مع الرّؤوس

ــــــــــــ مع الرّؤوس ـــــــــــ

ـ الرّؤوس ـ هو عنوان كتاب نقدي للأديب مارون عبّود رأيته معروضا في واجهة مكتبة صغيرة قرب جامع الزيتونة بينما كنت في طريقي إلى معهد اِبن شرف لمواصلة دراستي الثانوية في شعبة الآداب بعدما درست المرحلة الأولى في المدرسة الصادقية ومن المصادفة العجيبة أنّ الدرس الأول في معهد ابن شرف كان مع أستاذ الأدب العربي الشيخ السلامي ذي الهندام التونسي الأصيل وقد خصص الدرس الأول لاِستعراض برنامج السنة الدراسية فأشار علينا حينذاك بجملة من المراجع من بينها كتاب مارون عبود _ الرّؤوس _ وقد اِعتبر فيه الشعراء العرب الذين تناولهم بالدّرس رؤوسًا أي أنهم علامات كبيرة في تاريخ الشعر العربي بما لهم من إبداع وأتباعلن أتحدث عن هذا الكتاب ولا عن تلك الرّؤوس ولكني اِستعرت العنوان لاستعراض ذكرياتي مع الرّؤساء العرب الذين التقيت بهم في مناسبات مختلفة وهم ـ الحبيب بورقيبة ـ زين العابدين بن علي ـ معمّر القذافي ـ ياسر عرفات ـ صدّام حسين

ــــــــ مع الرئيس الحبيب بورقيبة ــــــــ

أوّل مرة رأيت فيها الزعيم الحبيب بورقيبة سنة أو سنتين بعد الاستقلال بمناسبة مشاهدة موكبه مع زوجته ماتلد ـ مفيدة ـ وكانا واقفين في  سيارتهما المكشوفة يردّان على تحايا وهتافات الجماهير المحتشدة على جانبي الشارع بين باب الجزيرة وباب الجديد 

 أمّا المرّة الثانية فكانت بمناسبة جلاء المستعمر عن بنزرت وذلك عندما رافقت والدي رحمه الله إلى الاِحتفال بمغاردة الجيش الفرنسي بنزرت وكان معه وقتذاك أي في شتاء 1963 جمال عبد الناصر واحمد بن بلّة ووليّ العهد اللّيبي 

أما ثالث مرة فكانت أمام قصر الحكومة بالقصبة سنة 1965 بينما كنت ذاهبا إلى مدرسة الصّادقية حوالي السابعة والنصف إذ بي أرى أمام قصر الحكومة فصيلا من الجيش يعزف النشيد الوطني والرئيس بورقيبة واقف أمام العلم في اِستقامة وخشوع فوقفت مع الواقفين وكانوا في أغلبهم من التلاميذ وعندما اِنتهى العزف رأيناه ينحني ويقبّل العلم فطفقنا بعد ذلك نصّفق بحرارة ونهتف بأعلى أصواتنا ـ يحيا يورقيبة….يحيا بورقيبة ـ وماهي إلا بُرهة حتى اِتّجه نحونا وصافحنا واحدًا واحدًا ثمّ أمرنا في لهجة بين الحزم والحنان قائلا ـ هيّا أسرعوا إلى معهدكم واجتهدوا في دروسكم.

ـ بورقيبة ـ زعيم تونس فهو ـ المجاهد الأكبر ـ في عهد الاستعمار الفرنسي وقد أُطلق عليه هذا اللقب منذ اِعتقاله سنة 1934 في أقصى الجنوب التونسي مع عدد من رفاقه وهو الوحيد الذي رفض توقيع رسالة الاِعتذار أو طلب الإفراج من الحاكم الفرنسي لذلك استحقّ  ذلك اللقب من إحدى الصحف الصادرة وقتذاك 

 بورقيبةيمكن أن نذهب في قراءة مسيرته وشخصيته مذاهب شتّى والمؤرّخون والمختصّون هم الأقدر على دراسته وتحليله غير أنّه من المفيد لتونس أن تواصل إنجاز ما كان مفيدا وصالحا في عهده مثل ما تحقّق في مجالات الصحّة والتعليم والأسرة وغيرها وأن تقطع مع ممارسات الاِنفراد بالرأي وعدم التوازن بين مختلف جهات البلاد والتبعية للرأسمالية العالمية

 من أقوال بورقيبة التي أثبتها التاريخ ما نصح به الفلسطينيين في خطابه ـ بأريحا ـ سنة 1965 الذي دعاهم فيه أن يعوّلوا على أنفسهم وأن يعملوا باِستراتيجية ـ خذ وطالب ـ مع تاكيده على اِستمرار المقاومة

 ومن أقواله التي أثبتها الواقع أن تونس لا يجرؤ عليها أحد من خارجها وأنّ تدهورها وخرابها  لا يكون إلا من طرف أبنائها 

