آخرُ ما قرأت ـ أعاجيب في كتاب: قِفا نَعجبْ

http://www.almothaqaf.com/a/b8/942864

 كتب وإصدارات

أعاجيب في كتاب: قفا نَعجبْ

سوف عبيد

1301 صلاح الدين الحمادي

إن اِنطلاق الأصوات قولا وكتابة بعد سنة 2011 في تونس جعل كثيرا من الأقلام تجمع ما تناثر من نصوصها المختلفة وتدفع بها إلى دور النشر مما جعل الحركة الأدبية خاصة تشهد ازدهارا واضحا في شتى أصناف الأجناس وفي هذا السياق ظهر للشاعر والأديب صلاح الدين الحمادي كتاب جديد جعل له عنوانا طريفا هو – قفا نعجبْ – وقد جمع فيه أكثر من ثلاثين مقالة تتراوح من النقد الاجتماعي والسياسي إلى التحليل النفسي لبعض المظاهر والمواقف والأحداث والمناسبات تلك التي رصدها بعين ثاقبة ونقرأ أيضا في بعض الفصول ما يشبه اليوميات والشجون الخاصة فالكتاب إذن متنوع المواضيع شيٌق الأسلوب ولعله يواصل بهذا منهج مقولة أن الأدب هو الأخذ من كل شيء بطرف .

ثمة موضوع كثيرا ما نجد له ظلالا واضحة في هذا الكتاب ألا وهو مسألة المثقفين الذين يتناولهم صلاح الدين الحمادي بكثير من الانتقاد ففي فصل – المثقفون – ينقل لنا حوارات كانت تدور في إحدى الحافلات المكتظة إذ سرعان ما دبّ التآلف بين الركاب وبدأت الحوارات الثنائية والثلاتية تتناول القضايا والأمور التي تدور بعيدا عن العامة ولكنها تشغل بالها أكثر مما تشغل بال رؤوس الساسة والمثقفين حيث سمع أحدهم يقول أنا لا أبكي ولن أبكي على أية دولة من الدول العربية أنا أبكي فقط على فلسطين إنها الوحيدة التي تستحق ذلك فبقية الدول العربية كلها كيانات قائمة ولها جيوشها وثرواتها وما عليها إلا أن  تقوم بواجب حفط كرامة شعوبها والدفاع عن أراضيها أما فلسطين وا أسفي عليها فلا تملك سوى أصوات شرفائها وحجارة قد تكون غير موجودة فقلت في داخلي لله درك أيتها العامة التي ما انفكت الخاصة  تترفع عنها

فيرى صلاح الدين الحمادي وهو القريب من المثقفين بصفته رئيس اِتحاد الكتّاب التونسيين ناهيك عن مسيرته الأدبية والنقابية والسياسية  والتربوية والجامعية يرى أن جماعات المثقفين ليست إلا  – ثقفوت – أحاديثها صخب وتشنج وصراخ وضرب على الطاولات لا غير وفي  فصل آخر بعنوان – عن التضامن وأشياء أخرى – ينقل لنا وقائع ليلة غزيرة الأمطار أدّت إلى محاصرة العمارة بالمياه فتعاون الأجوار جميعا على دفع الخطر المحدق بهم بأن ثقبوا السور المحيط بهم بل وبادروا إلى إزالة الأوحال من محيطهم وكان ذلك في جوّ بهيج من الإخاء والتآزر والتعاون وفي سرده لهذه الحادثة يؤكد الحمادي على أهمية الحراك المجتمعي الذي كثيرا ما يتناساه السياسيون وما شاكلهم ممن يعتبرون أنفسهم نخبة عارفة عالمة وماهم إلا سدنة مصالحهم ومصالح غيرهم

 وللأطفال في هذا الكتاب نصيب من الحكمة أيضا وذلك في فصل بعنوان – درس  المحفوظات – وقد نقل لنا صلاح الدين الحمادي حوارا جرى بين تلاميذ بمناسبة درس المحفوظات وكانت للشاعر سليمان العيسى

أنا ابن النسر مدّ جناحه وحماك يا وطني

أنا ابن النسر حمّلني جناحيه وودّعني

عندئذ تساءلت إحدى التلميذات لماذا ينسب

 هذا الطفل نفسه إلى كسر من الجوارح فإن في ذلك لفظاعة وتنكر للإنسانية ألم يجد ما يتشبه به من جميل الطيور ولطيفها ووديعها سوى هذا الطير

فيدور حوار طريف عندئذ بين

التلاميذ حول رمزية النسر

وفي فصل – هل الثقافة بخير في الجمهورية الثانية؟ – يطلق الكاتب صيحة فزع ويدين بشدة القائمين على الشأن الثقافي في تونس قائلا – لم نر هؤلاء يشركون أهل الثقافة والإبداع في حواراتهم ولم نرهم يستمعون إلى مقترحات المثقفين أو يستعينون بتصوراتهم في صياغة وتنفيذ البرامج الثقافية بل العكس هو الحاصل فقد كُبّل العمل الثقافي في مستويات مختلفة بحزمة من القرارات والإجراءات البيروقراطية حتى وصل الأمر ببعض الجمعيات إلى حلّ نفسهل وببعض الناشطين إلى الانسحاب من المشهد الذي عمّ فيه الفوضى والنفاق والكذب

