الاِسم والمسمّى

الاِسمُ والمُسمَّى

تاريخُ ميلاده غيرُ ذلك الّذي في دفاتره المدرسيّة والجامعيّة ولا حتّى في أوراقه العسكريّة والإداريّة وليس ذاك المُسَجّل في البطاقة الشّخصيّة وفي جواز سَفره.

تقول أمُّه إنّها وضعته عند الحصاد ولم يكن والدُه حاضرًا وقتَها فقد كان يعمل في تونس العاصمة… ذلك عهدٌ لم تكن الإدارة موجودةً ولا قريبة من – بئر الكرمة – القريبِ من بلد ـ غُمْراسِنْ ـ حيث رُبوعُ أهله الممتدّةُ على مدى البصر في الجنوب التّونسيّ.

كان الثّالث في المواليد.

أختُه ـ آسيا ـ هي الأولى وقد تُوفّيت بعد شُهور.

أخوه ـ الحبيب ـ مات وقد قارب عامه الأوّل.

وشاء اللّهُ للمولود الثّالث أن يعيش مِنْ بعدهما شهورًا حتى بلغ عامه الثّاني وبعد أن تأكّدت العائلةُ أنّ الموت لن يخطفه ـ مثل أخته وأخيه ـ قرّرتْ بالإجماع تسميته باِسم جدّه فقصد أبوه يومَ السّوق الأسبوعيّة شيخَ البلد وسجّله في دفتره بتاريخ ذلك اليومِ ـ وهو اليومُ السّابع من الشّهر الثّامن من سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة وألف ـ لذلك يرى لزوم ما لا يلزم أن يحتفل بعيد ميلاده الذي لم ينتبه له أحدٌ قبل بلوغه العشرين وشكرا على كلّ حال لمن يُهنئنه ويذكّره بالمناسبة.

أمّا اِقتراحُ اِسمِه فقد اِتّخذه مجلسُ العائلة برئاسة الجدّات اللّواتي اِتّفقن بالإجماع أن يكون اِسمُ الحفيد الأوّل على اِسم جدّه وذلك على سُنّة قومه وتقاليدهم منذ سابق الدّهور جيلا بعد جيل.

وحكاية اِسمه…ما حكاية اِسمه؟

تَسَمّى على اِسم جدّه الّذي تَسمّى على الفارس والشّاعر اللّيبي ـ سُوف المحمودي ـ الّذي ذاع صيته وقتذاك أي في النّصف الثّاني من القرن التّاسع عشر وكلمة ـ سُوف ـ في اللّغة العربيّة تعني الرّمل الرّقيق الليّن أمّا في اللّغة الأمازيغيّة فهي تعني ـ الوادي ـ والكلمة هي اِسم مدينة – وادي سُوف – في الجزائر وتعني كذلك اسم مدينة ـ سُوف الجين ـ أي الوادي الكبير وهي تقع في جنوب ليبيا وثمّة مدينة في بلاد الأردن قرب عَمّان تُسمّى أيضا ـ سُوف ـ وهي قائمة على وادٍ كذلك وقد زرتُها برفقة الصّديق الشّاعر يوسف رزوقة سنة 1992 بمناسبة مهرجان ـ  جرش ـ فظهر من غدٍ في إحدى الصّحف  خبرٌ عن هذه الزّيارة بعنوان “سُوف في سُوف”.

ومن طرائف المواقف التي وجدتُني فيها بسبب نُدرة اِسمي أنّه بينما كنت ضمن مجموعة من الشّعراء والشّاعرات العرب في أمسيّة شعريّة أقامها أحد الأنديّة الثّقافيّة على هامش مهرجان المربد بالعراق سنة 1986 إذ بمديرة الأمسيّة تقف على المنبر وترحّب بنا ثم تَفتتِح القراءات الشعريّة داعيّة في البداية – شاعرة تونسيّة – تكريمًا للمغرب العربي ّولتونس الخضراء قائلةً مرحبًا بالشّاعرة التّونسيّة الجميلة والأنيقة القادمة من بلاد الياسمين والزّيتون بلاد أبي القاسم الشّابي فتعجّبتُ واِستغربتُ حينها لأنّ المجموعة الّتي جئت معها إلى الأمسيّة لا شاعر ولا شاعرة فيها من تونس إلاّ أنا ثمّ أردفتْ قائلةً لتتفضّل ـ الشّاعرة سَوْفَ عُبيد ـ فاِنطلقتِ الأكُفّ بالتّصفيق الحارّ خاصةً من اِلّشباب فتسمّرتُ في مكاني لحظةً ثمّ عزمت ووقفتُ وقصدتُ خطوةً خطوةً المنبر ووقفتُ وقد ظنّ الحاضرون أنّني الشّخصُ المكلّفُ بتثبيت المِصدح والعناية به وعندما مكثتُ بُرهةً واقفا اِستثقلني الجمهور وأشار لي البعضُ بيده أن أنصرف بينما اِشرأبّتِ الأعناق باحثةً عن الشّاعرة التّونسيّة ـ الجميلة والأنيقة ـ فما كان منّي إلا أن اِقتربتُ أكثرَ من المصدح وقلتُ أهلا بكم أنا هو ـ الشّاعرُ التّونسيُّ سُوف عبيد ـ  فاِهتزّتِ القاعة الكبيرة والمكتظّة بالضّحك والتّصفيق غير أنّ تصفيق الفتيات كان أقوى وأحرّ وأظهرن الشّماتة بالفتيان…وكانت أمسيّة..!!