وسيظل الخطاب الذي ألقاه بقاعة البالماريوم بتونس العاصمة وبحضور العقيد معمّر القذافي درسا حضاريا للعرب عندما أكد أن تحدّي الحضارة الغربية المهيمنة لا يكون بالشعارات وإنما بالعلوم والاِجتهاد والعمل وأن وحدة الشّعوب العربية لا تكون بالمشاعر والخطب فقط وإنّما تتحقّق متى توثّقت بينهم الرّوابط الاِقتصادية والاجتماعية وغيرها   

ــــــــــ مع الرئيس زين العابدين بن علي ــــــــ

في سنة 1987 بلغت تونس أقصى درجات أزمتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية مما جعل الجميع ينتظر نهاية حكم الزعيم الحبيب بورقيبة كيف ستكون والخشية الكبرى كانت أن تدخل البلاد مرحلة الصراع الدّموي بين مختلف الأطراف حتى جاء بيان السّابع من نوفمبر واضعا حدّا للحقبة البورقيبية التي طالت أكثر ممّا يجب ومبشّرا بعهد جديد زاخر بالوعود والأماني الجميلة تلك التي كانت تصبُو إليها أجيال تونسية متوالية بعد سنوات عديدة من الكبت والانفراد بالحكم ضمن دائرة ضيّقة وقد اِستبشر التونسيون ـ أو الأغلبية الساحقة منهم ـ بما ورد في ذلك البيان وابتهجوا أكثر بإزاحة بورقيبة التي كانت دون لجوء إلى العنف وبلا قطرة دم واحدة وقد اِنضم إلى المراكز المختلفة في السلطة الجديدة عدد وافر من اليساريين والقوميين والنقابيين وغيرهم ممّا أعطى بن علي شرعية كبرى في السنوات الأولى من حكمهكانت السّنوات الأولي لحكم الرئيس بن علي بصفة عامة مرضية فقد رأى التونسيون المستقبل بعيون ملئها الأمل وانطلقت الحركة الثقافية عارمة في جميع جهات البلاد بعدما كانت مكبّلة رتيبة ناهيك أن عديد المسرحيات والأفلام والكتب خاصة ومنها ديواني ـ نوّارة الملح ـ تعرّضت للحجز وقد كان لشعار ـ لا لثقافة التهميش ولا لتهميش الثقافة ـ الصّدى الواسع لدى المثقفين والمبدعين على مدى السّنوات الأولى من تغيير السّابع من نوفمبر خاصة بعد أن اِستقبل الرئيس مئات المثقفين والمبدعين والصحفيين من جميع أنحاء البلاد في اليوم الوطني للثقافة الذي كان مناسبة لتكريم ثلة منهم في كل سنة وقد صافحنا واحدا واحدا في قصر الرئاسة قرطاج يومذاك بعد ان خطب فينا خطابا مليئا بالوعود التي من شأنها أن تشجع على العمل الثقافي في كنف الحريّة لو أنها وجدت طريقها إلى التطبيق الحسن ولكن شتّان بين الشعارات والإنجازات…!!!أما المرّة الثانية التي لقيته فيها فبمناسبة ـ مهرجان الشعر العربي ـ الذي انعقد في تونس سنة 1994 والذي كنا نأمل أن يستمرّ كل سنة ولكنه كان بيضة الدّيك وقد دُعينا حينذاك إلى حفل اِستقبال فيه ما لذّ وطاب وذلك بالقاعة الكبرى في قصر قرطاج ثمّ صافحنا الرئيس واحدًا واحدًا وكان وزير الثقافة يقدّمنا إليه ببعض الكلمات لا غير

عندما شارف القرن العشرون على نهايته بدأ الاِنحدار واضحًا في منظومة الحكم زمن بن علي الذي ترك الحبل على الغارب لأفراد عائلته وأصهاره ينتهزون فرص الثراء الفاحش مستعملين جميع أدوات الدولة ومتحالفين مع الاِنتهازيين من جميع فئات المجتمع فسادت قيم الوصولية والمنفعية والمحسوبية والسّوق السوداء وازدادت البطالة تفشيا خاصة لدى الشباب الذي وجد في المغامرة عبر الزوارق الصغيرة تحت جنح الظلام أملا في الوصول إلى سواحل إيطاليا ومنذ سنة 2009 وعلى إثر الإعلان عن فوزه في الانتخابات بدأت باكرا حملات الدعوات تناشد بن علي للترشّح إلى الانتخابات الرئاسية القادمة في سنة 2014 فصار حال البلاد يشبه حالها في آخر عهد بورقيبة فقد تجمّعت أغلب المصالح بين أيدي عدد محدود من العائلات و ذوي النفوذ واِقتسموا خيرات البلاد وتركوا الخصاصة والبطالة للآخرين ممّا جعل الانفجار العارم أمرا لابدّ منه في أواخر سنة 2010 ويكون  يوم 14 جانفي 2011 حدا فاصلا في تاريخ تونس 

