قراءة في الفن التشكيلي التونسي

سمير البياتي يكتب عن التشكيليين التّونسيين.

بقلم ـ سُوف عبيد.

كلّما نزل الفنان ـ  سمير مجيد البياتي ـ ببلد إلا وكان من المساهمين في حراكه الإبداعيكان ذلك عندما اِستوطن اليمن سنوات حيث أمسى بعد فترة قصيرة من أهم الفاعلين والمبادرين الثقافيين في ذلك البلد وهو عندما حطّ رحاله بتونس سُرعان ما اِنخرط ـ ومنذ أن وطأت قدماه أرض الخضراء ـ في النشاط الثقافي حيث نراه لا يكاد ينتظم معرض أو ندوة أو أمسية أدبية إلا ويكون مشاركا فيها أو مواكبا لها وها هو يصدر كتابا جديدا بعنوان ـ قراءة بصرية في الفنّ التشكيلي التّونسي ـ في طبعة أنيقة جميلة وواضحة الصّور ممّا يجعل هذا الكتاب ـ إضافة إلى قيمته المعرفية ـ ألبُوما ثريّا ومتنوّعا للحركة التشكيلية الحديثة في تونس.

كتاب البياتي

في مقدمة الكتاب إشارات مُهمة عن ظروف تأليفه ومنهجه والغاية منه حيث يقول ـ أجمل للفنان عندما تتحول بوصلة حياته في حلّه وترحاله من مكان إلى آخر أو من دولة إلى أخرى للزيارة أو الاستقرار أن يسأل نفسه عدة أسئلة:كيف له أن ان يكتشف المحيط الجديد ؟ وكيف يتعامل معه ؟ وكيف يمكن ان يكونجزءا من مشهده الثقافي والفني؟

فسمير مجيد البياتي وهو يكتب فصول هذا التأليف إنما يبحث عن تحقيق ذاته من خلال التوثيق لمسيرته الجديدة في تونس التي وجد فيها الفنانة التشكيلية سلافة مبروك خير مرافق حيث أنارت له معرفة الأماكن وسبل الوصول إليها وتولت توثيق لقاءاته ومعارضه وتنقالاته فتسنى بذلك التجول بين أغلب المهرجانات والتظاهرات التي أقامتها الرابطة التونسية للفنون التشكيلية واتحاد الفنانين التشكيليين.

الكتاب إذن كما ورد في المقدمة عرض لبعض التجارب الفنية والتعريف بأصحابها من خلال فصول تحليلية مع صور واضحة لعديد اللوحات بالإضافة إلى تخصيص مقالات للمعارض الجماعية التي أقيمت في بعض الفضاءات أو بمناسبة بعض المهرجانات وقد ضمّ الكتاب في آخره كشّافا خاصة بأسماء الفنانين التشكيليين التونسيين الذين ورد ذكرهم في الكتاب .
عندما يقدّم سمير مجيد البياتي أحد الفنانين التشكيلين نراه مُمعنا في الإحاطة بخصائص ذلك الفنان متوقفا عند أهمّ مميزاته مثل قوله في الفنان الحبيب بيدة : الحبيب بيدة عندما يجزء أشكاله من مساحات صغيرةعلى غاية في العمق ويكبّرها بمُكبّر مكروسكوب مجهري تبرز لنا عوالم بتضاريسها البارزة والغائرة ونرى الأشكال التي يصل لها بصره إلى حدّ رؤية أحلام كأحلام الطفولة الصافية والصادقة وهو كثيرا ما يقارن أعمال الفنان التونسي بغيره من الفنانين في العالم  فيقول مثلا بالنسبة للحبيب بيدة : وهذا يذكرنا بأعمال ـ جورج راك ـ و ـ كادانسكي ـ و ـ خزان ميرو ـ الذين يستذكرون عوالم من خصوبة الذاكرة .
وعندما يقدّم الفنان علي الزنايدي يقارنه أيضا بغيره من الرسامين فيقول غنه يذكرنا بالفنان البلجيكي ت بيتر بروجيل ـ عندما يرسم المدينة والأشخاص لكنه يستدرك بأن الزنايدي يرسم بطريقة واقعية تجريدية بينما الفنان البلجيكي يرسم بطريقة أكاديمية وهي تفاصيل دقيقة ولا شك تلك التي يقف عليها صاحب الكتاب  بين الرسام التونسي والرسام البلجيكي عند رسومهما الواقعية بل ويضيف في نفس السياق مقارنة الأعمال التزويقية ليحي الواسطي من القرن الثالث عشر للميلاد ويضيف معلقا على مسيرة الزنايدي الطويلة والمتنوعة قائلا : أما تجربة ـ الكولاج ـ ما بين قُصاصات الورق والبُقع اللونية والرسم فوقها أعطى أعمالا غاية في الحرفية المتمكنة من إخراج أعمال بمستوى عال ولا ننسى لوحاته الطولية وكأنها معلقات باِستخدام الألوان والأشكال وكأنه شاعر في سوق عكاظ وقد أفرد هذا الرسام بثلاث مقالات على الأقل فتتبع مراحله وشرح البعض من تقنياته وتوقّف عند البعض من لوحاته بينما جمع في مقالات أخرى عديد الرسامين والرسامات  مستعرضا لوحاتهم عرضا عاما ولعل ذلك يعود إلى أنّ هذه المقالات والفصول هي في الأصل قد نُشرت في جريدة يومية تونسية هي جريدة ـ المغرب ـ

