قصيدة “دم الربيع في غزة”
“للشاعر سُوف عبيد ”
أصدق ما كتب عن صمود غزة وحصارها
هاشم خليل عبد الغني –الأردن
الـقـصـيـدة
دمُ الرٌبيع في غزٌة
………
دم الربيع في غزة……للشاعر سوف عبيد من اروع و اصدق ما كتب عن العدوان الصهيوني المتكرر على غزةً،فقد اعتادت قوات الاحتلال الصهيوني مهاجمة غزٌة في فصل الربيع ،بالتزامن مع بداية شهر رمضان المبارك ولهذا العدوان صور متعددة ومظاهر متنوعة ،مابين الاحتلال للأراضي، وطعن في المقدسات وقصف وتدمير وحصار ….. غزٌة
تعاني الموت الجوع والحصار …ووحشية الأنسانية الجديدة ، غزٌة حكاية صمود وتحدٍ.
في فصل الربيع تظهر جماليات الطبيعة ولوحاتها الخٌلابة ،والتي يكون لها وقعا على الكثرين ،وللربيع نكهة جمالية خاصة ،كن زهور وألوان تبعث في النفس الراحة والنشاط والامل..ولكن للربيع في غزٌة لون أخر سائل احمر ينزف من الجراح وأنات شيوخها ونسائها وشبابها،سائل يجري في عروق أزقتها وسهولها وشواطئها ،في غزة لا حرمة للدم لاعصمة لأحد….في غزٌة نداء الدم!!اين يا عرب رابطة الدم ؟؟هذه القصيدة بيان سياسي …ثورة غضب وإدانة .
بأسلوبه السردي المتسلسل يفتتح
الشاعر سوف عبيد (دم الربيع في غزة)بسرد يقوم على خط دقيق وتصور واضح ،وعلى تدرج السرد الشعري ،فيسرد الحدث الاول والثاني وهكذ اولأ
ولأان للشاعر اهتمام في متابعة القضايا والأخبار العربية والعالمية ،ومتابعة كل جديد وتغيير وتطور في العالم ..لأن العالم وحدة واحدة متداخلة في بعضها ،فالعالم كما يقولون قرية صغيرة .
يقول الشاعر :أفقت صباحا كالعادة في الساعة السادسة دون ان أغسل وجهي وفتحت التلفاز ،هذا الصباح إكتسى الأفق حمرة ،وإصطبغ الشفق بلون أحمر ،في إشارة من الشاعر تؤشر ان هذا الصباح عن غيره من الصباحات
يواصل الشاعر اليوم أيضا ….طلعت الشمس وأضاءت ارض غزة دما ودموعا وتنكيلا ودمارا ,غارات متتالية متكاملة ومتزامنة..تستجلب إحدها الأخرى،لم يسبق له مثيل ،دكت غزة في جميع أرجائها صباح غازي حافل بالعذاب والصمود والفرجة من العرب
دم الربيع في غزٌة
السادسةُ صباحا
دُون ان أغسل وجهي
افتح التلفزيون
للصباح حُمرةُ الشٌفقٌ القادم من
الشرق
ايضا
تشرق الشمس دما
في غزٌة
هكذا أستقبلت غزٌة الربيع “إذن “..يستخدم الشاعر حرف( إذن )حرف جوابٍ وجزاءٍ ونصبٍ والاستقبال ،لتهيئة المتلقي لأهمية ما سيقوله الشاعر ،فيصف حال غزٌة تحت القصف ،(لغزة النار المحرقة )،فهي بين نارين كلاهما شرٌّ،نار الحقد الصهيوني ونار دسائس والتواطؤ العربي ،فقد اسهم النظام العربي في حصار غزة وسد جميع المنافذ المؤدية إليها ،فأتسع المجال المكاني للقتل ودمار
من الطبعي ان يكون لغزة الجوع والعطش،الذي انهك الأجساد وحصد الأرواح ،أليست هذه وحشية إنسانية فاقت كل تصور وخيال؟،ويطرح الشاعر معها ببساطة سؤالا ساذجا :هل من يحكم هذا العالم أناس ؟ام اننا امام وحوش حقيقية لاحمة ومفترسة
إذن
لغزة النار وحصار والدمار
لغزة الجوع العطش
يوجه الشاعر حديثه للعرب ساخرا منهم،وسخريته مرآة صادقة للحقيقة والواقع ،موجها سهام غضبه وسخريته نحو كل ماصطبغ بصبغة الذل والهوان والتراخي،عن نصرة الأخ المظلوم المحتل المحاصر في غزة
افرحوا وارتاحوا يا عرب بزيارتكم لغزة (غزة الشاهد والشهيد )وإهنؤوا بالشكليات والأستعراضات العسكرية الوهمية واهنئوا بمسايرة الحكام ..فالجيوش المنذورة لحماية والطن تخون الأمانة ،فدولكم فاشلة ،كل مافيها وهم على وهم .
