أرى ما لا يُرى ـ 16 ـ 5 ـ 2023
******* أرى مـا لا يُرى *******
ــــــــ لوحةُ الكتف ـــــــ
أمّي التي لم تقرأ
ولم تَكتُبْ أبدًا
أفصحُ منّي
تُسَمّي يومَ الأربعاء
– إرْبِحَاء –
أرى ما لا يُرى ـ 16 ـ 5 ـ 2023
ــــــــ لوحةُ الكتف ـــــــ
أمّي التي لم تقرأ
ولم تَكتُبْ أبدًا
أفصحُ منّي
تُسَمّي يومَ الأربعاء
– إرْبِحَاء –
https://www.almothaqaf.com/e2/968378-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A-%D9%84%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1-%D8%A8%D8%A7%D9%82%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%A7%D8%A6%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9
باقة من القصائد التونسية الجديدة
سُوف عبيد
بمناسبة الاِحتفال باليوم العالمي للشعر الذي نظمته جمعية ابن عرفة بتونس يوم 21 مارس 2012
الشاعر المختار المختاري الزاراتي
هو ثالث الثلاثة من الذين لفحتهم شمس الجنوب
في عنفان العطاء هو
لا تكاد تراه جالسا إلا لينهض نشيطا من جديد لأنه حريص على نجاح اللقاءات الأدبية التي يشرف عليها في جمعية مراجعات وقد أضجت من أنشط الجمعيات الثقافية في تونس
هو ثالث شعراء ثلاثة كلهم إليها ينتسبون وينتمون إليها
في عزة وإباء
ألا وهي الزارات
واحة تمتدّ على ساحل خليج قابس مُتسربلةً في اللون الأخضر ومتوشّحةً هدوءً وسلامًا أزرق البحر
هو ثالث ثلاثةأولهم الشاعر أحمد اللغماني وهو من فحول الشعراء التونسيين
ثانيهم الشاعر مختار اللغماني وهو من أبرز الشعراء الطلائعيين
والثالث صاحبنا هذا ـ الزاراتي مختار المختاري ـ
صاحب هذه القصيدة التي تعبّر عن الحيرة الوجودية التي ما اِنفكت تلازم الإنسان الأول في عهود ما قبل فجر التاريخ إلى اليوم وقد عبّر الأدب التونسي القديم منذ اِعترافات القديس أوغسطين عن تلك الأسئلة حول الحياة والموت ناهيك عن تساؤلات أبي العلاء المعري في قصائد لزومياته وحيرة الغزالي في كتابه المنقذ من الضلال وهاهي قصيدة الزاراتي مختار تواصل حمل تلك الإرهاصات الإنسانية في شفافية البوح وقد أرخى الليل سُدوله ليبيّن تأرجحه بين الإيمان الوثوقي المطمئن وبين الحيرة الحارقة التي لا تهدأ ولا تستكين حتى كأني به يصل بعد هذه الحيرة إلى تخوم القول بوحدة الوجود في إيحاءات صوفية مشرقة بيّنت له الخيط الأبيض من الخيط الأسود…. قصيد تجديدي في معاني الوجود..
شيء من شيء ما
هذا الهدوء يخفي وجها ما
والليل نرجسيّ يحتمل التأويل
خارج السيطرة…
هذا الهدوء يسكن قاعا الأصناف
وأنا ما عدت أرتّب كلماتي
بما يصرف عنّي عقاب الصمت…
يا نرجسة اللّيل
يا منسيّة في خرافة تخفيها الذاكرة
عن تصابي الأجداد
يا حبّا يقف خارج مناطق الحياد
هذا الهدوء يسجن ما تبقى منّيا
في أصفاد الشوارع المكبوتة
بما يجب
وما لا يجب
من التعايش في هذي البلاد
وها أسقي التراب شذاك
واختم مشيئة الذهاب بغرس العناد
في أسطر يزرورق بحرها بحبر الليل
وخبر السواد…
و هذا الهدوء يخفي وجها ما
والليل نرجسيّ يحتمل التأويل
خارج السيطرة…
والهدوء استسلاما للغائب
في رقصة العبّاد…
أأكون ناسكا في الحبّ
أم من سلالة الزهّاد؟
أم أنني تركت جثتي مقبورة في صحراء
أولها كآخرها
موت وتشرّد وضياع وانقياد
لمطلق في مطلقه يرسم عدميّة الوجود
وانعدام الذات المرتلة في أوراد
ها أنا أعيش الليل وحدي
وأقبل على روحي برحابة روحي
لأثبت لي أنني عصيّ على التعداد
وأنني مفرد جامع
وأنني جمع زمن الآحاد…
وأنّك أضعت فرصة أخيرة
لتكوني خارج منطقة المزاد
لأنّ هذا الهدوء يخفي وجها ما
والليل نرجسيّ يحتمل التأويل
خارج السيطرة
وهذا الهدوء يسكن قاع الأصناف
وأنا ما عدت أرتّب كلماتي
بما يصرف عنّي عقاب الصّمت
واحتمال اختزال الحبّ
في تهمة الإلحاد
الشاعرة سليمى السرايري
