غمراسن

 غُمْراسِنُ ـ سُوف عبيد

كمْ مِنْ بــــــلادٍ كلّها مَــفاتــنْ * لكــنَّ قلبي حُبُّــهُ غُمــراسِـــنْ
فَباِسمِها مَعنى كريم النّــــاسِ * أكرمْ بِهمْ !فكلّهُُم مَــــحاســنْ

غمراسن

ديوان سوف عبيد

كمْ مِنْ بــــــلادٍ كلّها مَــفاتــنْ * لكــنَّ قلبي حُبُّــهُ غُمــراسِـــنْ
فَباِسمِها مَعنى كريم النّــــاسِ * أكرمْ بِهمْ !فكلّهُُم مَــــحاســنْ

سيّارةُ الطين… تلكَ
مَلّسَها مِنْ صَافي الأدِيم
أديمٍ في جَوْف كهفٍ
كهفٍ في أعلى تَلّ
كيْ يَصِل إلى رأس التَلّ
لا بُدّ مِنْ…ومِنْ…
مِنْ شَوكٍ وصَخر مَسْنُون
والويلُ مِن أفعَى أوْ مِن عَقرب
سيّارةُ الطّين…تلكَ
في باحةِ الحُوش…ذلكَ
بِدَلويْن مِنْ ماء ـ بِئر الكرمةِ ـ
عَجَنَ حَديدَها المَصقُولَ
بِلّورَها اللمّاعَ
أضواءَهَا الكاشفةَ
الحمراءَ
والبُرتقاليّةَ
اِستوتْ بينَ يديهِ مَلساءَ هيفاءَ
تَركها تجفُّ
الشّمسُ فوق رأسِهِ كرةُ جَمر
سيّارةُ الطين…تلكَ
جفّت عجلاتُها،يَـبِـسَتْ…
الآن يتسنّى له تركيبُها بيُسْر على مِغزليْن
ثَقّفَهُمَا مِن غُصن زيتونةِ الجِسْر
بِرفق ثَقبَها
واحدةً تِلو واحدةٍ
مَرْحَى….مرحَى
اِستوتْ ودارتْ في كفّهِ
مَثنَى…ثَلاثًا…رُباعًا
بِِرفْق
فَتحَ بابَها ـ كذلك كانَ يَتسلّى ـ
ثُمّ اِستوى خلفَ عَجَلةِ القيادةِ
يدُه اليُمنى أمسكتْ بها بلطفٍ
يدُهُ اليُسرى أدلاهَا مِنَ النّافذةِ
تَمامًا…مِثلمَا يقُودُ المُحَنّكونَ مِنَ السَّائقينَ
بِلمسةٍ واحدةٍ
أدارَ المُحرّكَ
فاِنسابَ اِنسيابًا كأزيز الرّيح
كحفيفِ أجنحةِ الخَطاطيفِ
كخرير الوادي عندَ السّواقي
كرَجْع الشّادِي في مَحافل الأعراس
كصَدى الزّغاريدِ
لم يُودّعْ
لم يودّعْ
الشّوقُ إلى المَسافاتِ البعيدةِ دَعاهُ
ضَغط على دوّاسةِ البِنزينِ
لم تَترُكْ سيّارةُ الطّين وراءَها إلا الغُبار
كمْ مِنْ جبال قَطعتْ
كمْ من وهاد / مُروجٍ / غاباتٍ / سَباسبَ / أنهارْ
سَنواتٌ فِي سَنواتٍ
كمْ مِنْ ريح / ثُلوج / أمطارْ
مَرقَتْ
وأقطارْ
سنواتٌ في سَنواتٍ
سيّارةُ الطين…
مَا تَعِبتْ ما كلّتْ ما تَوقّفتْ
سنواتٌ في سنواتٍ
ضاقتْ به الأماكنُ
سنواتٌ في سنواتٍ
قاراتٌ ومدائنُ
فمَا أوصلتهُ الطرقاتُ
إلاّ
إليها ؟
غُمراسِنُ
بَوصلةٌ القلبِ تُشير إليها جنوبًا
ولوْ أنّ الشّمال مَفاتنُ
غُمراسنُ
البدءُ والمُنتهَى
مَهما توالتْ مَواطنُ
ـ غُمراسنُ ـ
في قاموس لغةِ البَربر ـ سَيّدُ القَوم ـ
إباءٌ…كرمٌ…ومَحاسنُ
غمراسنُ
قديــمًا
كانتِ الأمطارُ مِدرارةً حتّى في الهَواجرِ
الدّيناصوراتُ في غاباتِهَا كانتْ تَجُولُ
كم اِصطادَ من أحفـادِ أحفـادِ أحفـادِها ضَبّا
في المَغاورِ
غُمراسنُ
قديمًا…قديمًا
الأسلافُ الأوائلُ
رَسمُوا في كهُوفِ الشِّعابِ الأفيالَ والزّرافاتِ
والأيائِلْ
غُمراسنُ
فِي ثَنايا وادِيها النّخلُ والتّينُ والزّيتونُ
يا شَذى الشّيح والعَرعَار
مِنْ كل فَجّ عَميق جاءها نجعٌ ورُكبانُ
غُمراسنُ
البُيُوتُ مَنحُوتةٌ والمَعاصرُ فِي الصُّخورْ
ويُتوّجُون رُؤوسَ الجِبال
بالقُصورْ
غُمراسنُ
في السُّوق القديم رَكنَ سيّارتَهُ
سَار مِنْ مَدرستهِ إلى ـ بِئر الكَرمةِ ـ
سَار
مِثلمَا كانَ يَسيرُ والأعوامَ عَبْرَ الوادِي
عَلى الأقْدام…