إن كتاب قفا نعجب للأديب والشاعر صلاح الدين الحمادي شهادة صادقة على معاناة المثقف الملتزم بقضايا الوطن في تفاصيلها الصغيرة وهمومها الكبيرة وهو يصارع التحديات من أجل التقدم نحو الأحسن  والأجمل في جميع المجالات

ففي البدء كانت الكلمة

سُوف عبيد

حول سوف عبيد

* من مواليد موسم حصاد 1952 وسُجّل في دفتر شيخ المنطقة بتاريخ يوم 7 أوت 1952 ببئر الكرمة في بلد غُمراسن بالجنوب التونسي درس بالمدرسة الاِبتدائية بضاحية ـ مِقرين ـ تونس العاصمة سنة 1958 ـ بالمدرسة الابتدائية بغُمراسن سنة 1960 ـ بالمدرسة الابتدائية بنهج المغرب بتونس سنة1962 ـ بمعهد الصّادقية بتونس سنة 1964 ـ بمعهد اِبن شرف بتونس سنة 1969 * تخرّج من كلية اﻵداب بتونس بشهادة ـ أستاذية الآداب العربية ـ ثمّ في سنة 1976 بشهادة ـ الكفاءة في البحث ـ حول ـ تفسير الإمام اِبن عَرْفَة ـ سنة 1979 * باشر تدريس اللّغة العربية وآدابها بـ ـ معهد اِبن أبي الضّياف بمنّوبة ـ المعهد الثانوي ببوسالم ـ المعهد الثانوي بماطر ـ معهد فرحات حشاد برادس * بدأ النّشر منذ 1970 في الجرائد والمجلات : الصّباح ـ الملحق الثقافي لجريدة العمل ـ الصّدى ـ الفكر ـ ألِف ـ الحياة الثقافية ـ الموقف ـ الشّعب ـ الرأي ـ الأيام ـ الشّرق الأوسط ـ القدس,,,وبمواقع ـ دروب ـ إنانا ـ المثقّف ـ أنفاس ـ أوتار ـ ألف ـ قاب قوسين ـ … * شارك في النّوادي والنّدوات الثقافية بتونس وخارجها : ليبيا ـ الجزائر ـ المغرب ـ مصر ـ العربية السعودية ـ الأردن ـ سوريا ـ العراق ـ إسبانيا ـ فرنسا ـ إيطاليا ـ ألمانيا ـ بلجيكا ـ هولاندا ـ اليونان ـ * من مؤسسي نادي الشّعر بدار الثقافة ـ اِبن خلدون ـ بتونس سنة 1974 واِنضمّ إلى اِتّحاد الكتاب التونسيين سنة 1980 واُنْتُخِبَ في هيئته المديرة في دورة سنة 1990 أمينا عاما ثم في دورة سنة 2000 نائب رئيس فساهم في تنظيم مؤتمر اِتحاد الأدباء العرب ومهرجان الشعر العربي بتونس سنة 1991 وفي إصدار مجلة ـ المسار ـ وفي تأسيس فروعه وفي تنظيم الندوات والمهرجانات الأدبية وشارك في الهيئة الاِستشارية لمجلة الحياة الثقافية وأسّس منتدى أدب التلاميذ سنة 1990 الذي تواصل سنويا في كامل أنحاء البلاد إلى سنة 2010 ونظّم الملتقى الأوّل والثاني لأدباء الأنترنت بتونس سنتي 2009 و 2010 وأسس نادي الشعر ـ أبو القاسم الشابي ـ سنة 2012 وترأس جمعية ـ اِبن عرفة الثقافية ـ سنة 2013 و2014 وأسس جمعية مهرجان الياسمين برادس 2018 * صدر له 1 ـ الأرض عطشى ـ 1980 2 ـ نوّارة الملح ـ 1984 3 ـ اِمرأة الفُسيفساء ـ 1985 4 ـ صديد الرّوح ـ 1989 5 ـ جناح خارج السرب ـ 1991 6 ـ نبعٌُ واحد لضفاف شتّى ـ 1999 7 ـ عُمرٌ واحد لا يكفي ـ 2004 8 ـ حارقُ البحر ـ نشر إلكتروني عن دار إنانا ـ 2008 ثم صدر عن دار اليمامة بتونس ـ 2013 9 ـ AL JAZIA ـ الجازية ـ بترجمة حمادي بالحاج ـ 2008 10 ـ ألوان على كلمات ـ بلوحات عثمان بَبّة وترجمته ـ طبعة خاصة ـ 2008 11 ـ حركات الشّعر الجديد بتونس ـ 2008 12ـ صفحات من كتاب الوجود ـ القصائد النثرية للشّابي ـ2009 13 ـ oxyde L’âme قصائد مختارة ترجمها عبد المجيد يوسف ـ2015 14ـ ديوان سُوف عبيد ـ عن دار الاِتحاد للنشر والتوزيع تونس2017