أسمّيها ـ الفراشة التونسية ـ لأنها عاشقة الألوان فمن أحمر وأخضر إلى أصفر وأزرق تتوشح بها من الرأس إلى القدم بل من حقيبة يدها إلى قبعتها إلى حذائها أيضا وكل ذلك في انسجام وتناسق فتخالها وهي قادمة كأنها فراشة تحلق في الفضاء…
تلك هي سليمة السرايري ذات المواهب المتعددة فهي شاعرة وكاتبة ورسامة ونحاتة وإذاعية ولها في التزويق والتحف وحتى في ابتكارات موضة الأزياء لمسات رائعة وقد ساعدها على في ذلك نهلها من تراث الأمازيغ في الجنوب التونسي فأخذت منه نصاعة الألوان المشرقة والهندسات والرموز وجعلتها ميزة واضحة في إبداعاته التشكيلية خاصة مما أكسبها التفرد في هذا المجال الفني
أما شعر سليمى السرايري فهو تعبير عن وجدانها الكاشف عن شجونها وأحلامها وقد اتخذت الرموز والصور قناعا فأضحت بوحا يكاد يكون تصريحا بما فيه من توهج وصدق المعاناة فقصائدها أنات حينا وصرخات أحيانا واختلاجات ورغبات وأحلام وإرهاصات كامنة تتراوح بين القلق والشبق تنساق في لغة صافية رقراقة … وأنت حين تسمعها وهي تنشد شعرها بصوتها الحالم تجعلك ترفل أو ترفرف في فضاء جنتك الضائعة متابعة قراءة باقة من القصائد التونسية الجديدة
نماذج من شعر اللّهجة التونسية
سُوف عبيد
* كتبت هذه القصيدة إثر أحداث ثورة الخبز بتونس سنة 1984 التي سقط فيها عشرات الضحايا من بينهم الشاعر فاضل ساسي وحُوكم فيها عديد الشبّان بالإعدام وقد نشرتها بجريدة ـ الطريق الجديد ـ بتونس بتاريخ 16 ـ 6 ـ 1984
أيُّ حُزن !؟
كأنّه إلى الأبدِ
أيُّ شَعبٍ في هذا البلد
مَضى شتاءُ ثورةِ الخُبز
والجراح
وأتى صيفُ صُفوف المَوز
والتفّاح
هذا الصّباح
لن أقول ـ صباحَ الخير ـ لأحد
لن أمُدَّ لأحدٍ يدِي
لن أجلس مُستريحًا
سأجدُ مِسمارًا هذا الصّباح
في مقعدِي
***
هذا الصّباح
السُّكّر أسودُ مالح
والحليبُ بالبَرص
والقهوةُ كالبَوْل
وخُبزُنا
مُغَمَّسٌ بالدّم
صباحُ الخير
ِصباحُ الويْل
***
هذا الصّباح
لن تُشرقَ الشّمس
لن يتنفّس الصّبح
فهنالكَ
وراء الأسوار
هناك خلف الأبواب
عَشرُ أزهار
مُلقاةٍ على الإسمنتِ
ذابلةٍ مُختنقه
أطيارٌ عَشَرَه
ريشُها حَديد
مَناقيرُها صَديد
فَلا رَفْرفَهْ
ولا زَقزقَه
تنتظر
حَبلَ الْمِشنقَه
جِنينٌ…ويحَنا جَمرٌ على جُرح
مَدى الأعوامِ تَشريدٌ ونكباتُ
فَـصائـلٌ وأحْزابٌ تَـنـاحَــرت
إلى متى تُذكّيها الخِلافَــــات ؟
تَعِبنا مِن شِقاقات اﻷشقّـاء
فمَا جَدوى أحاسيسٌ وآهـاتُ
تَوابيتٌ…توابيتٌ…أمَا يكفِي
وأشلاءٌ…بِـهِمْ سَارتْ جَنازاتُ
هُمُ الفَلْذاتُ نُهديهم قَرابينَ
هُمُ الأحياءُ…أمّا نحنُ أمواتُ
نَعمْ مَوْتَى ونحنُ مُجْرمُو حَرْبٍ
وإلاّ أين أجْياشٌ …ورَاياتُ
وأينَ العدلُ فِي عَصر القُوَى العُظمى
وباقِي النّاس هُمْ فيهِ هباءاتُ
وأين الحقُّ ؟حقُّ الحُرّ وقّادٌ
وأينَ الفِعلُ…لا…إلاّ شِعاراتُ
وأين المالُ ؟مالُ النّفطِ أنهارٌ
وراءَ البحرِ مَجراهَا حِساباتُ
معَ الدّولار…بالمِلْيارِ…قدْ سِيقَتْ
ومِنْ قَصْرٍ إلى قَصر…وقَيْناتُ
ونحنُ الكدحُ طولَ العمر فِي صَبرٍ
لأجلٍ العِزِّ تَحدُونا طُمُوحاتُ
طُمُوحاتٌ مُناهَا الخيرُ والحُبُّ
كذَا نحيَا … ومَا فِينَا عَداواتُ
فَلا شَرقٌ ولا غربٌ…هيَ الأرضُ
لكلّ النّاسِ عند السّلم جنّات
كفَى ما قَدْ رأينَا فِي فِلسطينَ
كَمِ التّاريخُ يُشْجِينَا ونَجْماتُ
معَ الأحبابِ….فِي جِينينَ لُقْيانَا
بِرغْمِ اللّيلِ تأتينَا الصَّباحات !
* سُوف عبيد ـ تونس
ـــــــــ من غرائب المُصادفات ــــــــــــ
تلقّيت في الأيام الأخيرة رسالة عن طريق بريدي الألكترونية من جامعة مدينة نانسي Nancy في شمال غربي فرنسا يسألني أحد الباحثين فيها بعد أن اِطلع على ديواني المنشور في موقعي من أين أستنبط قصائدي أمِنَ واقع الأحداث أمْ من الخيال ؟ لأنه بصدد إنجاز بحث جامعي
فأجبت أنني أستوحي قصائدي من الواقع والخيال معًا