
كل مقالات سوف عبيد


سنفونية الشّعر التونسي
سنفونية الشعر التونسي
سُوف عبيد
في صباح يوم السبت 4 جانفي 2025 اِستقبل نادي الميعاد بجمعية ابن عرفة بمدينة تونس العتيقة وبالتعاون مع دار الثقافة السليمانية أعضاء نادي الشعر والرّواية بمدينة قرنبالية فكانت مناسبة رائقة التقى فيها عديد الشعراء الذين أنشدوا قصائدهم المتنوعة المواضيع والأساليب مؤكدين أن الحركة الشعرية التونسية تعيش فترة مزدهرة نعتبرها رافدا مُهمّا في خضم الشعر العربي المعاصرالذي ما فتئ يتجدّد ويتطوّر مشرقا ومغربا وباعتزاز يشرفني أن أنقل ما تيسّر من تلك القصائد التي اِستمعنا إليها شاكرا للشعراء تعاونهم وللصديق الشاعر ميلاد ميلاد رئيس نادي الشعر والرواية بقرنبالية جمعها .
قراءة في قصيدة ـ لاعب الورق ـ الأستاذ حاتم حمّادي
متابعة قراءة قراءة في قصيدة ـ لاعب الورق ـ الأستاذ حاتم حمّادي
بُوكاب….أو رحلة إلى جنوب إفريقيا

سوف عبيد ـ كما كتبه منير فلاح

فطيرة الأربع نجوم
لاعب الورق
غزل الطفولة
يُقال للظّبي غزال وللظبية غزالة والغزالة في اللغة أيضا هي الشّمس عند الضّحى
وقد شبّه الشعراء القدامى حبيباتهم بالشّمس تعبيرًا عن وضاءتها وحسنها مثل عنترة في قوله :
سُقيا لِشَوْهاءَ ما هَمّتْ بفاحشَةٍ * غدتْ على الغزلِ، ليستْ تعرِفُ الغزَلا
أَيا شِبهَ لَيلى لا تُراعي فَإِنَّني * لَكِ اليَومَ مِن بَينِ الوُحوشِ صَديقُ
فَعَيناكِ عَيناها وَجيدُكِ جيدُها * سِوى أَنَّ عَظمَ السّاقِ مِنكِ دَقيقُ
وهذا الشاعر المنخّل اليشكري هو أيضا يجد شبها وتوافقا آخر ولكنه مع البعير والناقة ليعبّر عن تمام الانسجام وكماله بينه وبين حبيبته حيق قال :
وأحبُّها وتحبّني * ويُحبّ ناقتها بعيري
قيس بن الملوّح يستحضر هو أيضا زمن طفولته مع حبيبته ليلى وهما يرعيان صغار الغنم فيقول :
تمثّل الطفولة الصّفاء والنّقاوة والبياض الذي لم تَشُبه شائبة والعاطفة فيه صادقة تنأى عن هواجس الغرائز وحسابات المصالح وقد صوّر الشابي الطفولة فاِعتبرها حلما لذيذا مرفرفا وذلك في أسلوب صيغة التعجّب الذي يرشح بمعاني المحبّة والاِشتياق المَشُوبة بشيء من الحسرة على اِنقضاء عهدها حيث يقول :
للّه ما أحلى الطفولة إنّها حلم الحياة
عـهد كمعسول الرّؤى ما بين أجنحة السُّبات
وعذوبة الطفولة لدى الشّابي جعلته يفتتح بها ـ معلّقته ـ صلوات في هيكل الحب ـ إذ يستهلّها قائلا :
عذبة أنت كالطفولة كالأحلام كاللّحن كالصّباح الجديد
أمّا الشّاعر التونسي ـ حاتم حمّادي ـ وهو من آخر حبّات العنقود في مدوّنة الشعر التونسي فقد نشر أخيرا قصيدا جديدا عاد فيه هو أيضا إلى ألعاب الطفولة خاصّة منها لعبة الغمّيضة لينال قبلة من حبيبته جائزة له بعد عناء البحث والفوز بالرّهان فهذه اللعبة البريئة والمسليّة تُعتبر أكثر صدقا وأبلغ حميميّة من طقوس الحبّ الرّسمية الخاضعة للبروتكولات
قصيدة ـ الغُمَّيْضَةُ ـ للشاعر ـ حاتم حمّادي ـ تونس
وائل
وائــــــل
على شَوكةِ الاِنتظار وَقفـتُ * مَـع الواقفينَ وبيـنَ الوُفودِ
وفِي قَلق أشْرئِبُّ بعَـيــنـِي * تُرى هل سَألقاهُ حَقّا حفيدي
تُرى هل كمِثل التّصاوير حُسْنًا * أبِي قَدْ رأيتُ ،وفيهِ جُدودي
وفــيهِ بَهــاءُ زيــــــادٍ صَبيّـــا * ببسمتِه تلكَ، تُحْـيِــي عهودي