 

حول سوف عبيد

* من مواليد موسم حصاد 1952 وسُجّل في دفتر شيخ المنطقة بتاريخ يوم 7 أوت 1952 ببئر الكرمة في بلد غُمراسن بالجنوب التونسي درس بالمدرسة الاِبتدائية بضاحية ـ مِقرين ـ تونس العاصمة سنة 1958 ـ بالمدرسة الابتدائية بغُمراسن سنة 1960 ـ بالمدرسة الابتدائية بنهج المغرب بتونس سنة1962 ـ بمعهد الصّادقية بتونس سنة 1964 ـ بمعهد اِبن شرف بتونس سنة 1969 * تخرّج من كلية اﻵداب بتونس بشهادة ـ أستاذية الآداب العربية ـ ثمّ في سنة 1976 بشهادة ـ الكفاءة في البحث ـ حول ـ تفسير الإمام اِبن عَرْفَة ـ سنة 1979 * باشر تدريس اللّغة العربية وآدابها بـ ـ معهد اِبن أبي الضّياف بمنّوبة ـ المعهد الثانوي ببوسالم ـ المعهد الثانوي بماطر ـ معهد فرحات حشاد برادس * بدأ النّشر منذ 1970 في الجرائد والمجلات : الصّباح ـ الملحق الثقافي لجريدة العمل ـ الصّدى ـ الفكر ـ ألِف ـ الحياة الثقافية ـ الموقف ـ الشّعب ـ الرأي ـ الأيام ـ الشّرق الأوسط ـ القدس,,,وبمواقع ـ دروب ـ إنانا ـ المثقّف ـ أنفاس ـ أوتار ـ ألف ـ قاب قوسين ـ … * شارك في النّوادي والنّدوات الثقافية بتونس وخارجها : ليبيا ـ الجزائر ـ المغرب ـ مصر ـ العربية السعودية ـ الأردن ـ سوريا ـ العراق ـ إسبانيا ـ فرنسا ـ إيطاليا ـ ألمانيا ـ بلجيكا ـ هولاندا ـ اليونان ـ * من مؤسسي نادي الشّعر بدار الثقافة ـ اِبن خلدون ـ بتونس سنة 1974 واِنضمّ إلى اِتّحاد الكتاب التونسيين سنة 1980 واُنْتُخِبَ في هيئته المديرة في دورة سنة 1990 أمينا عاما ثم في دورة سنة 2000 نائب رئيس فساهم في تنظيم مؤتمر اِتحاد الأدباء العرب ومهرجان الشعر العربي بتونس سنة 1991 وفي إصدار مجلة ـ المسار ـ وفي تأسيس فروعه وفي تنظيم الندوات والمهرجانات الأدبية وشارك في الهيئة الاِستشارية لمجلة الحياة الثقافية وأسّس منتدى أدب التلاميذ سنة 1990 الذي تواصل سنويا في كامل أنحاء البلاد إلى سنة 2010 ونظّم الملتقى الأوّل والثاني لأدباء الأنترنت بتونس سنتي 2009 و 2010 وأسس نادي الشعر ـ أبو القاسم الشابي ـ سنة 2012 وترأس جمعية ـ اِبن عرفة الثقافية ـ سنة 2013 و2014 وأسس جمعية مهرجان الياسمين برادس 2018 * صدر له 1 ـ الأرض عطشى ـ 1980 2 ـ نوّارة الملح ـ 1984 3 ـ اِمرأة الفُسيفساء ـ 1985 4 ـ صديد الرّوح ـ 1989 5 ـ جناح خارج السرب ـ 1991 6 ـ نبعٌُ واحد لضفاف شتّى ـ 1999 7 ـ عُمرٌ واحد لا يكفي ـ 2004 8 ـ حارقُ البحر ـ نشر إلكتروني عن دار إنانا ـ 2008 ثم صدر عن دار اليمامة بتونس ـ 2013 9 ـ AL JAZIA ـ الجازية ـ بترجمة حمادي بالحاج ـ 2008 10 ـ ألوان على كلمات ـ بلوحات عثمان بَبّة وترجمته ـ طبعة خاصة ـ 2008 11 ـ حركات الشّعر الجديد بتونس ـ 2008 12ـ صفحات من كتاب الوجود ـ القصائد النثرية للشّابي ـ2009 13 ـ oxyde L’âme قصائد مختارة ترجمها عبد المجيد يوسف ـ2015 14ـ ديوان سُوف عبيد ـ عن دار الاِتحاد للنشر والتوزيع تونس2017