2
إنّ كتاب ـ قراءة بصرية في الفنّ التشكيلي التّونسي ـ للفنان الأستاذ سمير مجيد البياتي يُعتبر ـ  بانُوراما ـ للأعمال الفنيّة المعروضة في تونس على مدى السّنوات الأخيرة في فضاءات ومناسبات عديدة سواء تلك التي في العاصمة تونس وضواحيها أو في تلك الفضاءات التي داخل البلاد بحيث شمل الكتاب عددا هائلا من الرسّامين والرسّامات وقد كانت  ـ العين الكاتبة ـ على غاية من الاِطلاع والتعمّق ممّا يجعل هذا الكتاب ذا فوائد جمّة سواء بالنسبة للمختصّين أو بالنسبة لعامة القرّاء الذين يُفيدهم إلى حدّ بعيد في تعلّم أبجديات قراءة الأعمال الفنيّة والوقوف على مكامن إبداعات الفنّ التشكيلي.

1

  • تقديم الكتاب بجمعية ابن عرفة بفضاء السليمانية مساء السبت 24 ـ 9 ـ 2016
     

حول سوف عبيد

* من مواليد موسم حصاد 1952 وسُجّل في دفتر شيخ المنطقة بتاريخ يوم 7 أوت 1952 ببئر الكرمة في بلد غُمراسن بالجنوب التونسي درس بالمدرسة الاِبتدائية بضاحية ـ مِقرين ـ تونس العاصمة سنة 1958 ـ بالمدرسة الابتدائية بغُمراسن سنة 1960 ـ بالمدرسة الابتدائية بنهج المغرب بتونس سنة1962 ـ بمعهد الصّادقية بتونس سنة 1964 ـ بمعهد اِبن شرف بتونس سنة 1969 * تخرّج من كلية اﻵداب بتونس بشهادة ـ أستاذية الآداب العربية ـ ثمّ في سنة 1976 بشهادة ـ الكفاءة في البحث ـ حول ـ تفسير الإمام اِبن عَرْفَة ـ سنة 1979 * باشر تدريس اللّغة العربية وآدابها بـ ـ معهد اِبن أبي الضّياف بمنّوبة ـ المعهد الثانوي ببوسالم ـ المعهد الثانوي بماطر ـ معهد فرحات حشاد برادس * بدأ النّشر منذ 1970 في الجرائد والمجلات : الصّباح ـ الملحق الثقافي لجريدة العمل ـ الصّدى ـ الفكر ـ ألِف ـ الحياة الثقافية ـ الموقف ـ الشّعب ـ الرأي ـ الأيام ـ الشّرق الأوسط ـ القدس,,,وبمواقع ـ دروب ـ إنانا ـ المثقّف ـ أنفاس ـ أوتار ـ ألف ـ قاب قوسين ـ … * شارك في النّوادي والنّدوات الثقافية بتونس وخارجها : ليبيا ـ الجزائر ـ المغرب ـ مصر ـ العربية السعودية ـ الأردن ـ سوريا ـ العراق ـ إسبانيا ـ فرنسا ـ إيطاليا ـ ألمانيا ـ بلجيكا ـ هولاندا ـ اليونان ـ * من مؤسسي نادي الشّعر بدار الثقافة ـ اِبن خلدون ـ بتونس سنة 1974 واِنضمّ إلى اِتّحاد الكتاب التونسيين سنة 1980 واُنْتُخِبَ في هيئته المديرة في دورة سنة 1990 أمينا عاما ثم في دورة سنة 2000 نائب رئيس فساهم في تنظيم مؤتمر اِتحاد الأدباء العرب ومهرجان الشعر العربي بتونس سنة 1991 وفي إصدار مجلة ـ المسار ـ وفي تأسيس فروعه وفي تنظيم الندوات والمهرجانات الأدبية وشارك في الهيئة الاِستشارية لمجلة الحياة الثقافية وأسّس منتدى أدب التلاميذ سنة 1990 الذي تواصل سنويا في كامل أنحاء البلاد إلى سنة 2010 ونظّم الملتقى الأوّل والثاني لأدباء الأنترنت بتونس سنتي 2009 و 2010 وأسس نادي الشعر ـ أبو القاسم الشابي ـ سنة 2012 وترأس جمعية ـ اِبن عرفة الثقافية ـ سنة 2013 و2014 وأسس جمعية مهرجان الياسمين برادس 2018 * صدر له 1 ـ الأرض عطشى ـ 1980 2 ـ نوّارة الملح ـ 1984 3 ـ اِمرأة الفُسيفساء ـ 1985 4 ـ صديد الرّوح ـ 1989 5 ـ جناح خارج السرب ـ 1991 6 ـ نبعٌُ واحد لضفاف شتّى ـ 1999 7 ـ عُمرٌ واحد لا يكفي ـ 2004 8 ـ حارقُ البحر ـ نشر إلكتروني عن دار إنانا ـ 2008 ثم صدر عن دار اليمامة بتونس ـ 2013 9 ـ AL JAZIA ـ الجازية ـ بترجمة حمادي بالحاج ـ 2008 10 ـ ألوان على كلمات ـ بلوحات عثمان بَبّة وترجمته ـ طبعة خاصة ـ 2008 11 ـ حركات الشّعر الجديد بتونس ـ 2008 12ـ صفحات من كتاب الوجود ـ القصائد النثرية للشّابي ـ2009 13 ـ oxyde L’âme قصائد مختارة ترجمها عبد المجيد يوسف ـ2015 14ـ ديوان سُوف عبيد ـ عن دار الاِتحاد للنشر والتوزيع تونس2017