ــــــــــ مع الرئيس منصف المرزوقي ــــــــــ

عندما بدأ محمد منصف المرزوقي الكتابة على صفحات جريدة ـ الرأي ـ التون اِستبشرتُ مثل كثير من الأدباء التونسيين بمقالاته التي تنتصر إلى الهويّة التونسية الأصيلة مع الدّعوة إلى القيم الإنسانية الخالدة خاصة أنها بقلم ذي لغة عربية فصيحة ومن معين علمي يرشح بثقافة عالمية واسعة فاِعتبرناه مكسبا ثم توالت إصداراته تباعا وقد صدّر إحدى مقالاته في بعض كتبه وقتذاك بمقطع من قصيد لي عن التعذيب وأذكر أني أهديته قصيدا من مجموعتي الشعرية ـ صديد الروح ـ عربون صداقة وتقديرخاصة وأن المرزوقي أضحى عضوا معنا في اِتحاد الكُتّاب التونسيين الذي أمضى على ـ الميثاق الوطني ـ مثل أغلب الأحزاب والمنظمات والشخصيات السياسية وقتذاك وعندما كان رئيسا للرابطة التونسية لحقوق الإنسان اِستقبلني بصفتي كاتبا عاما للاِتحاد سنة 1990واِتفقنا على تنظيم ندوة في دار الثقافة اِبن رشيق حول مسائل تهمّ حريّة الكاتب والنّشر وقد ساهم في تلك الندوة عديد الأدباء والمثقفين والصحفيين تلك بعض التفاصيل البسيطة والمهمة في تاريخ تونس الذي كنّا شاهدين عليه ومساهمين فيه عسى أن يسترجع الذاكرة بعض الذين يريدون محو التاريخ والتنصّل من مواقفهم…وعندما حدث السابع من نوفمبر 1987 اِعتبرناه نقطة تحوّل تاريخية فارقة بعد كوابيس السّنوات الصّعبة التي حطّت بكلكلها على تونس وقد اِنخرط بعد ذلك في الكتابة عن أماني تونس الجميلة وأحلامها وفي كثير من المنابر عديد الأقلام الطامحة إلى الأفضل منهم قلم الدكتور محمد المنصف المرزوقي الذي أوغل في المديح السياسي المباشر للرئيس بن علي فلماذا لم يذكر نفسه في ـ الكتاب الأسود ـ الذي نشره مع جملة الصّحفيين والمثقفين والفنانين وغيرهم من الذين أيّدوا توجّهات بن علي وبرامجه الإصلاحية في فترة من الفترات؟ أين الحقيقة الكاملة وأين النزاهة وأين الشفافية ؟هل يتذكّر سي منصف المرزوقي مقالاته في بن علي منها مقالة ـ حتى تنجح التلميذة تونس بجدارة ـ ومقالة ـ صوّتوا لتونس ـ طبعا يقصد صوّتوا لزين العابدين بن علي ومقالته الصادرة ضمن كتاب ـ الميثاق الوطني لمحمد الحبيب حريز وكيف ينسى اِستقبالاته لهوعلى موائد الغداء أو العشاء مع باقة من وجوه المعارضة يمينا ويسارًاأمّا وقد ورد اِسمي في الكتاب فالجدير بي أن أوضّح أنني كنتُ حقا من الذين اِستبشروا بحدوث التغيير فساهمتُ من خلال اِتحاد الكتّاب وغيره من الفضاءات الثقافية في كثير من الأنشطة الأدبية المَحضة التي ساهمت في إبراز الأدب التونسي على الساحة الوطنية والتعريف به مشرقا ومغربا وفي العالم وأغلب تلك الأنشطة كانت تدعمها وزارة الثقافة مباشرة أو من خلال هياكلها وقد رشحتني وزارة الثقافة مرتين لنيل الوسام الثقافي الذي ناله أغلب المثقفين والمبدعين التونسيين وكثير من الأدباء والشعراء العرب أيضا وقد تحصّلت ـ مع غيري من المبدعين ـ وبفضل قانون ـ رخصة مبدع التي طالبنا بها سنوات عديدة ـ على تفرّغ لمدة ستة أشهر لإنجاز مشروع أدبي يتمثّل في جمع أشعاري وفتح موقع ألكتروني خاص وبخلاف هذا وذاك أصرّح أنني لم أتحصل من رئاسة الجمهورية ولا من سواها على أيّ منصب أو ترقية أو اِمتياز أو هبة أو منحة فليت السيّد محمد المنصف المرزوقي ـ وقد بحث في أرشيف القصر ـ أن يعمل على أن أسترجع الثمانية عشر يوما تلك التي خُصِمت لي من أجرتي ومن ترقيتي ومن جراية تقاعدي إلى اليوم…لعل ذلك كان بسبب أنني لم أكن ضمن حملات المناشدين سنة 2009 وسنة 2010 لترشيح بن علي للاِنتخابات سنة 2014….ختاما لا يسعني إلا أن أقول ـ إنّ المنصف المرزوقي قد خسرته الثقافة ولم تربحه السياسة ولم يقدم شيئا يذكر عندما وضعوه ديكورا على كرسي الرئاسة…ليته ظل كاتبا مدافعا عن القيم الجميلة فيا بؤس المثقّف عندما يتخلى عن نبل رسالته