حول سوف عبيد

* من مواليد موسم حصاد 1952 وسُجّل في دفتر شيخ المنطقة بتاريخ يوم 7 أوت 1952 ببئر الكرمة في بلد غُمراسن بالجنوب التونسي درس بالمدرسة الاِبتدائية بضاحية ـ مِقرين ـ تونس العاصمة سنة 1958 ـ بالمدرسة الابتدائية بغُمراسن سنة 1960 ـ بالمدرسة الابتدائية بنهج المغرب بتونس سنة1962 ـ بمعهد الصّادقية بتونس سنة 1964 ـ بمعهد اِبن شرف بتونس سنة 1969 * تخرّج من كلية اﻵداب بتونس بشهادة ـ أستاذية الآداب العربية ـ ثمّ في سنة 1976 بشهادة ـ الكفاءة في البحث ـ حول ـ تفسير الإمام اِبن عَرْفَة ـ سنة 1979 * باشر تدريس اللّغة العربية وآدابها بـ ـ معهد اِبن أبي الضّياف بمنّوبة ـ المعهد الثانوي ببوسالم ـ المعهد الثانوي بماطر ـ معهد فرحات حشاد برادس * بدأ النّشر منذ 1970 في الجرائد والمجلات : الصّباح ـ الملحق الثقافي لجريدة العمل ـ الصّدى ـ الفكر ـ ألِف ـ الحياة الثقافية ـ الموقف ـ الشّعب ـ الرأي ـ الأيام ـ الشّرق الأوسط ـ القدس,,,وبمواقع ـ دروب ـ إنانا ـ المثقّف ـ أنفاس ـ أوتار ـ ألف ـ قاب قوسين ـ … * شارك في النّوادي والنّدوات الثقافية بتونس وخارجها : ليبيا ـ الجزائر ـ المغرب ـ مصر ـ العربية السعودية ـ الأردن ـ سوريا ـ العراق ـ إسبانيا ـ فرنسا ـ إيطاليا ـ ألمانيا ـ بلجيكا ـ هولاندا ـ اليونان ـ * من مؤسسي نادي الشّعر بدار الثقافة ـ اِبن خلدون ـ بتونس سنة 1974 واِنضمّ إلى اِتّحاد الكتاب التونسيين سنة 1980 واُنْتُخِبَ في هيئته المديرة في دورة سنة 1990 أمينا عاما ثم في دورة سنة 2000 نائب رئيس فساهم في تنظيم مؤتمر اِتحاد الأدباء العرب ومهرجان الشعر العربي بتونس سنة 1991 وفي إصدار مجلة ـ المسار ـ وفي تأسيس فروعه وفي تنظيم الندوات والمهرجانات الأدبية وشارك في الهيئة الاِستشارية لمجلة الحياة الثقافية وأسّس منتدى أدب التلاميذ سنة 1990 الذي تواصل سنويا في كامل أنحاء البلاد إلى سنة 2010 ونظّم الملتقى الأوّل والثاني لأدباء الأنترنت بتونس سنتي 2009 و 2010 وأسس نادي الشعر ـ أبو القاسم الشابي ـ سنة 2012 وترأس جمعية ـ اِبن عرفة الثقافية ـ سنة 2013 و2014 وأسس جمعية مهرجان الياسمين برادس 2018 * صدر له 1 ـ الأرض عطشى ـ 1980 2 ـ نوّارة الملح ـ 1984 3 ـ اِمرأة الفُسيفساء ـ 1985 4 ـ صديد الرّوح ـ 1989 5 ـ جناح خارج السرب ـ 1991 6 ـ نبعٌُ واحد لضفاف شتّى ـ 1999 7 ـ عُمرٌ واحد لا يكفي ـ 2004 8 ـ حارقُ البحر ـ نشر إلكتروني عن دار إنانا ـ 2008 ثم صدر عن دار اليمامة بتونس ـ 2013 9 ـ AL JAZIA ـ الجازية ـ بترجمة حمادي بالحاج ـ 2008 10 ـ ألوان على كلمات ـ بلوحات عثمان بَبّة وترجمته ـ طبعة خاصة ـ 2008 11 ـ حركات الشّعر الجديد بتونس ـ 2008 12ـ صفحات من كتاب الوجود ـ القصائد النثرية للشّابي ـ2009 13 ـ oxyde L’âme قصائد مختارة ترجمها عبد المجيد يوسف ـ2015 14ـ ديوان سُوف عبيد ـ عن دار الاِتحاد للنشر والتوزيع تونس2017