في تجديد الشّعر الشّعبي التّونسي

يمثّل الشعر الشعبي أي الذي يُقال باللغة اليومية مدوّنةً مُهمّة بما تتضمنه من معان متنوعة وفنّيات بديعة ناهيك عن قيمتها التاريخية وقد نقل منه نماذج عديدة ابن خلدون غير أن اجتهاده ذاك لم يواصله الدارسون المعاصرون  للأدب العربي مع الأسف وظل مبحثا لدى المختصين بالدراسات الاجتماعية فحسب والحال أن تدريسه ضمن المناهج الأدبية في إطار كليات الأدب أولى وأجدر

من الشعراء التونسيين الذين واكبتُ قصائدهم في مناسبات عديدة الشعراء أبو أمين البجاوي و محمد مامي وحكيم زرير وعبد السلام الأخضر وعادل الجبراني الذين حاولوا في بعض قصائدهم الخروج عن الأنماط القديمة سواء في المضمون او في المفردات والصور مثل القصيد الذي يرثي فيه الشاعر محمد امين البجاوي نفسه او القصيد الذي يصوّر فيه الشاعر محمد مامي ساعة مدينة تستور أو القصيد الذي يتحدث فيه الشاعر حكيم زرير عن الزواج أو القصيد الذي يصف فيه الشاعر عبد السلام الاخضر حورية البحر وكذلك قصيد المهاجر للشاعر عادل الجبراني لكنها تظل اِستثناءات جميلة نرنُو من خلالها إلى أن يواصلوا على منحى التجديد والبحث وأن لا ينجذبوا إلى الذائقة التقليدية التي يشتد تأثيرها خاصة في المناسبات العامة

وقد استمعتُ اخيرا بمناسبة سهرة شعرية في مدينة الهوارية إلى الشاعر عزوز بالحاج وقد أنشد قصيدا استلهمه من واقعه المحلّي  فقد جعل من طائر السّاف موضوعا طريفا حيث سرد قصّته معه بداية من صيده ووقوعه في شباكه ثم ترويضه وعنايته به لكنه عندما أرسله كي يصطاد سُمانة فإن طائر  الساف لم يعد إليه بها فظل الشاعر يتحسر ويتألم

القصيدة إذن ابنة بيئتها إذْرسمت واقعية محلية طريفة وهي ترقى إلى المستوى الرّمزي أيضا بما في أبعادها من تعبير عن معاني المحبة والمودّة وعن معاني الغدروالهجر من ناحية أخرى وتحتمل أيضا التعبير عن الحرية المنشودة أبدا…

ومن هذه القصيدة الأبيات التالية

جفا منّي غدا منّي في دورة ريح

هجرني تركني وتركني مُضام

حبّيته ربّبته عاتي وصحيح

ولا نمت ولا عرفت منام

وتركني في الجبل حريح

نا جرحي كُلّو آلام

سافي عِلْتُو يصطاد ـــ ليّ صار صديق

ديما حاضر في الميعاد ــــ رحمة عند الضيق

حبّيته والحبّ انزاد ـــ نا والله فراقه ما انطيق

هاجر عدّى لبعاد ـــ وتركني في بحر غريق

الساف

 

 

حول سوف عبيد

* من مواليد موسم حصاد 1952 وسُجّل في دفتر شيخ المنطقة بتاريخ يوم 7 أوت 1952 ببئر الكرمة في بلد غُمراسن بالجنوب التونسي درس بالمدرسة الاِبتدائية بضاحية ـ مِقرين ـ تونس العاصمة سنة 1958 ـ بالمدرسة الابتدائية بغُمراسن سنة 1960 ـ بالمدرسة الابتدائية بنهج المغرب بتونس سنة1962 ـ بمعهد الصّادقية بتونس سنة 1964 ـ بمعهد اِبن شرف بتونس سنة 1969 * تخرّج من كلية اﻵداب بتونس بشهادة ـ أستاذية الآداب العربية ـ ثمّ في سنة 1976 بشهادة ـ الكفاءة في البحث ـ حول ـ تفسير الإمام اِبن عَرْفَة ـ سنة 1979 * باشر تدريس اللّغة العربية وآدابها بـ ـ معهد اِبن أبي الضّياف بمنّوبة ـ المعهد الثانوي ببوسالم ـ المعهد الثانوي بماطر ـ معهد فرحات حشاد برادس * بدأ النّشر منذ 1970 في الجرائد والمجلات : الصّباح ـ الملحق الثقافي لجريدة العمل ـ الصّدى ـ الفكر ـ ألِف ـ الحياة الثقافية ـ الموقف ـ الشّعب ـ الرأي ـ الأيام ـ الشّرق الأوسط ـ القدس,,,وبمواقع ـ دروب ـ إنانا ـ المثقّف ـ أنفاس ـ أوتار ـ ألف ـ قاب قوسين ـ … * شارك في النّوادي والنّدوات الثقافية بتونس وخارجها : ليبيا ـ الجزائر ـ المغرب ـ مصر ـ العربية السعودية ـ الأردن ـ سوريا ـ العراق ـ إسبانيا ـ فرنسا ـ إيطاليا ـ ألمانيا ـ بلجيكا ـ هولاندا ـ اليونان ـ * من مؤسسي نادي الشّعر بدار الثقافة ـ اِبن خلدون ـ بتونس سنة 1974 واِنضمّ إلى اِتّحاد الكتاب التونسيين سنة 1980 واُنْتُخِبَ في هيئته المديرة في دورة سنة 1990 أمينا عاما ثم في دورة سنة 2000 نائب رئيس فساهم في تنظيم مؤتمر اِتحاد الأدباء العرب ومهرجان الشعر العربي بتونس سنة 1991 وفي إصدار مجلة ـ المسار ـ وفي تأسيس فروعه وفي تنظيم الندوات والمهرجانات الأدبية وشارك في الهيئة الاِستشارية لمجلة الحياة الثقافية وأسّس منتدى أدب التلاميذ سنة 1990 الذي تواصل سنويا في كامل أنحاء البلاد إلى سنة 2010 ونظّم الملتقى الأوّل والثاني لأدباء الأنترنت بتونس سنتي 2009 و 2010 وأسس نادي الشعر ـ أبو القاسم الشابي ـ سنة 2012 وترأس جمعية ـ اِبن عرفة الثقافية ـ سنة 2013 و2014 وأسس جمعية مهرجان الياسمين برادس 2018 * صدر له 1 ـ الأرض عطشى ـ 1980 2 ـ نوّارة الملح ـ 1984 3 ـ اِمرأة الفُسيفساء ـ 1985 4 ـ صديد الرّوح ـ 1989 5 ـ جناح خارج السرب ـ 1991 6 ـ نبعٌُ واحد لضفاف شتّى ـ 1999 7 ـ عُمرٌ واحد لا يكفي ـ 2004 8 ـ حارقُ البحر ـ نشر إلكتروني عن دار إنانا ـ 2008 ثم صدر عن دار اليمامة بتونس ـ 2013 9 ـ AL JAZIA ـ الجازية ـ بترجمة حمادي بالحاج ـ 2008 10 ـ ألوان على كلمات ـ بلوحات عثمان بَبّة وترجمته ـ طبعة خاصة ـ 2008 11 ـ حركات الشّعر الجديد بتونس ـ 2008 12ـ صفحات من كتاب الوجود ـ القصائد النثرية للشّابي ـ2009 13 ـ oxyde L’âme قصائد مختارة ترجمها عبد المجيد يوسف ـ2015 14ـ ديوان سُوف عبيد ـ عن دار الاِتحاد للنشر والتوزيع تونس2017