و يواصل الشاعر فضح الواقع العربية المتردي،الذي لا يهتم إلا لسفاسف الأمور وصغائرها ،فيقول لتهنؤوا وتبتهجوا بٱقامة المهرجانات الجهل والخيبة التي أستوطنت العقول والقلوب ،والتنعموا بالسفر والتنقل في البلاد والمناطق السياحية ،والرقص والرقص في قاعات الفنادق الفخمة..والتواصلوا خطبكم العصماء وأشعاركم الزجلة البليغة،فالشاعر هنا يقول :نريد افعالا لا اقوالا،لا نريد توزيع جوائز ترضية للفاشيلين والسحيجة أتباع المنظمة ،ينطبق علينا القول” المشهور شامخ والفعل ركام” ، (فالافعال ابلغ من الأقوال)نريد املا مقرونٌا بالعمل
(والعمل أبلغ خطابٍ)
فإسعدو بزيارة غزة يا عرب
وإهنؤوا بمواكب والقوافل
بالمهرجانات والأسفار
بالفنادق والرقص
بالفصاحة وشعر والجوائز
في قالبٍ كومدي ساخر ..يواصل الشاعر سخريته من واقعنا العربي “المضحك والمبكي ” ساخرا من مواقف الحكام العرب السوداء من قضايا أمتنا المصيرية والمحورية حكاما بددوا ثروات الأمة المتعددة المتنوعة،ولم يوظفوها لخدمة الأنسان العربي وقضاياه ،رغم ان الوطن العربي يتمتع بكل مقومات القوة،عسكريا وسياسيا وأقتصاديا ،ففي البلاد العربية ثروات طائلة و وضع مزرٍ.
ويشير الشاعر إلى ان مصيبتنا ليست في حكامنا فحسب،بل في المنافقين من دعاة السلاطين شيوخ الضلال ،الذين يمارسون التضليل ،ضوطمس المذهبية ليطول عمر طغاة بصرف الناس عن الدين الحق الرافض للظلم وعبادة الطواغيت ..هؤلاء الشيوخ إقتصر دورهم على اثارة الأختلاف والأنقسام والعداوة والفتاوى إرضاع الكبير وزواج المسيار ،ومعاشرة الأزواج ..وجهاد النكاح متناسين قضايا أمتنا المصيرية والمفصلية ومقدساتنا المغتصبة ،متناسين حصار غزٌة وقصفها وتدميرها ،من الكيان المحتل،(لم نسمع ايا من هؤلاء ذهب إلى غزة لقتال الكفار في فلسطين المحتلة ،او اصدر فتوى بوجوب تتدفق المقاتلين والأسلحة والأموال إلى هناك!!!) متانسين فساد الحكام ونهبهم للمال العام ،و إرتمائهم في إحصان أعداء الأمة والعقيدة “الصهاينة والأمريكان ”
هنيئا لنا بالنفط والزيتون
هنئيا بالعمائم وبالمذاهب والملل
هنيئا بفتوى الرضاعة والمسيار
يواصل الشاعر فضح الواقع العربي البائس،مخاطبا العرب :أفرحو بإقتصاد السوق ..إقتصاد السلب والنهب ،إقتصاد الأحتكار حيث تتركز الثروة في أيدي عدد قليل من الأفراد ،أقتصاد المضاربات وقوة التحكم في التسعير والإنتاج …
وهنيئاً لكم ألهاءالناس بمسائل تافهة لا أهمية لها مثل سباق النوق (الهجن)،وتحويل أنتباه الراي العام بعيدا عن الحقيقة ،وألهوه بمسائل تافهة لا اهمية لها،( أبقو الجمهور مشغولا …مشغولا دون ان يكون لديه اي وقت للتفكير ، فقط عليه العودة إلى المزرعة مع غيره من الحيوانات الأخرى)وأنقسامكم وعدواتكم لبعضكم البعض،فانتم اهل الخصومة ونزاع ،بل انتم اثبتم وبالتجربة انكم اهل النفاق “تُسٍرون الكفر وتظهرون الأيمان “.