ـــــــــــ مع معمّر القذافي ـــــــــــــ

كانت سنوات آخر الستينيات من القرن العشرين بالنسبة لشباب المعاهد والكليات سنوات الوعي بالقضايا العالمية وفي مقدمتها قضية  فلسطين وقضية فتنام وقد فتح ذلك الجيل وعيه على صدمة هزيمة الجيوش العربية في حرب جوان 1967 بالإضافة إلى تأثيرات حركات التحرّر في العالم مثل حركة الزنوج في الولايات المتحدة الأمريكية واِعتيال ـ لوثر كينغ ـ و ـ غيفارا ـ وكفاح إفريقيا الجنوبية بقيادة زعيمها مانديلا وصمود كوبا بقيادة كاسترُو ضدّ الغزو الأجنبي

وكانت أصداء الثورة الثقافية في الصين وحركة  ماي1968 في باريس وغيرها من الحركات العمالية والاِجتماعية تصل أصداؤها إلى شباب تلك السنوات فحرّكت فيه التوق إلى الحريّة والرفض الشديد لكل ماهو سائد من المنظومات السياسية والاِجتماعية والاِقتصادية والثقافية بمختلف أنماطها

في هذا المناخ العربي والعالمي زار العقيد معمر القذافي تونس لأول مرة بعد فترة قليلة من اِنقلابه العسكري في الفاتح من سبتمبر1969 وقد خرجتُ حينذاك مع صديقي صفوان بن مراد للوقوف مع المحتشدين فرأينا موكبه برفقة الرئيس بورقيبة في باب الجزيرة وقد وقفا في السيارة المكشوفة يرُدّان على هتافات الجماهير لرؤية خاصة ذلك الضابط الشاب بزيّه العسكري الذي ما اِنفكّ يردّد شعارات الوحدة العربية ومحاربة الاِستعمار والامبريالية وأذكر أنّي رفعت مع صديقي مطريّتي السوداء عندما لم نجد لافتة فكتبنا عليها بالطباشير الأبيض ـ تحيا الثورة العربية ـ وعندما رآها العقيد أشار إلينا بعلامة النّصر فاِبتهجنا اِبتهاجا كبيرا ممّا جعلنا نشُق أسواق المدينة العتيقة لنلتقي به من الجهة الأخرى مرّة ثانية في باب سويقة 

كنا نتابع خطابات القذافي الحماسية ومشاريعه الوحدوية مع الأقطار العربية  ولكن كان مآلها الفشل

في سنة 1974 ـ في ما أظن ـ فتحت الجماهيرية الليبية مركزا ثقافيا بتونس العاصمة وفي ساحة الجمهورية أي في مركز المدينة  وفي مكان محطة الميترو الٱن ـ أي سنة 2020 ـ وقد اِشتمل المركز على مكتبة كبيرة وبطبيعة الحال يوجد فيها ـ الكتاب الأخضر ـ بأعداد وافرة وفي طبعات مختلفة وقد استضاف المركز عديد الأدباء الليبين والعرب من بينهم الشاعر عبد الوهاب البياتي الذي تعرفت إليه مباشرة في تلك الأمسية ثم لقيته في بغداد وعندما زار تونس في أول تسعينيات القرن الماضي نظمتُ له أمسية شعرية في دار الشباب برادس كانت حدثا ثقافيا ممتعا

ذات زيارة من زيارات العقيد لتونس دعتني وزارة الثقافة مع جملة من المثقفين إلى لقاء خاص للحوار معه في بيت الحكمة بقرطاج ويبدو أن العقيد هو الذي طلبه ليقنعنا بأفكاره أو أن بعضهم _ كما علمتُ بعد ذلك _ أراد له مناظرة ساخنة مع النخبة التونسية عسى أن تحدّ له من طموحاته وتراجعه في بعض أفكاره

كان موعد بداية الحوار الساعة الثالثة بعد الزوال لكننا بقينا ننتظر أكثر من ساعتين حتى هممنا بالمغادرة لكن شخصيات رسمية سامية ألحت علينا بالمكوث والانتظار حفاظا على حسن العلاقات بين تونس ليبيا فقد أطرد الأخ العقيد اكثر من خمسين الف عامل تونسي الذين وجدوا أنفسهم في الخلاء على الحدود بين عشية وضحاها وذلك في النصف الأول من الثمانينيات من القرن الماضي لأسباب سياسية ولا شك فما كان منا إلا الصبر بما أن المسألة صارت واجبا وطنيا  

أذكر أن العقيد لمّا دخل علينا لم يلق منا الترحاب الحار الذي تعوّد اِستقباله به في مختلف لقاءاته الأخرى لذلك بدأ كلامه بشيء من عدم الإرتياح وهو ينظر نحو سقف القاعة وأبوابها وجدرانها والقاعة كانت قاعة عرش ٱخر ملوك تونس ثمّ انتقل في حديثه من التاريخ إلى السياسة إلى الفقه وكدنا ندخل في هستيريا من الضحك عندما قال في سياق حديثه ما معناه أن الله لو أراد تغطية جسم المرأة لجعل لها ريشا مثل الدّجاجة او النّعامة