فيا طائرًا في أعَالي الجِــواء * تَمهّلْ وحاذرْ ففِيكَ وليــــدي
ورَفْرفْ بلطفٍ وحُثُّ الجناحَ * على عجَل رغمَ ريش الحَديـد
وبعـــد اِنتظار أطلّ حفيـدي * فهَشَّ وبَـشَّ بوجه سَــعــيــدِ
إليَّ حبيبي! أشــرْتُ إليــــه * فَهَبّ لِحِضْني كطيـــر غَريـــدِ
وحَطَّ على ساعدي مِثْلَ بَاز * على أيْكهِ قـــادمٍ مِن بعـــيـدِ
فكم مِنْ جبالٍ وبحرٍ تَخطّى *وكم مِن رياحٍ ،وكمْ مِن رُعــود
وعانقتُهُ، كدْتُ أقسُــو عليـهِ * بِضَمٍّ ولثْمٍ وطــوْقٍ شَـــديــد
بشوق أقبّلهُ من يَــــديْــــه * تجُولان في لحيتي كـــالــوُرودِ
يُعابثُ نظّارتي في سُــرور * فِداهُ بعيني، وهَــل مِنْ مَــزيـدِ
يُكفْكِفُ لي دَمعتي ما دَراهُ * بأشجانِها أبحَرتْ في القَـصيـد
فباركْ ليَ اللهُ فيه وأسْعِـدْ * وحَمدًا إلاهِي فَذا يَــومُ عِـيـدي

الخمسون
هَــــــلْ لِــمَا فـَــاتَ مَـــــآبُ؟ * عَـبَـثًـــا يُـرْجَــى اَلسَّــــرَابُ!
هَـــذِهِ اَلْخَمْــسُونَ تُــطْــــوَى * مِـثـْــلَـمَا يُـــطْـــوَى الكتـَـابُ
صَـفـَـــحَـاتُ…ذِكْرَيـَــــــــاتٌ * قـَـــدْ تـَــوَالَــتْ وَ اِنْـسِيَـــاب
قَـدْ حَسِـبْـــتُ اَلْعُمْــرَ عَــــدًّا * فَــاِنْتَــهَى صِــفْـرَا حِسَــــابُ
أَيْــــنَ مِــنْ سَــبْقٍ خُـيُــولِـي * إِذْ تَـهَــــادَتْ وَاَلـــرِّكــــــابُ
عِـــنْـدَ أَعْـــرَاسِ اَلْــبَـــوَادِي * وَقَــــدِ اِخْضَرّتْ هِضَـــــــابُ
تـِــلْــكَ أُمِّــي تَـــتَــجَــلَّــى * حـُــــوشُــــنَا ذَاكَ رِحــــــابُ
جَــــــــدّتِي كَــانَتْ هـُــنَــاك * وَ حـِــــكَايـَـــاتٌ عِــــــذَابُ
وَ أَبِـــي عِنـْــدَ المُـــصَــلـَّى * وَ دُعـَــــــاءٌ مـُــسْتَـــجَابُ !
كَــــمْ بِصْــــيْدٍ قَــدْ ظَفِرْنَـا * وَ يَـــمَـــامَـــاتُ كـِــــعَــابُ
خـُـــذْ سـِــلَاحِـي يَــا بُـنــيَّ * ثـُـمّ يَــمْضِي…وَاِغْـتِــــرَابُ
زَمَــــــنٌ ذاكَ تَـــــوَلَّــــى * إنـّــــمَا اَلْآتِـــــي ضَــبَـــابُ
فـَـمَشَــيْتُ اَلْعُمـرَ وَحْـــدِي * فِــي الْمَدَى حُلْمِي شِهَـــابُ
لَـــدْغَةُ اَلْأَفْـــعَى بِــلَـيْـــــلٍ * وَ بِــلَيْــلٍ كَـــــمْ كـِــــــلَابُ
قَـــدْ أَحَاطَتْ بِاَلْـفَـتَـى..يــا * مِــــزَقًــــا صَــارَتْ ثـِـيـَـابُ
آهِ مِــنْ دَرْسٍ لِـــجَــبْــــــرٍ * كَــيْـف يَـأْتِـيـنِـي اَلْـجَــوَابُ
أَحْـــمَدُ الـــلَّـــه نَـجَـحْـــتُ * وَنــجَـا ذَاكَ اَلْـــمُـــصَـــابُ
إِنَّـــــمَا خَـــــطِّــــي رَدِيءٌ * عَــــبَـــثًا كَــانَ اِجْــتِــنَـابُ
كَــــــــمْ أَكُــفًّا قَــدْ مَدَدْنا * لِـــلْعَـصَـــا، هَانَ اَلْـعِقَـابُ
يـَــا عَــصـَـا رُدِّي صِبَـانـــا * أَيْــــنَــهُم رَاحُــــوا تِـرَابُ
يـَــا صَدِيـقِي لَا تَــلُمْــنِـي * إِنَّــمَا اَلـــذِّكْـرَى اِكْـتِـئَـابُ
رُبَّ ذِئْــــبٍ قَــــدْ دَعَــاهُ * اِنْـــــتِـــزَاحٌ أَوْ خَــــــرَابُ
صَـــــارَ أُنْــــسًا أَوْ رَفِــيقًا * لَـيْـــسَ مِنْــــهُ اَلْمُسْتَرَابُ
لَا كَـمَنْ قـُـلْتُ صَــــدِيقِي * وَ هْـــوَ فِي اَلظَّهْرِ حِـرَابُ
سـَـلَّـهَا لِلـطَّـعْـنِ يَـــوْمًـا * وَ اِنْـزَوَى عَنِّي اَلصِّــحَـابُ!
