بالجنوب التونسي وأجزم أيضا بالنسبة للشعر أنّ أول ما فيل منه كان على لسان اِمرأة ودليلي في ذلك أنّني كنتُ أسمع أمّي وهي تغنّي بينما كنت أتوسّد رُكبتها وهي ترحي القمح والشّعير برحى الصوّان…
تلك أحلامي كانت تتراءى لي وأنا أتنقّل متأمّلا بين لوحات الفنّانة التشكيلية والشّاعرة
رجاء محجوب نقاس ـ إيدلويس ـ المعروضة بنادي الطاهر الحداد في يوم بارد ممطر شتائي باِمتياز فإذا بالألوان المُشرقة الزّاهية التي على اللّوحات تبعث في الوجدان البهجة والاِنشراح فهي تحتفل بالمرأة اِحتفالا بهيّا ففي كل لوحة تجدها بشعرها االأسود لطويل المُرسَل مرّة جدائل متهدّلة ومرّة خصلات مرفرفة ومرة كخيوط الشّمس لكأن الرسّامة تؤكّد على اِمراة واحدة ولكن في حالات مختلفة ولعل لوحة الأربع نساء الواقفات بجانب بعضن في اللون الأزرق والوردي والأسود والأبيض ويبدو خلفهنّ رجل غير واضح الملامح هذه اللوحة قابلة لقراءات عديدة فمثلا يمكن أن ترمز للفصول الأربعة أو لتغيّر نفسية المرأة ولمراجها أو لعلّها تعبّر عن تنوّع الحالة لدى الإنسان بصفة عامة كما يمكن أن ترمز للتغيّر والتبدّل والتنوّع والتعدّد عامة وذلك هو سرّ جمال هذه اللوحة وأما إذا أدخلنا في الحُسبان ملامح الرجل الواقف من الخلف فسيذهب بنا التحليل إلى مجالات أخرى من الإيحاءات فالاِحتفال بالمرأة واضح وجليّ في أغلب اللوحات ومن بينها لوحة القُبلة ـ هكذا أسمّيها ـ وفيها أرهار متناثرة حمراء من ـ شقائق النعمان ـ على بساط من العشب الأخضر اليانع وفي أعلى اللوحة مثل بياض زهرة اللوز وفي وسط هذه الألوان الزاهية المشرقة عناقٌ وقبلةٌ بين حبيبين وطبعا الحبيبةُ خصلاتُ شعراها مرفرفةٌ حتى تكاد تتّصل بأغصان شجرة اللوز مما يجعل من اللوحة سنفونيةً من الحبّ والجمال والاِنسجام …كذلك الفنّ او لا يكون…!
* سُــوف عـبـيــد