وبعد كلمته الطويلة طلب من الحاضرين أخذ الكلمة للحوار معه فأحجم أغلبهم عن الحديث بسبب الملل من الانتظار والسّماع خاصة وأن اليوم كان من أيام الصيف الحارة ثمّ انبرى الأديب مصطفى الفارسي له فتكلم مؤكدا على مسألة الحريّة التي هي مفقودة في البلدان العربية وبيّن أيضا أن العرب ما زالوا يعيشون في ماضيهم الذي يعتبرونه مرجعا ومثالا بينما العالم تطوّر في جميع المجالات ولم يتحمّل العقيد رأي مصطفى الفارسي الجريء فاِسترجع منه الكلمة كي لا اقول إنه قاطعه متشنّجا وقال إن الأدباء يحلمون ويعيشون في أبراجهم العاجية لكن رجال الدولة وزعماء الثورات ينجزون ويحققون آمال الشعوب والأمم 

وماهي إلا برهة حتى اِغتنما فرصة اِنتهاء جملته الأخيرة واِعتبرناها خاتمة حسنة لكلمته فوقفنا مصفّقين ثمّ خرجنا مسرعين وأظن أن القذافي كان ينوي الاِسترسال في خطابه

كان يمكن للشّقيقة ليبيا أن تكون أحسن حالاولكن الاِنفراد بالرّأي هو الذي جعلها مثل بقية الشعوب العربية تعيش على هامش اللحظة التاريخية التي يضبط عليها العالم الزمن

ـــــــــ مع الزّعيم ياسر عرفات ــــــــــــ

منذ الصّبا كنت أستمع إلى أحاديث الرٌجال الكبار في تخوم الجنوب التونسي وهم يتذاكرون خبر عدد كبير من المتطوّعين التونسيين الذين قصدوا المشرق العربي للمشاركة في حرب فلسطين 1948ولكنهم ظلوا مرابطين على الحدود لأن السلطات هنا وهناك في ذلك الزمن لم تسمح لهم بالمرور إلى المواجهات والجبهات! بعضهم بقي هناك في مصر أو في ليبيا….بعضهم عاد يجرٌ الأحزان والمرارة وبعضهم اِنضمٌ إلى حركات المقاومة المسلحة التي اِنطلقت من جديد في أوائل الخمسينيات في تونس والجزائر ومن ـ بُور سعيد ـ إلى الأطلس

رحم الله ياسر عرفاتعند أوئل الستينيات وفي شتاء 1963 وبعد تحرير مدينة بنزرت إلتقى عدد من الزّعماء العرب في الذكرى الأولى فكانت مناسبة تاريخية رائعة جمعت الحبيب بورقيبة وجمال عبد الناصر وأحمد بلة وولي العهد السنوسي وقتذاك وقد رافقت والدي رحمه الله_إلى بنزرت في ذلك اليوم فرأيت موكبهم المهيب يمر بين هتافات الجماهير المتحمسة للوحدة والأخوة ولتحرير فلسطين أيضا ولكن تمر السنوات بالشقاقات والخلافات والنكبات 

رحم الله ياسر عرفاتبعد حرب1967 بدأنا نسمع بالمقاومة الفلسطينية وبعمليات الفدائيين وخاصة بشعراء الأرض المحتلة وبقضية اللاجئين وصارت الكوفية الفلسطينية ترمز إلى النضال وتحدي الاِستعمار تماما مثل جاكيت الكاكي التي كان يرتديها كاسترو وغيفارا وياسر عرفات الذي بدأنا نعرفه بالصورة أكثر عندما فتح مكتب منظمة التحرير قرب ساحة روما بتونس

رحم الله ياسر عرفاتكيف اِستطاع أن يخترق ألسنة اللّهب وأن يقفز على حقول الألغام وأن يطوّع قضبان الفولاذ ويُليّن حيطان الإسمنت المسلح ويجعل فلسطين علما يرفرف بين أعلام الأمم والشعوب !؟من معركة ـ الكرامة ـ إلى ـ تل الزعتر ـ ومن ـ دير ياسين ـ إلى ـ صبرا وشاتيلا ـ ومن ـ أيلول الأسود ـ  في الأردن إلى إجتياح لبنان ومن حصار بيروت إلى ـ حمّام الشط ـ ومن بحر إلى صحراء ….إلى….ومن مطار إلى ميناء سفر على سفر.. وخطر على خطر كذلك عاش بين الأِحتراق والغرق

المرٌة الأولى التي التقيته كانت في دار الثقافة إبن خلدون بعد نزول كثير من الإخوة الفلسطينين في تونس إثر جلائهم من بيروت1982 وكان ذلك بمناسبة إحدى التظاهرات الوطنية الفلسطينية التي كنا كثيرا ما نشارك فيها بإلقاء القصائد فلم نلبث وقتا قصيرا حتى حضر بيننا الزعيم ياسر عرفات مع مرافقيه وجلس ينصت إلينا في آخر القاعة من الطابق الأرضي ثم ألقى كلمة حماسية على عجل وغادر بعد ذلك المكان فكانت من أجمل ذكرياتي في دار الثقافة ابن خلدون