كَــاَلنَّـعَامَـاتِ وَ دَسَّـــــتْ * رَأْسَـــهَا أَخْــفَـى اَلــتُّرَابُ
كـَــــمْ زَرَعْتُ اَلْوَرْدَ فِيهِـمْ * فَــــإِذَا اَلشَّـــــوْكُ ثَــوَابُ
مِـــنْ لَــئِيــمِ أَوْ حَــسُـودٍ * ذَاكَ نَــــــمَّـــامٌ وَ نَــــابُ
أَوْ طَــــوَاوِيـــسُ تباهَـــتْ * فَـهْيَ زَيْــــفٌ أَوْ سِـبَــابُ
فـَــاِنْــبِطَـــاحٌ وَ اِرْتِـــمَاءٌ * وَالتواءٌ واِنقِــــــــــــــلابٌ
هَــمُّــهَا لَحْسُ اَلصُّــحُـونِ * قـَـــدْ سَــرَى مِنْهَا اَلْلُّعَابُ
تَـمْـــسَحُ اَلْأَعْتَــابَ لَحْسًـا! * تـَــنْحَنِــي، هـَـانَــتْ رِقابُ
قـَــلَبَتْ لَــوْنَ اَلْـقَـــمِيـصِ * فَـبِــفِـلـسٍ تـُــسْــتَـطَـابُ
عُـــمْلَـــةُ اَلـزَّيْـفِ وَ عَمَّـتْ * فَــــعَـــلَا اَلْـحـَـقَّ اَلْحُبَـابُ
بـِــيعَـــتِ اَلْأَوْطَــانُ…بَخْسًا * وَيْــحَنَا…! حَتّـــى اَلْإِهَــابُ
كَمْ شُـعُـوبٍ قَـــدْ أُبِــيـدَتْ * رُبَّـــــمَا نَــــحْنُ نُــصَـابُ !
لَا…هُــــمُ اَلْأَحْرَارُ هَـــبُّـوا * وَ بِـــهِـــمْ سَــالَتْ شِعَـابُ
مِـــنْ شَـــمَالٍ وَ جَـنُــوبٍ * مَـــــــــدَدٌ ذَاكَ رِحَـــــــابُ
قَــــــدْ تَــصَـــدُّوا لِــلْعُـدَاةِ * وَبِــــعَـــزْمٍ قَــــدْ أَجَـابُـوا
صَــــوْتُــهُمْ صَـوْتٌ يُـــدَوِّي * فَـــــإِذَا شَــــــدُّوا أَصَابُـوا
مِــــــنْ قَــدِيمٍ يَـا بِــلَادِي * حـُــــبُّــنَا فِـــيــكِ اَلْمُـذَابُ
وَ كَـــزَيْــتُــونٍ وَ نَــخْـــــلٍ * أَخْـــــضَرٌ دَوْمًــــا عُــبَــابُ
مَا اِنْــــحَــنَــى يَـوْمًا لـِريحٍ * لا رُعُــــودٌ لا سَـــــحَـــابُ
شَــــامِخٌ اَلـــرَّأْسِ أَبِــــيٌّ، * لَا بِـكِبْـــــرٍ ، بـَــلْ مُـهَـابُ
ثَــــابِـــتُ اَلْأَصْـــلِ وَفِـــيٌّ * مُـــــزْهِرُ اَلْقَــلْبِ شَـبَــابُ
لَا جِــــرَاحٌ أَوْ رِمَـــــــــاحٌ * طَاعِـنـَـــــاتٌ أَوْ صِعَــــابُ
مَــــا نَــــفَتْ عَنْهُ اَلْعَــطَاءَ * وَ لَئِـــــنْ سَــادَ اَلْـيَــبَــابُ
فَــــهْـــوَ لِلْأَحْبَابَ رِفْـــــدٌ * لَـيْـسَ يُــبْــقِـيـهِ اِحْتِـسَابُ
إِنَّـــمَا اَلْــــحُبُّ سَجَايـَــــا * لَا عَــــطَايَا وَ اِكْتِسَـــابُ!