هنيئا باقتصاد السوق والسباق والنوق
هنيئا بشقاق والنفاق
وكأني بالشاعر يتساءل عما آلت اليه الثورات الربيع العربي !!ماذا بقي منها ؟..لقد تحولت من الحراك السلمي إلى العمل المسلٌح (حروب أهلية )،لقدت آلت الأمور إلى ما لا يحمد عقباه على كافة المستوايات الاقتصادية والسياسية والثقافية والحياة الأعلامية والعامة ،تحولت إلى كابوس حقيقي ،خيٌم على شعوب المنطقة كلها
وبكل لوعة وحسرة يقول الشاعر :إن مراجلنا وبطولاتنا وإستعدادنا لبذل النفس والتضحية ، لا تظهر ألا في صغائر الأمور كمباريات كرة القدم ..
هنيئا لنا بالثورات يا وطن
نفديك بالروح و الدم
من أجل كرة القدم
بعد ان استعرض الشاعر مأزق الواقع العربي الراهن ،(أزمة حاكم ومحكوم )وبيٌنَ ان ازمة العرب تكمن في فشل النظام الرسمي العربي ومرد ذلك الفساد المستشري وسوء إدارة الحكم،وغياب السيادة القانون والعادلة ….وتبعية الانظمة للغرب والأمريكان ،فلا عجب ان تتجدد الأعتداءات على غزة و بستمر حصارها ، وتظل غزة تحت النار موجة تتبعها موجة ،تعاني الوجع الشديد والألم القاتل .نار صهاينة اليهود وصاهينة العرب.
صباح أخر من الحصار
وموجة اخرى
من ألم
ختاما ..ان هذا النص الشعري الثوري ، طلقات تنورية سلطت الضوء على معناة اهلنا في غزة،تحت الحصار والقصف والدمار،غزة حكاية صمود وتحدٍ،كما فضح الواقع العربي المتردي حكاما ومحكومين لتخليهم عن نصرة اخواتهم في غزة ،وعري شيوخ التضليل والضلال ونهجهم البأس،وأشار لنهب وسرقة الثروات العربية وتوظيفيها في للهو والترف في مشاريع غي إنتاجية …رسالة الشاعر للأمة أنى لحكام الهزيمة ان يقود قافلة النصر والتحرير .
لغة القصيدة مألوفة و واضحة وقوية ،وصور النص مؤثرة ، تتسم بالمجاز وتأمل إلى جانب التركيز ، كما وفق الشاعر في (اختيار الكلمات وربط بعضها ببعض ، لان بنية اللغة تؤلف جانب مهما من جوانب القيمة الجمالية للقصيدة ).
قالت نازك الملائكة🙁اللغة كنز الشاعر وثروته ، وهي ايضا جنيته الملهمة ومصدر شاعريته و وحيه )
https://www.afaqhorra.com/%D9%
https://www.afaqhorra.com/%D9%