بمناسبة ذكرى رحيل الشاعر مُعين بسيسو في أوائل سنة1991 دُعيت إلى إحياء ذكراه في منزله الكائن وقتذاك بشارع إفريقيا في المنزه الرابع او الخامس من ضواحي تونس العاصمة القريبة فحضر عدد من الأدباء ومن أصدقاء عائلة الشاعر الكبير فلاحظت المودّة والألفة بين جميع الحاضرين وماهي إلا برهة من الزمن حتى وجدتني وجهًا لوجه ياسر عرفات يدخل من أحد الأبواب برفقة ـ أبو إياد ـ وقد أصرّ  على حضور هذه المناسبة تكريما لروح الشاعر معين بسيسو ومساندة أخوية لأرملته ووفاءً  للذكريات التي جمعت شملهم في سنوات الخمسينيات في عهد الشباب والدراسة والأسفار والنضال …..في تلك السّهرة الطويلة والممتعة عرفت أن ياسر عرفات إنسان يهوى الأدب ويحفظ الشعر ويقدّر الأدباء بالإضافة إلى عفويته وأصالة اخلاقه ولطف حديثه مع كل الحاضرين وقد نقلت إذاعة المنستير صورا صوتية من تلك المناسبة أتمنى أنها مازالت مسجلة في خزينتها

المرة الثالثة التي إلتقيت فيها بياسر عرفات كانت بمناسبة تنظيم مؤتمر الأدباء العرب قُبيل إندلاع حرب الخليج وإجتياح الكويت بثلاثة أسابيع وقتها كانت العلاقات العربية الرسمية على المحكّ وفي مفترق الطرق فإمّا الوفاق أو الأفتراق الذي لا ريب فيه وفي تلك الظروف الصعبة نظم إتحاد الكتاب التونسيين مؤتمر الأدباء والكتّاب العرب ومهرجان الشّعر وشعراء العرب الذين وعلى هامش هذه المناسبة دُعي البعض من المشاركين إلى تناول الغداء مع ياسر عرفات في مقرّ منظمة التحرير وقتذاك ـ بخليح ڨمرت ـ قرب ضاحية المرسى وإستقبلنا الزعيم الراحل في صالون فسيح الأرجاء وكنت برفقة الأستاذ محمد العروسي المطوي رئيس اِتحادنا ورئيس المؤتمر فتحدث ياسر عرفات عن تلك الأزمة الخطيرة وعبّر عن أسفه من بلوغ الخلافات العربية تلك المرحلة الجارفة بالحدّ  الأدنى من التضامن العربي وقال إن أول من سيدفع ثمن تلك الأزمة هم الفلسطينيون غير ان السّحب المتلبدّة على ذلك المؤتمر وحوله وخلال ذلك اللقاء لم تحجب عنٌا ترحيب ياسرعرفات بنا فقد كان حريصا على ملاطفتنا على المائدة بنفسه وبمعيّة الشاعر محمود درويش حيث دعاني أبو عمّار أن أجلس بينه وبين محمود درويش   وقد أخجلاني حقّا وهما يقدّمان لي أصناف الطعام بأريحية ولطف 

رحم الله ياسر عرفات ياسر عرفات لقد كان من صنف اولئك الزعماء الذين يعرفون منزلة الكلمة وقيمة الأدباء لذلك قرّب إليه العديد من المثقفين الفلسطينين والأدباء العرب باِعتبارهم ذاكرة الأمّة كي تحافظ على قيمها الأصيلة 

 أولئك هم المثقفون والمبدعون الحقيقيون 

من الماضي يستلهمون

 عن الحاضر يُعبّرون

  وبالمستقبل يحلمون

ــــــــــــ مع صدّام حسين ــــــــــ

من أين أبدأ الحديث عن العراق؟

سأبدأ الحديث من ـ الجنائن المعلّقة ـ التي كانت في مدينة بابل وذلك عندما قرأت وأنا في العاشرة من عمري عن هذه الجنائن العجيبة بمجلة ـ العربي الصغير ـ التي كانت تصدر مع مجلة ـ العربي ـ الكويتية والتي كان اِبن عمّي ـ سي الحبيب ـ حريصا على اِقتنائها وهي مجلة ثقافية متنوعة وذات إخراج جميل ومادة دسمة كنت أطالعها تقريبا من الصفحة الأولى إلى آخر صفحة فيها ولم أكن أعلم وقتها أنني سأقف ذات يوم متجوّلا بين آثار مدينة بابل مع جملة من الأدباء والشعراء التونسيين والعرب من بينهم الشاعر نور الدين صمود

بعد قراءتي عن ـ الجنائن المعلقة ـ وإعجابي الكبير بها خاصة وأن تلك المقالة كانت مرفوقة بصور خيالية لتلك الجنائن وبعد مرور سنوات قليلة دخلت المعهد الصّدقي في أوّل سنة من التعليم الثانوي ودرستُ مادة التاريخ لدى الأستاذ ـ الهدّاوي ـ الذي أطلعنا على تاريخ العراق القديم وقد كان أستاذنا رحمه الله متخرّجا من إحدى كليّات العراق ومتزوّجا بعراقية فكان الحديث عن العراق في كل درس بطريقة أو بأخرى ممّا شجّع الكثير من تلاميذ ذلك العهد ـ وأنا من بينهم ـ على مراسلة شبّان عراقيين إذ كانت المراسلة هواية شائعة لدى ذلك الجيل ومع متابعة الدراسة والمطالعة عرفت العراق أدبا وتاريخا ومنذ أوائل السّبعينيات من القرن العشرين صارت المجلات الأدبية تصل إلى تونس بصفة منتظمة تقريبا فكنت من المواظبين على قراءتها لأنها كانت منبرا للأقلام الجادّة والجديدة أيضا ونشرت في البعض منها مثل مجلة ـ الأقلام ـ والطليعة ـ

في ربيع سنة 1984 جاءتني دعوة للمشاركة في المهرجان الأوّل للشّباب ببغداد ضمن مجموعة من الشعراء والأدباء والصحفيين فكانت فرحة لا توصف لأن السّفر إلى العراق لم يكن سهلا ولا بسيطا في تلك السنوات

كان مهرجانًا حقّا

فقد حضره مئات الشعراء والأدباء والمثقّفين والصّحفيين من أغلب البلدان العربية وأوروبا وآسيا وأمريكا وكنّا محلّ حفاوة كبيرة ليس على المستوى الرّسمي فحسب وإنّما من طرف عموم الناس الذين أبدوا لنا محبّة كبرى وقد تابع الكثير منهم قصائدنا عبر التلفزيون عندما أنشدناها في القاعة الكبرى لفندق الرّشيد الذي كان مقرّ إقامتنا وقد كان برنامج المهرجان ثريّا بالزيارات إلى عدد من المدن مثل النّجف وبابل والمدائن والموصل وقد اغتمت وقت الفراغ للتجوّل في مختلف أنحاء بغداد والوقوف على كثير من معالمها

عندما زرنا العراق لم نكن نعرف عن أحواله السياسية والاِجتماعية إلا القليل فوسائل الاتصال الحديثة وقتها لم تكن معروفة لذلك كنّا كالمكتشفين لهذا البلد المشرقيّ الذي نعرف أدبه وأعلامه وتاريخه القديم أكثر ممّا نعرف عن بقية المجالات فيه وقد كانت حربه حينذاك نعتبرها قضية قوميّة لذلك رأينا أنه يجب الوقوف معه دون الاِعتبارات الأخرى غير أننا وبعد سنوات قليلة لم نساند غزوه لدولة الكويت وكنّا ضدّ العدوان عليه من طرف التحالف الدّولي بقيادة الولايات المتحدّة

ذات صباح طلب منّا المرافقون أن لا نغادر الفندق لأن الرّئيس ـ صدّام حسين ـ سيستقبلنا بعد حين فبقينا ننتظر الحافلات الخاصّة التي حملتنا إلى أحد القصور الرئاسية فمكثنا فيه قليلا ننتظر الرئيس في إحدى الصالات الكبيرة وما هي إلا بُرهة قصيرة حتّى أعادونا إلى الحافلات فأصابنا شيء من الغرابة والتساؤل وقصدنا قصرًا رئاسيا آخر سرعان ما أطلّ الرّئيس علينا من باب جانبيّ وهو بزيّه العسكريّ والمسدّس على يمينه فوقف مرحّبا بنا وقال كلمة وجيزة موضوعها أن رجال الفكر والثقافة والفنّ هم في طليعة الأمم للذّود عن قيمها وكيانها وهي كلمة منتظرة منه في مثل ذلك الظرف التاريخي ولا شكّ أن المهرجان كان يهدف إلى دعوة أصحاب القلم لمناصرة العراق ثمّ صافحنا واحدًا واحدًا معبّرا لنا عن شكره وتقديره لقبول الدعوة

المرّة الثانية التي لقيت فيها صدّام حسين كانت بمناسبة دعوتي إلى المشاركة في مهرجان المربد أظن سنة 1986 فدُعينا على الصباح الباكر إلى قصر المؤتمرات وكنت برفقة الأستاذ محمد العروسي المطوي الذي جلست إلى جانبه في الصّفوف الأولى وقد ألقى صدّام حسين حينذاك خطابه الشّهير الذي أعلن فيه عن  اِمتلاك العراق لسلاح خطير يتمثّل في قنابل قويّة الفاعليّة وأمر بإحضار واحدة أو اثنتين منها وظلّ يراوح بواحدة بين يديه قائلا مازحًا أن لا نخشى من اِنفجارها فوقف الحاضرون هاتفين بحماس عندئذ همس سي العروسي في أذني متعجّبا من صدّام حسين كيف يكشف سرّ سلاحه !

يا حسرتاه على العراق !

بلد زاخر بالخيرات والحضارات وثريّ بالتنوّع الثّقافي 

يا حسرتاه على العراق  !

ذاك العراق كان يمكن أن يكون ضمن البلدان المتقدّمة الراقية لولا الصّراعات الداخلية والحروب التي وجد نفسه في أتّونها وكذلك لولا مُعضلة الاِنفراد بالحكم التي أصابته….

إنّ قصيّة الاِنفراد بالسّلطة والتعصّب بالرّأي والاِعتماد على روابط القُربى هي أساس المصائب الكبرى لدى العرب من سالف العصور إلى اليوم !! 

 

حول سوف عبيد

* من مواليد موسم حصاد 1952 وسُجّل في دفتر شيخ المنطقة بتاريخ يوم 7 أوت 1952 ببئر الكرمة في بلد غُمراسن بالجنوب التونسي درس بالمدرسة الاِبتدائية بضاحية ـ مِقرين ـ تونس العاصمة سنة 1958 ـ بالمدرسة الابتدائية بغُمراسن سنة 1960 ـ بالمدرسة الابتدائية بنهج المغرب بتونس سنة1962 ـ بمعهد الصّادقية بتونس سنة 1964 ـ بمعهد اِبن شرف بتونس سنة 1969 * تخرّج من كلية اﻵداب بتونس بشهادة ـ أستاذية الآداب العربية ـ ثمّ في سنة 1976 بشهادة ـ الكفاءة في البحث ـ حول ـ تفسير الإمام اِبن عَرْفَة ـ سنة 1979 * باشر تدريس اللّغة العربية وآدابها بـ ـ معهد اِبن أبي الضّياف بمنّوبة ـ المعهد الثانوي ببوسالم ـ المعهد الثانوي بماطر ـ معهد فرحات حشاد برادس * بدأ النّشر منذ 1970 في الجرائد والمجلات : الصّباح ـ الملحق الثقافي لجريدة العمل ـ الصّدى ـ الفكر ـ ألِف ـ الحياة الثقافية ـ الموقف ـ الشّعب ـ الرأي ـ الأيام ـ الشّرق الأوسط ـ القدس,,,وبمواقع ـ دروب ـ إنانا ـ المثقّف ـ أنفاس ـ أوتار ـ ألف ـ قاب قوسين ـ … * شارك في النّوادي والنّدوات الثقافية بتونس وخارجها : ليبيا ـ الجزائر ـ المغرب ـ مصر ـ العربية السعودية ـ الأردن ـ سوريا ـ العراق ـ إسبانيا ـ فرنسا ـ إيطاليا ـ ألمانيا ـ بلجيكا ـ هولاندا ـ اليونان ـ * من مؤسسي نادي الشّعر بدار الثقافة ـ اِبن خلدون ـ بتونس سنة 1974 واِنضمّ إلى اِتّحاد الكتاب التونسيين سنة 1980 واُنْتُخِبَ في هيئته المديرة في دورة سنة 1990 أمينا عاما ثم في دورة سنة 2000 نائب رئيس فساهم في تنظيم مؤتمر اِتحاد الأدباء العرب ومهرجان الشعر العربي بتونس سنة 1991 وفي إصدار مجلة ـ المسار ـ وفي تأسيس فروعه وفي تنظيم الندوات والمهرجانات الأدبية وشارك في الهيئة الاِستشارية لمجلة الحياة الثقافية وأسّس منتدى أدب التلاميذ سنة 1990 الذي تواصل سنويا في كامل أنحاء البلاد إلى سنة 2010 ونظّم الملتقى الأوّل والثاني لأدباء الأنترنت بتونس سنتي 2009 و 2010 وأسس نادي الشعر ـ أبو القاسم الشابي ـ سنة 2012 وترأس جمعية ـ اِبن عرفة الثقافية ـ سنة 2013 و2014 وأسس جمعية مهرجان الياسمين برادس 2018 * صدر له 1 ـ الأرض عطشى ـ 1980 2 ـ نوّارة الملح ـ 1984 3 ـ اِمرأة الفُسيفساء ـ 1985 4 ـ صديد الرّوح ـ 1989 5 ـ جناح خارج السرب ـ 1991 6 ـ نبعٌُ واحد لضفاف شتّى ـ 1999 7 ـ عُمرٌ واحد لا يكفي ـ 2004 8 ـ حارقُ البحر ـ نشر إلكتروني عن دار إنانا ـ 2008 ثم صدر عن دار اليمامة بتونس ـ 2013 9 ـ AL JAZIA ـ الجازية ـ بترجمة حمادي بالحاج ـ 2008 10 ـ ألوان على كلمات ـ بلوحات عثمان بَبّة وترجمته ـ طبعة خاصة ـ 2008 11 ـ حركات الشّعر الجديد بتونس ـ 2008 12ـ صفحات من كتاب الوجود ـ القصائد النثرية للشّابي ـ2009 13 ـ oxyde L’âme قصائد مختارة ترجمها عبد المجيد يوسف ـ2015 14ـ ديوان سُوف عبيد ـ عن دار الاِتحاد للنشر والتوزيع تونس2017